"دير مار سابا" احتفالات الميلاد من دون نساء

"دير مار سابا" احتفالات الميلاد من دون نساء

25 ديسمبر 2016
يحتفلون في الدير من دون إشراك النساء (العربي الجديد)
+ الخط -

بدأت الطوائف المسيحية تحتفل بأعياد الميلاد، لكن ثمة رجال يحتفلون بالعيد من دون النساء، في دير بعيد يُدعى "مار سابا"، يقع في أقصى شرقي مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، لالتزامه بمعتقدات دينية عمرها أكثر من 1500 عام.

يقع الدير، الذي يشكل قطعة خلابة، في وادٍ سحيق جدا اسمه "وادي النار"، ويبعد عن حدود بلدية العبيدية كيلو ونصف الكيلومتر، وعن مدينة القدس حوالي 18 كيلومترا، ويقصده في العام الواحد حوالي 120 ألف سائح من مختلف الديانات، معظمهم من اليونان وأوروبا الشرقية.

يعود تاريخ الدير إلى مجموعة من العُباد والنُساك الذين فروا من الإمبراطورية الرومانية آنذاك حين كانت المسيحية ديانة محظورة، وعاشوا في منطقة وادي النار شرقي بلدة العبيدية المليئة بالكهوف والتي شكلت ملاذا آمنا لهم.

عام 455 ميلادية جاء راهب من أصول تركية، يُدعى مار سابا، إلى المنطقة بغرض التعبد، وتوجه إلى هناك، وبدأ يتعبد، ولحق به حوالي 1500 راهب وأصبحوا من أتباعه، وسكنوا جميعهم في الكهوف القريبة.



ويقول الكاتب والمؤرخ يوسف جدوع، لـ"العربي الجديد"، إنّ مار سابا وضع حجر الأساس للدير عام 484 ميلادية، وانتقلوا جميعهم من الكهوف إلى الدير الذي يقع في شق صخري عميق، وأصبح يتبع لطائفة الروم الأرثوذكس.

المشهد هناك خلاب جدا، يتّحد مع جمال الطبيعة التي يبدو عليها مظهر صحراوي، بعيد بعض الشيء عن الحياة العامة، وهو ملاذ سياحي للعديد من محبي التعرف على الأماكن الأثرية، يعتلي الجبل وسفحه، ويتوسط الصخور، لذا يأخذ المكان جماليته منه.

تمنع النساء، بحسب جدوع، من الدخول إليه والتعبد فيه، نتيجة لبعض المعتقدات والأساطير التي يتمسك بها الرهبان، كأن يحدث زلزال في حال لو دخلته النساء، حتى إن مار سابا نفسه أسكن أمه في دير بعيد في مدينة بيت لحم.

ترغب الكثير من النساء في زيارة الدير، ويسمح لهن فقط بالوصول إلى المدخل الرئيسي، لكنه لا يسمح لهن بالتعبد، لذا بنى لهن، على يد أحد الأباطرة الرومان في الجهة المقابلة، مبنى يسمى قصر البنات، يطل على الدير، ويسمح لهن بالمكوث والمبيت بالقرب منه.

يقول جدوع، إن الدير دُمر أكثر من مرة بفعل الحروب وظروف الطبيعة، وهجر أكثر من مرة بسبب الفقر، ما يجعل الرهبان متمسكين بأسطورة أنه قد يتعرض لزلزال مدمر في حال دخلته إحدى النساء.

الراهب "مار سابا" تُوفي عام 504 ونقل الصليبيون جثمانه إلى البندقية في إيطاليا ومكث إلى أن أعيد عام 1965 بفعل الأساطير ذاتها، وجثمانه في الدير حتى اليوم، في تابوت يمكن للزوار معاينته عن قرب.