"حمار سلوان الأبيض" لم يسلم من اعتقال الاحتلال الإسرائيلي

"حمار سلوان الأبيض" لم يسلم من اعتقال الاحتلال الإسرائيلي

27 ديسمبر 2017
خلال اعتقال الحمار (تويتر)
+ الخط -

صادر جنود الاحتلال الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، "حمار سلوان الأبيض"، خلال حملة واسعة النطاق نفّذتها طواقم مشتركة من بلدية وشرطة الاحتلال ودوائره الضريبية المختلفة.

المشهد وقد توسّط الحمار الأبيض قوة عسكرية رافقته إلى شاحنة احتجاز نُقل إليها، بدا لافتاً ومضحكاً، في آن واحد، لأهالي القرية الذين اعتادوا على حملات دهم لمنازلهم واعتقال أبنائهم بتهم مقاومة الاحتلال. لكن أن تُرسَل قوة لتصادر حمارا وتقتاده إلى مصير مجهول، لم يحدث في تاريخ القرية أبداً.

وقال أحد سكان القرية، في مقطع فيديو وهو يراقب عملية احتجاز الحمار ساخرا مستهزئا: "حتى الحمار لم يسلم منهم...". في حين قال آخر لـ"العربي الجديد"، وهو محمد سمرين: "حسناً، علينا أن نخفي حميرنا ودوابنا بعيدا عن أعين الاحتلال ومستوطنيه الذين باتوا يخشون حيواناتنا، وقد بات أطفالنا مصدر خوف وقلق دائمين لهم".

فيما عُلم أن سبب احتجاز حمار سلوان الأبيض ومصادرته، أن صاحبه لم يحصل على ترخيص إسرائيلي لاقتنائه من دوائر الاحتلال المختصة، ويُقصد بذلك وزارة الزراعة ودائرة البيطرة في بلدية الاحتلال، كما قال لـ"العربي الجديد"، جواد صيام، مدير مركز معلومات وادي حلوة، الذي يتخذ من سلوان مقرا له ويرصد انتهاكات الاحتلال يوميا، سواء في البلدة أو في حدود مدينة القدس المحتلة.

وأكد صيام أن صاحب الحمار، من عائلة العباسي، يرفض التصريح باسمه، كي لا تُفرض عليه غرامة مالية مثل التي فُرضت على مواطن آخر من البلدة، لاقتنائه رأسين من الغنم من دون تصريح من الاحتلال بذلك.

الحادثة، كما يقول العديد من أهالي بلدة سلوان الذين يقتنون مواشي وطيورا ودواب، دفعت بهم إلى إخفاء ما لديهم منها عن أعين الاحتلال الذي بات يستهدف حيواناتهم، في حملة يصفونها بأنها غير مسبوقة في تاريخ البلدة، والتي استؤنفت منذ ساعات صباح اليوم الأربعاء، على نحو ما كانت عليه بالأمس.

وقال صيام لـ"العربي الجديد": "من الواضح أن ما يجري، حملة من العقاب الجماعي تتخذ أشكالا عدة، وتتراوح ما بين استهداف الفتية والشبان بالاعتقال والحبس المنزلي وفرض الغرامات المالية عليهم لاستنزاف عائلاتهم ماليا، ومعاقبتهم اقتصاديا ومعيشيا من خلال ضرب بعض مصادر الرزق، بمصادرة حيواناتهم ومواشيهم وطيورهم، وهدم منشآتهم الزراعية والصناعية والتهديد بهدم منازلهم، من خلال ما سلم من إخطارات هدم، ومصادرة ممتلكات، لينشغل الناس في البلدة بتصريف أمور حياتهم اليومية وإرهاقهم ماديا، لينصرفوا عن مقاومة الاحتلال ومستوطنيه".

ما حدث في بلدة سلوان، أمس الثلاثاء واليوم، أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بمزيد من التعليقات الساخرة، حين تعلّق الأمر بمصادرة الحمار، وعديد العساكر الذين رافقوا الحمار من كلا الاتجاهين في موكب عسكري لافت ومضحك، وربط هؤلاء بين الحمار وصلة قرابة محتملة له مع عضو الكنيست من الليكود، أورن حزان، الذي تهجّم على أمهات الأسرى الفلسطينيين في قطاع غزة، وتفوه بعبارات عنصرية ضد أبنائهنّ الأسرى.

وعلّق الإعلامي علي عبيدات، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ساخرًا: "صرح ناطق باسم شرطة الاحتلال أن اعتقال الحمار من حي بئر أيوب في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك جاء بعد الاشتباه بوجود صلة قرابة بينه وبين عضو الكنيست، أورن حزان".

وأضاف أن "الحمار" و"حزان" سيخضعان لفحوصات الـ"دي إن إيه" بشكل متزامن في مستشفى شعاري تصيدق بالقدس، في ساعة متأخرة من مساء اليوم".

في حين، علّق الناشط خلدون البرغوثي، من رام الله، على صفحته على "فيسبوك"، قائلاً:
"حزب حمير الحارة (حاحاحا) يشجب الادعاء بوجود صلة قرابة للحمار المعتقل مع حزان، ويرفض المسّ بالمكانة الحمارية".

بينما دعا ناشط آخر من بلدة سلواد، وهو مراد الغول، إلى مسيرات تطالب بتحرير الحمار من الاحتجاز، فكتب على صفحته: "على كل حمايل وأهالي سلوان والمكبر الخروج في مسيرات تنديد وعقد اجتماعات عاجلة لخروج حمارنا العزيز".

وبالنسبة لجمال عمرو، الخبير المختص في شؤون القدس والمقدسات، فالقضية لها أبعاد أخرى، أولها يتصل بالاحتلال ونظرته العدائية لكل ما هو فلسطيني، حتى ولو على شكل ممتلكات كالحمار، وثانيها له بعد ديني يرتبط بنظرتهم التاريخية للحمار وتقديسهم له.

يضيف عمرو، في حديثه لـ"العربي الجديد": "طالما أن الحمار مملوك لفلسطيني فهو عدو وكافر، ولا يعامل معاملة التقديس لحمارهم، حيث يحتفلون بهم ويحملونه على أكتافهم، أي أن الحمار في ديانتهم له حظوة كبيرة، تماما كما هي حظوة الكلاب والبقر، علما أن الحمار في تقديسهم له كان وسيلة تنقلهم وسفرهم".

ويشير عمرو إلى أن قصة حمار سلوان ليست الأولى، فقد سبق أن تعرّض حمار للاحتجاز أو "الاعتقال"، قرب نابلس، بذريعة دخوله منطقة ج من دون تصريح، وجرى تغريم صاحبه آنذاك، في حين فرض على الحمار أمر يحظر عليه دخول تلك المنطقة.

وأضاف: "رغم أن حمارهم مقدس، إلا أن الحمار الفلسطيني عدو لهم، وعلى هذا الأساس تعاملوا مع حمار سلوان بالاحتجاز، ولا أدري ما حل بمصيره. هل ما زال حمارنا يخضع للتحقيق من قبل أحد حميرهم.. أم أطلق سراحه".

دلالات

المساهمون