"بيروت آند بيوند"... ما بعد الختام

"بيروت آند بيوند"... ما بعد الختام

11 ديسمبر 2018
أعمال موسيقية تقترب من الشارع وقضاياه (فيسبوك)
+ الخط -
يترك مهرجان "بيروت آند بيوند"، الذي اختُتمت أول أمس دورته السادسة، أبواباً كثيرة من الأسئلة مفتوحةً في وجه الجمهور، والنقّاد، والمهتمين في المشهد الموسيقي العربي المعاصر. أسئلة تتقصّى الموسيقى البديلة، ومفهومها، والآفاق التي تقترحها على المُستمع.
إحدى عشرة فرقة مستقلة، عرضت أعمالها على مدار أربعة أيام (6 - 10 ديسمبر/كانون الأول). إلى جانب العروض، كانت هناك، أيضاً، حلقات نقاشية، يُقيمها بعض الفنانين المشاركين، أو مؤسسات موسيقية، أبرزها Sacem، المختصة في حماية حقوق الأعضاء والفنانين في مجال الموسيقى والتأليف. تركّزت الجلسة، وأسئلة الجمهور، على مسألة حقوق الفنانين في العالم العربي تحديداً، التي تكاد تكون معدومة؛ إذ تذهب الإذاعات والفضائيات، وغيرها من الوسائط الإعلامية، إلى بث واستخدام أعمال الفنانين المستقلين العرب، من دون أن يُصرّح لها بذلك، ومن دون أن تدفع تعويضات للفنانين. وللأسف، كما كان واضحاً، وكما صرّح فنانون كثر كانوا مشاركين في الجلسة، هذه باتت عادةً عربية، ولا يجد الفنانون جهة لتتخذ الإجراءات القانونية بحق هذه الوسائط الإعلامية.
كانت الحلقة النقاشية مليئة بتجارب لفنانين في هذا الحقل الشائك، وطُرحت فيها تساؤلات مهمّة حول مستقبل حقوق الفنانين في العالم العربي.
شهد المهرجان حفلات لفرق وفنانين معروفين واستطاعوا أن يتركوا بصمة واضحة في المشهد الموسيقي البديل؛ مثل تانيا صالح (لبنان)، ومشروع "الإخفاء"، الذي يتألف من الثلاثي تامر أبو غزالة (فلسطين)، ومريم صالح وموريس لوقا (مصر)، إلى جانب أسماء وفرق صاعدة، مثل "بسكوت للبلطجية" (مصر) وكينماتيك (لبنان).
أكثر ما يجمع بين معظم الفرق والموسيقيين المشاركين، وهي ربما أكثر جملة نقرأها حين ننظر في تعريف هذه المجموعات لنفسها، إنها الموسيقى الإلكترونية التجريبية. وهنا، تنفتح أبواب الأسئلة حول هذا الأمر. لماذا الموسيقى الإلكترونية؟ ولماذا التجريب؟ حين نستمع إلى أعمال هؤلاء، ونرى تفاعل الجمهور معهم، ربما يمكننا العثور على بعض الإجابات، التي نجح المهرجان في عرضها لنا عبر هذا التنوّع والزخم الموسيقيين.
يتّجه معظم المشاركين إلى هذه الأنماط ساعين إلى منح الموسيقى آفاقاً أكثر رحابةً من حصرها في قوالب تقليدية، محاولين الاقتراب من الجمهور من مداخل مختلفة ومغايرة لما اعتادوا عليه. تبدو الموسيقى الإلكترونية أكثر قدرةً على محاكاة لغة الشارع، بكل ما طرأ عليه من مستجدات وتغيرات وتحولات، خصوصاً بعد عام 2011. وبطبيعة الحال، مع كل الوسائط الجديدة، خصوصاً السوشال ميديا وما يدور فيها، تأتي هذه الموسيقى لتلبّي حاجات الجمهور بكونها تنهمك في محاكاة إيقاع ونمط حياة الشارع العربي على وجه الخصوص، وكل التقلّبات التي يعيشها.
في الجلسة النقاشية لفرقة "الإخفاء"، جرى التطرّق إلى هذه المسألة، حول قرب عملهم من الشارع، واستلهامه من أغاني المهرجانات. وطُرح سؤال طريف حول العمل: لماذا يبدو العمل ليلياً؟ في هذا السؤال إشارة واضحة إلى قدرة الموسيقى على بناء مناخ خاص يشبه حياة المستمعين.
هكذا، استطاع "بيروت آند بيوند"، أن يغطّي مساحة واسعة تعبّر عن المشهد الموسيقي العربي وتوجّهاته المعاصرة. طبعاً، إلى جانب ذلك، شاركت في المهرجان مجموعة من الفرق والأفراد الأجانب، هم خافيير دييز إينا (إسبانيا) وسيغ واريك تروفاز (فرنسا) وغيرلز GiRLS (النرويج). لقاءات مميزة كانت بين هؤلاء الفنانين، والفنانين العرب، أبرز ما نتلمّسه فيها هو التقاطعات والمساحات المشتركة في الإنتاج الموسيقي الذي تقدّمه الجهتان، خصوصاً بحضور نقاد ومتخصصين، عرب وأجانب كذلك، تابعوا المهرجانات والجلسات، وشاركوا الفنانين رؤاهم وملاحظاتهم ومقترحاتهم. بدا المهرجان كأنه ورشة موسيقية مستمرة، تتفاعل فيها الآراء والأمزجة والتوجّهات، في سبيل تطوير المشهد الموسيقي العربي.

دلالات

المساهمون