"بوينج" تحلّق بهيلاري كلينتون إلى رئاسة أميركا

"بوينج" تحلّق بهيلاري كلينتون إلى رئاسة أميركا

14 ابريل 2014
كلينتون تزور أحد مرافق صيانة بوينج بالصين عام 2010(getty)
+ الخط -
 
كيف يمكن للمرء أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة الأميركية؟
الإجابة ليست سهلة، ولا تُختصر بالكاريزما أو الموقف السياسي من القضايا المحلية الأميركية أو القضايا الكبرى بالنسبة للشعب الأميركي ومنها مكافحة الإرهاب. فالاقتصاد له دور محوري. ومحاباة الشركات الكبرى في أميركا سبيل لا يمكن للرئيس المستقبلي سوى السير عليه، للوصول إلى قيادة أقوى دولة في العالم.
هيلاري كلينتون، المرشحة لرئاسة الولايات المتحدة في العام 2008، ووزيرة الخارجية الأميركية منذ العام 2009 (عيّنها الرئيس باراك أوباما في نهاية العام 2008) حتى العام 2013، تسعى للترشح للرئاسة مرة جديدة.

الحذاء الذي لم يطلها في مؤتمر في لاس فيجاس الأسبوع الماضي، لم يردعها عن إعلان نيتها الوصول إلى البيت الأبيض في انتخابات العام 2016.

السيدة الأولى ووزيرة الخارجية السابقة قوية، وفق ما تشير استطلاعات الرأي، لذا لا بد من التعرف إلى وجه من وجوه قوتها.

في تقرير في صحيفة الـ "واشنطن بوست" نشر اليوم الإثنين، تستعرض الصحافية روزاليند هيلدرمان العلاقة النفعية التي كانت قائمة بين المرشحة إلى البيت الأبيض، وشركة بوينج للطائرات.
وتسأل عن السبب الذي يمكن أن يدفع وزيرة للخارجية إلى أن تصبح "بائعة عقود" لشركة خاصة.

هِبَات وجولات

في رحلة إلى موسكو بعد توليها منصب وزيرة الخارجية، لعبت هيلاري كلينتون دور "بائعة دولية"، وقامت بالضغط على المسؤولين الحكوميين الروس لتوقيع صفقة بمليارات الدولارات لشراء عشرات الطائرات من بوينج.

وبعد شهر، كانت كلينتون في الصين، حيث أعلنت بابتهاج أن الشركة الضخمة بوينج ستوقع شيكاً سخياً للمساعدة في جهود الولايات المتحدة، ليكون لها جناح ضخم في معرض شنغهاي العالمي.
وقالت كلينتون "وافقت الشركة على مضاعفة مساهمتها فى المعرض إلى مليوني دولار".

يقول تقرير واشنطن بوست إنه لتأمين التبرع، وضعت وزارة الخارجية المبادئ الأخلاقية التي تحظر استدراج الأموال من بوينج، ثم قبلت في وقت لاحق هبة بقيمة مليون دولار، ومن ثم مليوني دولار.
أما الحظر السابق، فيعود إلى أن بوينج أدرجت على لائحة الشركات التي ينبغي تجنبها في التمويل الحكومي، بسبب اعتمادها المتكرر على الحكومة في عمليات التفاوض وعقد الصفقات الخارجية. وقبول التمويل يمكن تفسيره، بأنه محاولة لكسب ود مسؤولين أميركيين.

كان شهر نوفمبر/تشرين ثاني 2009 مؤشرا على وجود علاقة المنفعة المتبادلة بين واحدة من أكبرالشركات في العالم، ورئيسة محتملة للولايات المتحدة الأميركية. إذ يقول التقرير إن كلينتون كانت تعمل حليفا قويا لمصالح تجارية لبوينج داخل أميركا وخارجها، في حين استثمرت بوينج مواردها في قضايا تعود بالنفع على الصورة العامة والسياسية لكلينتون.

فقد كانت هِبة بوينج باسم جناح الولايات المتحدة في معرض شنغهاي مفيدة لكلينتون في لحظة حاسمة، لأنها جعلت من أولوياتها جذب الدعم من الشركات لإحياء الوجود الأميركي في هذا الحدث.
وفي الوقت ذاته، ساهم هذا الدعم في زرع مكانة لوزيرة الخارجية باعتبارها الديمقراطية الأوفر حظا لخوض حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016.

في عام 2010، فازت بوينج بصفقة مع روسيا بقيمة 3.7 مليار دولار، ومن ثم أعلنت شركة الطائرات بعد شهرين من فوزها بالصفقة، مساهمتها بقيمة 900 ألف دولار لمؤسسة ويليام كلينتون وتهدف إلى إعادة بناء المدارس في هايتي التي دمرها الزلزال، وفق تقرير واشنطن بوست.
هذه المؤسسة التي تديرها كلينتون مع زوجها وابنتها أصبحت مؤسسة خيرية شعبية بالنسبة للمؤسسات الكبرى.

علاقة بوينج مع جهود كلينتون في الخارج جاءت تحت تسمية توسيع المصالح الاقتصادية الأميركية في الخارج، وهي جزء من فلسفة أوسع أكدت شراكة الحكومة مع الشركات على حل المشاكل.
ويقول التقرير إنه ثمة فائدة جانبية محتملة لكلينتون من حيث تعزيز العلاقات مع حلفاء أقوياء في مجتمع الأعمال الأميركي والذين من الممكن أن يساعدوها في حملة الترشح للانتخابات الرئاسية.

مصالح متبادلة

وقال المتحدث باسم كلينتون نيك ميريل أن ما قامت به كلينتون في صفقة بوينج في روسيا كانت المهمة التي يفترض لكل وزير دولة أن يفعلها وهو ما يتوقعه الشعب الأميركي من أي وزير للخارجية، خاصة خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة.
وقال بفخر وبصوت عال ينادي باسم رجال الأعمال الأميركيين إنها فرصة لتعزيز المصالح التجارية الأميركية في الخارج.

كما قال المتحدث باسم بوينج الأميركية شون ماكورماك أن الشركة ترى تعاونها مع الحكومة لتشجيع الصادرات وخلق فرص العمل وفق صيغة: "المصلحة المؤسسية المتبادلة، في مقابل المصلحة الشخصية".

أما بالنسبة لدعم بوينج لجناح المعرض والتبرع لمؤسسة كلينتون، فقال ماكورماك إن إعطاء الشركة التبرعات، في الولايات المتحدة والخارج، يهدف لخدمة مصالح كل من الشركة والمناطق التي تمارس نشاطها فيها، وهذا متوافق مع القانون.
في حين اعتبر مسؤول مؤسسة كلينتون أن بوينج كانت واحدة من العديد من الشركات الكبيرة التي قدمت مساهمات للمؤسسة بعد زلزال هايتي في العام 2010، وهذه المنحة غير مرتبطة بعلاقة بوينج مع وزارة الخارجية الأميركية.

خطوة غير مخجلة

يضيف تقرير واشنطن بوست أن زيارة هيلاري كلينتون لروسيا في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2009 كانت تتعلق بمناقشة العقوبات على إيران، لكن كلينتون أوضحت أنه يوجد أولوية قصوى تتعلق بمصلحة بوينج في بيع الطائرات إلى شركة الطيران الجديدة روسافيا المملوكة من الدولة الروسية.
وقالت كلينتون خلال زيارتها منشأة بوينج في موسكو: "شراء روسافيا الطائرات من بوينغ ليس خطوة مخجلة".

فقد قدمت الحكومة الأميركية الكثير من الدعم لشركة بوينج للفوز بعقود في الخارج، ولا سيما في بلدان مثل روسيا حيث يتم شراء الطائرات التجارية من قبل المؤسسات المملوكة للدولة التي هي عرضة بشكل خاص لممارسة الضغط الدبلوماسي على مستوى عال.
وبعد ثلاثة أيام من تصريحات كلينتون في موسكو، وفقا لبرقيات وزارة الخارجية الصادرة عن "ويكيليكس"، أعلنت بوينج رسمياً سعيها للصفقة الروسية.

 "لم يكن لدينا المال"
في تلك المرحلة، كانت كلينتون أيضاً في خضم محاولة لإقامة جناح للولايات المتحدة، التي تعاني ضائقة مالية، في معرض شنغهاي عام 2010.

بكل المقاييس، وفق تقرير واشنطن بوست، كانت أميركا في ورطة عندما تولت كلينتون منصبها في أوائل عام 2009، بعدما حذرت الصين أن مشاركة الولايات المتحدة الهزيلة في المعرض سوف ينظر إليها على أنها إهانة دبلوماسية.

وخلافا لمعظم الدول، فان الولايات المتحدة لا تستخدم أموال الحكومة لإقامة الأجنحة في هذا المعرض العالمي الذي يعقد مرة كل أربع سنوات.
والأزمة المالية في العام 2008 قلصت من مشاركة الشركات في المعرض، "لم يكن لدينا المال ولا رأس المال"، أشار نيك ينسلو، الذي كان رئيس جناح الولايات المتحدة الأمريكية وأضاف"وما من بنك في الولايات المتحدة أراد الاستثمار في المعرض". هكذا تواصلت كلينتون مع شبكتها، وأطلقت نداء جمع 60 مليون دولار من أكثر من 60 شركة كبرى. وقد تقدمت حوالي 140 شركة بما في ذلك بوينج.
ولكن مسؤولي وزارة الخارجية استبعدوا بوينج والشركات الكبيرة الأخرى في العلاقات التجارية الهامة ذاتها مع الحكومة. وشملت قائمة الحظر أيضا البنوك التي تلقت مساعدات الإنقاذ من الحكومة.

"حوالى نصف الأسماء في قائمة الشركات تلقوا رفض المساهمة"، قال وينسلو، "بوينج كانت واحدة من هذه الشركات التي لم يسمح لنا حتى التحدث معها". ولكن بعد ذلك، تم الإعلان أنه تم قبول تبرع من بوينج ولكن فقط ما يصل إلى مليون دولار. إلا أن كلينتون وخلال زيارتها لجناح الولايات المتحدة في شنغهاي أعلنت أن شركة بوينج ستقدم مساعدة بقيمة مليوني دولار.
ويضيف تقرير واشنطن بوست "اتخاذ قرار رفع سقف المشاركة لا يزال لغزاً". إلا أن المتحدث باسم كلينتون، اعتبر أنه يجب طلب الدعم من شركة "بوينج" وغيرها من الشركات، لأنه من المهم نجاح هذا الحدث. وأضاف "أن اقتراح خلاف ذلك يكون مثل مقولة أن رعاية وتشجيع "بيتزا هت" جرى في محاولة للحصول على البيتزا مجانا".

هذا وقد تم اعتبار نجاح جناح الولايات المتحدة في المعرض من أعظم إنجازات السنة الأولى لكلينتون في الوزارة.

المساهمون