"داعش" ومخاطر اقتحام بغداد

"داعش" ومخاطر اقتحام بغداد

26 مايو 2015
هل تسقط بغداد في أيدي "داعش"؟ (فرانس برس)
+ الخط -
اقتحام داعش بغداد أو علي الأقل اقتحام أطرافها بات وارداً. هذا الكلام ليس مبالغة مني، بل بات سقوط بغداد في أيدي "داعش" محتملاً وغير مستبعد حسب بعض التحليلات، ودخول التنظيم عاصمة العراق ورمز الخلافة الإسلامية بات مسألة وقت ربما لن يطول، خاصة ونحن نتحدث عن أن عناصر التنظيم باتت على مسافة 20 كيلومتراً فقط من أطراف بغداد.

تدعم الاحتمالَ أمورٌ كثيرة، فمن كان يتصور سقوط 11 مدينة عراقية في أيدي داعش خلال أشهر لم تتجاوز العام، ومن كان يتخيل، أن يسيطر التنظيم على أكثر من 40% من مساحة العراق و25% من سورية؟

حدث ذلك في مدن صلاح الدين والفلوجة والبغدادي ونينوى وغيرها، ومن كان يتخيل، مجرد تخيل، أن يسيطر التنظيم على محافظات عراقية كبرى مثل الأنبار، وتوسيع رقعته الجغرافية في البلاد؟

دعك من كل ذلك، ودعك من كلام المسؤولين العراقيين حول المعارك الوهمية والعنترية، التي سيخوضها الجيش العراقي خلال أيام لاستعادة مدن كبرى مثل الأنبار وغيرها من المدن الاستراتيجية، خاصة التي يوجد بها حقول نفط، ولننظر إلى تصريحات مسؤولين بارزين في التحالف، ومنهم وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، حول قدرات هذا الجيش المخيبة للآمال، خاصة في معركة الرمادي، وكيف يمكن أن يتهاوى في سويعات أو أيام كما تهاوى قبل ذلك خلال اجتياح تنظيم "داعش" مدينة الموصل في شهر يونيو/ حزيران 2014؟

ولنأخذ في الاعتبار أيضاً أن هناك أكثر من 8 آلاف مقاتل من "داعش" باتوا مستعدين لاقتحام العاصمة بغداد.

كما يجب أن نتعامل بجدية مع تصريحات زعيم تنظيم "داعش" التي قال فيها: "معركتنا المقبلة في بغداد وكربلاء"، ولقاؤنا في بغداد وكربلاء، علماً بأن الرجل أطلق تصريحاته المثيرة للجدل مرتين، في أسبوع واحد.

مع كل هذه التطورات المتوقعة والمؤلمة لأي عربي حر، يقفز للذهن سؤالان مهمان هما: ما الذي أدى إلى تدهور العراق بهذا السيناريو الكارثي حتى ننتظر سقوط عاصمته التاريخية أو على الأقل سقوط أطراف منها، وماذا سيترتب على سقوط بغداد إن حدث لا قدر الله؟

الإجابة على السؤال الأول تكمن في الفساد المالي الذي بات ينخر الدولة العراقية ومارسه رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، على أوسع نطاق، حيث حول واحدة من أغنى الدول العربية الثرية بالنفط إلى بلد يلجأ للاقتراض الخارجي لسداد رواتب موظفيه، ويكفي أن نقول إن اللجنة المالية بالبرلمان العراقي أعلنت مؤخراً عن خسارة البلاد 360 مليار دولار، بسبب عمليات فساد وغسيل أموال، جرت لمدة 9 سنوات وفي الفترة ما بين عامي 2006 و2014، وهي الفترة التي حكم فيها المالكي البلاد، كما يتواصل الفساد المنظم في عهد حكومة العبادي الحالية.

أما بالنسبة لاحتمال سقوط بغداد في أيدي داعش، فقد تفتح الخطوة باب جهنم أمام المنطقة كلها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. صحيح أن الخطوة قد تسهل حل الأزمة السورية المعقدة في حال انتقال أفراد التنظيم من الأراضي السورية إلى العراق، لكن قد يعقدها في حال إعلان التنظيم بغداد عاصمة للدولة الإسلامية والاستمرار في السيطرة على ربع سورية.

اقتصاديا، سيطرة "داعش" على بغداد أو أجزاء منها ستؤدي إلى زيادة المخاطر في المنطقة، وبالتالي فرار ما تبقي من الاستثمارات الأجنبية والسياحة منها لصالح دول أخرى، كما ستؤدي لزيادة إنفاق الدول العربية، على الجانب العسكري والأمني، وهو ما يرهق موازنات دول المنطقة، التي هي متعبة أصلاً بسبب تهاوي أسعار النفط.

كما ستعني الخطوة استمرار تدهور الاقتصاديات العربية، خاصة المجاورة للعراق أو القريبة منها، كالأردن وسورية ولبنان، وقد يجر سقوط بغداد أو حتى أطراف منها إيران لخوض حرب للدفاع عن العاصمة والتواجد الإيراني القوي فيها، وكذا الدفاع عن جنوب العراق وتحديداً مدينة البصرة، معقل الشيعة والنفط، وهو ما قد يضيع عليها الثمار، التي يمكن أن تقطفها من إبرام الاتفاق النووي الشهر المقبل، والتي يقدرها بعضهم بنحو 100 مليار دولار.

اقرأ أيضاً: جولات للفسدة في السجون

المساهمون