"حكايات الحسن والحزن".. مفارقات يفصل بينها نهر

"حكايات الحسن والحزن".. مفارقات يفصل بينها نهر

09 اغسطس 2015
منحوتات لـ أحمد عسقلاني
+ الخط -

في مفتتح "حكايات الحسن والحزن"، استطاع أحمد شوقي علي (1988) أن يختزل عالم روايته بأكملها، وربما لا يدرك القارئ ذلك إلا بعد أن ينهي الحكاية ويعود إلى الجملة الافتتاحية، ليجد أن الحكاية كلها كانت هناك.

تنشغل الرواية الصادرة عن "دار الآداب" هذا العام، بحكاية بين عالمين يبدو أحدهما غرائبياً بكل شخوصه، والآخر واقعياً، لا مسافة مكانية تفصل بينهما سوى نهر. وهما العالمان اللذان تعيش فيهما الشخصيات نفسها (الواقعية/ الغرائبية)، والتي تتحرّك مع مصائرها "بين أرض الجوافة وأرض الزيتون".

يُقبل الكاتب المصري على التجريب مستعملاً لغة تظلّ طوال الرواية مليئة بالمفارقات، لغة يحكيها "عفريت" نكتشف في نهاية العمل أنه أحد شخوص الرواية بالفعل.

على مستوى البناء، لا يبدو الكاتب منشغلاً بمتطلبات البناء التقليدي، ولا البحث عن حبكة أدبية من أجل الاستعراض، بقدر ما تشغله حالة أشبه بالغطس في كتابة اللاوعي ومزجها بوعي يقظ، حتى إنه يبدو غير مهتم ببناء شخصيات على الطريقة المحفوظية أو الديستويوفسكية، كي تظهر لقارئها من "لحم ودم"، فجميع الشخصيات في رواية "حكايات الحسن والحزن" هي أقرب إلى حالات سيكولوجية.

مثلاً، تقابلنا شخصية "خامل" في الرواية وهي حالة "من رائحة النوم ورائحة النهر ورائحة القلق ورائحة الدم"، أو شخصية "مسعدة" التي أوشت بها لكنتها الصعيدية داخل الرواية فعرفنا أنها أرملة صعيدية؛ هي ليست ذلك الجلباب الواسع ووشم الذقن وخلافه من الإكسسوارات، بقدر ما هي حالة من الحزن غير المتناهي وحالة من الصمت والغياب والقلق.

يُؤخذ على "حكايات الحسن والحزن" أنها تخلو من الزمن الروائي، بحسب الشاعرة المصرية فاطمة قنديل في أحد النقاشات.

وكأن المؤلف هنا أيضاً لا يعير اهتماماً لمفهوم الزمن الروائي؛ فالأفعال سواء كانت ماضية أم مضارعة أم مستقبلة هي زمن روائي بالنسبة له، وهو في ذلك قريب ممّا نظّر له ماريو فارغاس يوسا عن تطوير الزمن الروائي إلى تداخل بين ما هو واقعي كرونولوجي وآخر داخلي سيكولوجي، وهذا الزمن الثاني يمكننا أن نرى شيئاً منه في الرواية من خلال استغراق الشخصيات داخل تجارب انفعالية تنوّعت بين تجارب حادّة ومهيّجة.

يقول يوسا في كتابه "رسائل إلى روائي شاب": "إن الزمن السيكولوجي يفرضه قانون الفناء المحتم الذي يخضع له كل ما هو موجود ليترك القارئ عالقاً في متاهة زمنية دون أي إمكانية للخروج منها"، وهو الأمر الذي استغرق فيه المؤلّف، عندما مضى بشخصياته إلى فناء محتم في النهاية.

تتكاثر في الرواية المفارقات إلى درجة تبدو فيها غير مطلوبة، مثل تشكيل الأسماء: مسعدة، رئيسة، سفيرة. وهي أسماء ربما فرضها العفريت "غريب" في مجمل مفارقاته، غير أنها خلت من الدهشة أو الحنكة.

المساهمون