"ذا غارديان": واشنطن قد تتدخل في الأزمة الخليجية

"ذا غارديان": واشنطن قد تتدخل في الأزمة الخليجية

25 أكتوبر 2017
دول الخليج تتوقع تدخّل ترامب بالأزمة (بريندان سميالوسكي/فرانس برس)
+ الخط -
قالت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، إنّ دول الخليج تتوقع أن يتدخّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لإنهاء "الخلاف المرير" مع قطر، والذي أدى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.

وذكرت الصحيفة، في تقرير، اليوم الأربعاء، أنّ الولايات المتحدة، قلقة من أن تترسّخ الانقسامات، من جرّاء الخلاف المستمر منذ أربعة أشهر، بين حلفائها الرئيسيين في المنطقة، وتخشى من إمكانية أن يؤدي إلى إرغام قطر، موطن القاعدة العسكرية الأساسية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على إقامة علاقة أوثق مع إيران.

ومن المتوقع، بحسب الصحيفة، أن تمنح واشنطن، الوساطة الإقليمية التي يقودها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، فرصة أخرى، لمحاولة إقناع الأطراف "المتحاربة"، بالاجتماع في قمة مجلس التعاون الخليجي، المقرر عقدها في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ولكنها قد تتدخل بعد ذلك بوقت قصير.

ونجمت الأزمة الخليجية، من جرّاء إقدام السعودية والإمارات والبحرين ومصر، على قطع علاقاتها مع قطر، في 5 يونيو/حزيران الماضي، وفرضت عليها حصاراً برياً وجوياً، إثر حملة افتراءات، قبل أن تقدّم ليل 22 ــ 23 من الشهر نفسه، عبر الوسيط الكويتي، إلى قطر، قائمة مطالب تضمنت 13 بنداً تمسّ جوهر سيادة واستقلاليّة الدوحة.

ونقلت "ذا غارديان"، عن مساعد وزير الخارجية الأميركي تيم ليندركينغ، قوله، هذا الشهر، "لن ولا نستطيع إملاء شروط أي حل، لكنّنا سعداء بأن نكون حاضرين، بأي طريقة ترغبها الأطراف".

وأضاف أنّ الخطاب المحيط بالخلاف، بما في ذلك "الهجمات الشخصية والمهينة في كثير من الأحيان"، جعل وقف إطلاق النار اللفظي، شرطاً مسبقاً لإجراء أي محادثات، مشيراً إلى أنّ "هناك في الوقت الراهن، تآكلاً في الثقة بين قادة الخليج".


ولفتت الصحيفة إلى أنّ "دول الحصار، طلبت من قطر وقف دعمها المزعوم للإرهاب، وقطع علاقاتها مع إيران، وإنهاء محاولاتها التخريب في أنظمة هذه الدول"، مشيرة إلى أنّ "دول الحصار تدّعي أنّ الدوحة كانت تؤوي شخصيات رئيسية من حماس وحركة طالبان والإخوان المسلمين، وتموّل رجال دين منشقين في السعودية".

وذكّرت الصحيفة، بردّ رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في قطر عبدالعزيز الأنصاري، في مقابلة مع "ذا غارديان" نفسها، على الادعاءات بأنّ بلاده كانت لينة على الإرهابيين الذين حدّدتهم الأمم المتحدة، وهي قضية إسفين سعى من خلاله رباعي الحصار، إلى تأليب الرأي العام الأميركي.

وأضاف الأنصاري، "نستفيق كل يوم على قائمة موضوعة جديدة من الإرهابيين المزعومين تقول الدول المحاصرة إنّنا نؤويهم وعلينا أن نزج بهم في السجن، ولكنْ هناك نظام دولي للتعامل مع مثل هذه الحالات".

وأشار الأنصاري، إلى مذكرة التفاهم الثنائية التي وقّعتها قطر مع الولايات المتحدة بشأن مكافحة تمويل الإرهاب، موضحاً أنّ المذكرة "تشكّل نموذجاً يمكن لبلدان أخرى في المنطقة أن تحذو حذوه. على العالم كلّه أن يتعاون في تبادل المعلومات لأنّ التأخير في ذلك يمكن أن يسبب كارثة. لقد قمنا بتنشيط كافة الوكالات الحكومية ذات الصلة في قطر، وتم وضعها للعمل بشكل مشترك تحت مظلة واحدة".

ولفت الأنصاري، إلى أنّه تم فرض حظر السفر وتجميد الأصول، ضد جميع الذين صنّفتهم الأمم المتحدة "إرهابيين" في قطر، ووضع قائمة محلية لإرهابيين محدّدين، وثلاثة رجال يواجهون المحاكمة مرة أخرى، بعدما سبق وأن تم تخليتهم بسبب عدم وجود أدلة إثباتية ضدهم، آنذاك.

وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع، وفق ما كشف الأنصاري للصحيفة، أن يُسمح لعدد قليل من موظفي الخزانة الأميركية، بالعمل داخل حكومة قطر.

وفي الوقت عينه، فإنّ المسؤولين القطريين، بحسب الصحيفة، يشيرون إلى أنّ التمويل الخارجي لم يعد محورياً في جزء كبير من الإرهاب الذي يصيب أوروبا.

وفي هذا الإطار، قال الأنصاري، إنّ "معظم الإرهابيين في أوروبا لديهم سوابق كمجرمين ومدمنين على المخدرات، فضلاً عن مشاكل في المدرسة، ويتم تجنيدهم من قبل داعش من الإنترنت".

وأشارت الصحيفة، إلى أنّ مدير مكتب الاتصالات الحكومي في قطر، حذّر من أنّ السعوديين يعرّضون الأمن الإقليمي للخطر، من خلال رفضهم إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة، في حال مشاركة قطر.

وقال الشيخ سيف آل ثاني، إنّ "الولايات المتحدة ما كانت لتقيم أبداً قاعدة عسكرية هامة في قطر، لو كان في اعتقادها أنّ هذا البلد هو عش للإرهاب".


في المقابل، قال أحد كبار سفراء دول الحصار لم تسمه الصحيفة، إنّ الإجراءات التي اتخذتها الرباعية، نجحت في إلقاء الضوء على السياسة الخارجية لدولة قطر، مما اضطر المجموعة الضيّقة حول الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بحسب زعمه، أن تكون أكثر حذراً مما كانت عليه في ذروة الربيع العربي 2011.

وادّعى السفير، بحسب الصحيفة، أنّ "تدخل قطر في ليبيا وسورية وغزة قد تضاءل، مما أفسح المجال أمام السياسة الخارجية البديلة المناهضة للإسلاميين، من قبل الإمارات والسعودية للبدء في تحقيق ثمارها".

وليس من قبيل المصادفة، وفق ما تنقل الصحيفة عن السفير، أنّ "الجنرال خليفة حفتر، الذي تدعمه الإمارات ومصر، بات يهيمن على الوضع في ليبيا، أو أنّ حركتي فتح وحماس، بدأتا الاندماج، وهو أمر ساعدت وزارة الخارجية الإماراتية في هندسته".

من جهتها، تشير قطر، بحسب الصحيفة، إلى أنّ ترحيل ممثلي "طالبان"، مرتبط برغبة الولايات المتحدة في ذلك.

ونقلت "ذا غارديان"، عن مسؤول قطري، قوله إنّ "الأمير الجديد، ولدى خلافته والده في عام 2013، نفسه وعد بخفض التركيز على السياسة الخارجية لصالح الإصلاح المحلي، بما في ذلك التعليم. لقد حدث ذلك".

وترك انهيار الربيع العربي، الذي كان يُعتبر تهديداً وجودياً للنظم الاستبدادية، قطر، أمام خيارات أقل، لكن الخطر، وفق "ذا غارديان"، هو أنّه في منطقة لا تريد فيها أي ملكية أن يُنظر إليها على أنّها خاسرة، وحيث العلاقات الشخصية آخذة في التدهور، يمكن أن تكون إيران المستفيد الأكبر حتى الآن.

وبخلاف السعودية، لم تمدح قطر إصرار ترامب على إلغاء الاتفاق النووي الإيراني، بحسب الصحيفة.

وفي كل الأحوال، حذّر لينديركينغ من وزارة الخارجية الأميركية، من أنّ "هذا النزاع لا يتطوّر نحو الأفضل مع مرور الوقت".