"ثلاثي جذور"... تأليف الموسيقى والجغرافيا

"ثلاثي جذور"... تأليف الموسيقى والجغرافيا

28 سبتمبر 2018
عبد الوهاب الكيالي في أحد عروض الفرقة (فيسبوك)
+ الخط -
قليلةٌ هي الفرق العربية التي ما زالت تُعنى بتقديم الموسيقى الآلية المشرقية عموماً، وموسيقى منطقة بلاد الشام بالتحديد. غالباً، تتّجه معظم الفرق إمّا نحو الغناء، أو تنزع أكثر نحو الموسيقى الإلكترونية، مُرتكزةً على قوالب غربية، أبرزها الروك. في لبنان، تشهد بعض التجارب تنويعاً بين الموسيقى الغنائية، وتلك الآلية، التي تنتمي إلى التراث الموسيقي العربي، مثل غادة شبير وريما خشيش وفرقة "أصيل". في فلسطين، ثمّة تجارب - جاءت بعد سيمون شاهين وخالد جبران - مثل أحمد الخطيب ومحمد نجم ونزار روحانا وباسل زايد. وفي الأردن، ثمّة طارق الجندي وطارق الناصر، "ثلاثي جذور"، الذي يُقام له اليوم حفل يستضيفه "مسرح حليم السلفيتي" في عمّان.
تقدّم "جذور"، التي تأسّست عام 2012، مجموعةً من القطع الموسيقية، بعضها من تأليف أعضائها، وأخرى هي قطع تراثية أو حديثة من تركيا واليونان وبلاد الشام. في حديث سابق إلى "العربي الجديد"، قال عازف العود عبد الوهاب الكيالي، وهو أحد أعضاء الفرقة: "التقاطعات بين الموسيقى العربية ونظيراتها التركية واليونانية (والأرمنية والإيرانية والكردية) كبيرة جدّاً". يضيف: "الموروث الموسيقي العربي مشابه بصورة كبيرة للموروث الموسيقي لتلك البلاد. فالمنطقة العربية تتشارك معها في الجغرافيا والطقس والمواسم والمحاصيل والمزروعات ونمط الحياة". ويوضّح: "نأكل الطعام نفسه تقريباً، ولنا مقولات وعادات اجتماعية وطبائع كثيرة مشتركة، فكيف لا يكون لدينا الموسيقى نفسها؟". لطالما أثّرت موسيقى تلك البلاد على الموسيقى العربية والعكس صحيح. مثلاً، نجد أنّ لحن أغنية "قدك الميّاس" نفسه موجود في تركيا واليونان بكلمات مختلفة، يبيّن الموسيقي. إلى جانب الكيالي، تضمّ الفرقة كلّاً من يعرب سميرات (كمان) وفادي حتّر (تشيلّو).
يؤكّد الكيالي اهتمام الفرقة بتقديم مؤلّفات أعضائها؛ "لما في ذلك من تعبير أكبر عن شخصيّتها"، موضّحاً: "لا يمكن للفرقة أن تُسهم في المشهد الموسيقي العربي، إلّا إذا قدّمت ما هو جديد أيضاً، من عملها الخاص. وحتّى حين نؤدّي قطعاً من التراث أو من تأليف الآخرين، نحاول أن نوزّعها بطريقة جديدة ومختلفة، تناسب تركيبتنا الآلية".
هنا، نلفت إلى الموسيقي يعرب سميرات، الذي صدر له قبل أكثر من عامين ألبوم "يا سلام". عند الاستماع إلى العمل، نلاحظ أن سميرات وظّف ببراعة معادلة السهل المُمتنع؛ سواءً أكان ذلك بالجملة الموسيقية، أو التوزيع، وليس انتهاءً بالبناء العام ومنطقية التطور الدرامي؛ كأنه أراد إعادة تفكيك عناصر المقطوعة الموسيقية كنمط وقالب وموروث، وتقديمها مصهورةً بعناصر موسيقية حديثة. هذه التوظيفات التي اشتغل عليها الفنان في عمله، جاءت نتاج صقله لموهبته أكاديمياً؛ حيث تخصّص في الأداء على آلة الكمان في "الأكاديمية الأردنية للموسيقى"، وهندسة الصوت من "الكلية الأسترالية" في عمّان، كذلك تابع دراسته العليا في كلية "بيركلي" للموسيقى في إسبانيا.

المساهمون