"جريمة في رام الله": مصادرة واعتقال

"جريمة في رام الله": مصادرة واعتقال

06 فبراير 2017
(عبّاد يحيى في توقيع روايته الأولى عام 2012)
+ الخط -

في سابقة وصفت بالخطيرة، أصدر النائب العام الفلسطيني اليوم الإثنين، قرارا بـ"ضبط كافة نسخ" رواية "جريمة في رام الله" للروائي الفلسطيني عبّاد يحيى، والمعروضة للبيع لدى المكتبات والمحلات ونقاط بيع الكتب في كافة المناطق التابعة للسلطة الفلسطينية.

بالإضافة إلى قيام "النيابة العامة الفلسطينية" بـ"تسطير مذكرات إحضار لكل من المؤلف والناشر الموزع ليتم استكمال إجراءات التحقيق حسب الأصول والقانون" بحسب بيان صحافي صادر عنها. وقد علمت "العربي الجديد" أن أفراداً من المباحث الفلسطينية قاموا، قبل ساعات، باعتقال موزّع الرواية فؤاد العكليك (الرواية صادرة عن "منشورات المتوسط" في ميلانو). 

ووفق بيان صادر عن "النيابة العامة"، فإنه "استنادا للتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة" بخصوص رواية "جريمة في رام الله"، فإنه "ورد فيها نصوص ومصطلحات مخلة بالحياء والأخلاق والآداب العامة، والتي من شأنها المساس بالمواطن ولا سيما القصر والأطفال حماية لهم ووقاية من الانحراف، بما يتنافى مع الاتفاقيات الدولية ومنظومة القوانين الفلسطينية ذات العلاقة سيما قانون المطبوعات والنشر، قانون العقوبات، قانون حماية الأحداث وقانون الطفل الذي حظر نشر أو عرض أو تداول أي مصنفات مطبوعة أو مرئية أو مسموعة تخاطب غرائز الطفل وتزين له السلوكيات المخالفة للنظام العام والآداب العامة".

وهي توصيفات اعتبرها مراقبون تفسيرات متجنية وكيدية وبمثابة تحريض تشارك به "النيابة" ضد الكاتب وضد حرية التعبير، إذ إن الرواية ليست موجهة للأطفال، وبهذا المنطق الذي تستعمله النيابة فإن المنع والمصادرة ستطال آلاف الكتب الموجودة في المكتبات الفلسطينية.

من جانبه، كتب الروائي يحيى تعقيباً في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بشأن قرار النيابة العامة الفلسطينية مصادرة روايته "جريمة في رام الله" واستدعائه للتحقيق، وقال: " قبل قليل وصلني خبر عبر وكالة وفا الرسمية عن قرار النائب العام بمصادرة كل نسخ روايتي جريمة في رام الله من المكتبات، وإصدار مذكرات إحضار لكل من المؤلف والناشر الموزع، ليتم استكمال إجراءات التحقيق حسب الأصول والقانون".

وتابع: تأكدت من الموزّع أن الشرطة تصادر الرواية من المكتبات، وأمس اتصلت بي سيدة من "نيابة الجرائم الاقتصادية" أعلمتني باستدعائي للنيابة، وحين السؤال عن السبب قالت إنه متعلق بالرواية وحصولها على التراخيص والأذونات، فأخبرتها أنني المؤلف ولا يوجد ترخيص أو إذن يلزمني الحصول عليه، وأن الأمر مرتبط بالناشر، مع علمي أن الكتب في فلسطين لا تحتاج إلى فسح أو ما شابه، فطلبت مني معلومات الناشر".

وقال: "تبين لي أن هنالك عدم وضوح في المعلومات التي لدى المتصلة بي، وحين أخبرتها أنني مسافر خارج فلسطين لمدة أسبوعين، طلبت رقم هويتي وأخبرتني بضرورة الاتصال بهم حين أعود لرام الله".

واستدرك "قبلها بعدة أيام استدعى وكيل وزارة الإعلام في رام الله موزع الرواية في فلسطين صاحب الدار الرقمية وبلّغه أن المستشار القانوني للوزارة يتابع التحرّك إزاء الرواية، وأمس تواصلت مع محام لأوكله بمتابعة الأمر، فلا مشكلة لديّ مع الإجراء القانوني الاعتيادي، وأحرص على التحرّك ضمن القانون بشكل كامل، وبما يحفظ كل حقي".

ولفت الروائي يحيى إلى أنه تواصل مع "الهيئة المستقلة لحقوق المواطن" وأخبره محاموها أنهم مهتمون بالقضية وسيتابعونها ووصفها أحد المحامين بالسابقة في تاريخ المحاكم الفلسطينية، فلم يحصل يوما أن تم استدعاء كاتب بسبب كتابه.

وقال يحيى: "المهم هنا يا أعزاء، أنني أبدي كل القلق والاندهاش والاستغراب من هذا القرار ومن كل توابعه من تحقيق ومصادرة. أنا مندهش وقلق على واقع حرية الإبداع والتعبير والنشر والكتابة، ومصدوم فعلا من حدوث ما يجري وبهذه الطريقة!".

وأكد الروائي يحيى "طوال فترة الجدل بشأن الرواية على فيسبوك وغيره لم أعلّق، لأنني لست بصدد جدل أدبي عن طبيعة الأدب اليوم وأمس وماذا يقول وأي مساحات يطرق، خاصة حين يقارب واقعيا وخياليا حيوات متعددة. لا فائدة من الرد على الاجتزاء المتعمد، والجهالة المقصودة، وإطلاق الأحكام دون حتى قراءة الرواية أصلا، ونزع كل الفقرات المتداولة من سياقها الكامل. أما التهجم على شخصي والتهديد الذي يطالني فحقي القانوني واضح وسأتابعه مع كل شخص تهجم أو شهّر أو هدد".

وشدّد على أنه "مهم هنا التأكيد على خصوصية النص الأدبي والروائي، وسياقاته ولغته ومقتضياته الفنية، وهذا ما لا أتنازل عنه ككاتب، هذه حريتنا ببساطة".

وقال: "أعتقد، وهذه لكل الأصدقاء العاملين في المجال الثقافي، أننا نواجه تحديا، وغير مسبوق، والموقف الواضح من الجميع مطلوب، وأنا متأكد أننا في فلسطين تجاوزنا هذه الحالة، ولن يقبل أحد بنقض كل منجز الأدب والثقافة في فلسطين، عبر باب التضييق والمصادرة، أتمنى ألا يتطور الأمر إلى أسوأ، مع قلقي الشديد وبكل صراحة".

وتابع صاحب "رام الله الشقراء" (2012): "أشكر كل من يتصل ويتواصل وأرجو منكم إيصال هذه التفاصيل إلى كل مهتم. جهدكم أساسي وضروري يا أصدقاء". هذا ويذكر أن دعوات إلى التضامن مع الكاتب والموزّع وضد إجراءات المنع بدأت تأخذ بوادرها على مواقع التواصل الاجتماعي فلسطينياً وعربياً.

المساهمون