"بنك غذاء" في هولندا

"بنك غذاء" في هولندا

20 اغسطس 2016
حصلت على كيسين (ثائر السهلي)
+ الخط -
ربّما يظنّ البعض أن لا فقراء في هولندا. لكنّ في هذا البلد نحو مليون فقير، يعتمد بعضهم على "بنك الغذاء" الذي يقدّم مساعدات غذائيّة وغيرها للمحتاجين، سواء أكانوا مواطنين أم مهاجرين

في هولندا، التي تعدّ إحدى أغنى دول العالم، وتحتلّ مواقع متقدّمة في معدّلات الرفاهية والحداثة، يعيش نحو مليون شخص من أصل سبعة عشرة مليوناً تحت خطّ الفقر. هؤلاء قد يعجزون عن تأمين قوتهم اليومي، على الرغم من الإعانات الشهريّة التي تخصّصها الدولة للعاطلين من العمل أو أصحاب الدخل المحدود. تجدر الإشارة إلى أن هذه الفئة تضم هولنديّين ولاجئين.

تضمّ هولندا ما يعرف بـ"بنك الغذاء"، الذي يساعد الفقراء وأصحاب الدخل المحدود بالتعاون مع الحكومة والبلديات والمتاجر والمطاعم والكنائس والمساجد. ويدير فريق من المتطوّعين فروع البنك المنتشرة في مختلف مناطق البلاد. من خلال هذا البنك، يعمل المتطوعون على تأمين سلّة غذائية متكاملة للمحتاجين، تحتوي على كميات جيّدة من الخضار والحليب والبيض والخبز والنشويات والسكريات، بالإضافة إلى اللحوم.

وللحصول على تلك المساعدات، ينبغي أن يكون للمستفيد عنوان سكن، أو حاصل على حق الإقامة في حال لم يكن هولندياً. وبعد تقديم طلب لدى البنك، عليه أن يثبت بالأرقام (مصاريف، فواتير شهرية، كشف بالحساب المصرفي) حاجته إلى المساعدات. ثم تقارن إدارة البنك الأرقام. وإن لم يكن في حسابه ما يكفيه، يُسجّل على لوائح المستفيدين. ويتوقّف البنك عن تقديم خدماته عند أي تغيير في واردات حساب المستفيد.

زارت "العربي الجديد" فرع بنك الغذاء في مدينة لايدن، جنوب أمستردام، حيث 70 في المائة من المستفيدين هم لاجئون. يقدّم البنك، الذي تأسّس قبل نحو عشر سنوات، مساعدات لعدد من القرى والبلدات المجاورة. وتوزّع نحو 450 سلّة غذائيّة في لايدن، التي يبلغ عدد سكانها نحو 130 ألف نسمة، ويعمل فيه نحو خمسين متطوعاً، تتوزّع مهامهم بين الإدارة المالية والحسابات والتوريد وتحضير وتسليم مئات الصناديق.




داخل قاعة التسليم، يحصل المستفيدون على أرقام من أحد المتطوّعين، الذي يقسّمهم إلى مجموعات. لاحقاً، يتأكد من أن اسم المستفيد مُدرج في القوائم، فيحصل على السلّة قبل الانتقال إلى قسم الملابس المستعملة. باسل، هو أحد المستفيدين من الإعانة الغذائية، يقول إن ما يبقى في حسابه الشهري لا يتجاوز الخمسين يورو، ومن دون المساعدات لن يتمكن من توفير الطعام له ولأسرته. لم ينجح في إيجاد عمل بعد، إلّا أنّه يتلقى دروساً باللغة الهولنديّة في الوقت الحالي. يرى أن فرصه وأحواله قد تتحسّن إذا ما وجد عملاً. يلفت إلى أنه قد يتوقّف عن الحصول على السلة الغذائية حين يبدأ بالاستفادة من مخصصات الدولة للعاطلين من العمل وأصحاب الدخل المحدود، والتي تتضمّن ردّ 40 في المائة من بدل إيجار السكن، والتأمين الصحي، وغيرها.

يقول باسل إن العاملين في البنك "طيّبون". دائماً ما يسألونه عما يرغب في الحصول عليه. وفي العادة، يحصل على السمك المعلّب أو المجمّد. جاء باسل إلى هولندا من إحدى الدول الخليجية.

رفضت إدارة البنك السماح لـ"العربي الجديد" التصوير، حفاظاً على خصوصيّة المستفيدين. للسبب عينه، ينادى على المستفيدين بالأرقام، ثم يدقّق المتطوعون في هويّاتهم، وإذا ما كانت أسماؤهم موجودة ضمن لوائح المستفيدين. في قاعة الانتظار، يجلس أولئك الذين يتكلمون اللغة العربية إلى جانب بعضهم بعضاً، ويتحدّثون عن البلد الذي جاؤوا منه، وعن رحلة اللجوء، والمصاعب التي يواجهونها في البلد الجديد. وفي أحيانٍ أخرى، يجلس هولنديون إلى جانب مهاجرين من أفريقيا، ويتحدّثون باللغة الانكليزية.

يشارك سكان المدن بتقديم التبرّعات لبنك الغذاء. وغالباً ما تنظّم المتاجر الكبرى عروضاً لدعم المحتاجين، أو التبرّع بجزء كبير من منتجاتها التي تنتهي صلاحيّتها في وقت قريب، إلى بنك الغذاء وفروعه. وعادة ما لا توزّع الأغذية قبل التأكد من جودتها وتاريخ صلاحيّتها، خصوصاً الخضار والحليب ومشتقاته واللحوم والمعلبات. ولا يقتصر عمل المتطوعين على إدارة حسابات البنك والتوريد والتوزيع، بل يشمل المشاركة في النشاطات التي تنظّم بهدف جمع التبرعات. تجدر الإشارة إلى أن الكثير من الفلاحين أو المتقاعدين يحبون الزراعة، ويقدمون جزءاً من محاصيلهم إلى البنك. كذلك، تساهم بعض مزارع الأبقار وغيرها بدعم البنك، وذلك من خلال التبرّع له بجزء من إنتاجها.