"بركان الفرات" على طريق إكمال حصار الرقّة

"بركان الفرات" على طريق إكمال حصار الرقّة

24 يونيو 2015
تقدّم القوات الكردية وقوات المعارضة السورية يهدد داعش(فرانس برس)
+ الخط -
تمكّنت قوات غرفة عمليات "بركان الفرات" المؤلفة من قوات "حماية الشعب" الكردية وقوات لواء "ثوار الرقة" من السيطرة بشكل كامل على بلدة عين عيسى الواقعة في الريف الشمالي لمدينة الرقة السورية، على أوتوستراد حلب ــ الحسكة الدولي، المعروف بـ "أوتوستراد رودكو"، وذلك بعد انسحاب (تنظيم الدولة الإسلامية) "داعش" من البلدة الاستراتيجية نحو مدينة الرقة، بمساعدة ضربات طيران التحالف الدولي، إذ تلقى التنظيم خسائر كبيرة في صفوفه، إثر الاشتباكات التي استمرت في ريف عين عيسى خلال الأسبوعين الأخيرين.

وجاءت سيطرة القوات المشتركة على بلدة عين عيسى، بعد يوم واحد فقط من سيطرتها على اللواء 93 الواقع قرب البلدة، الذي كان يسيطر عليه "داعش" منذ قضائه على قوات النظام الموجودة فيه، الخريف الماضي.

وكان اللواء 93 يتمتع بأهمية عالية لقوات النظام قبل سيطرة "داعش" عليه، ذلك أنه أحد أقوى ألوية المدرعات في الجيش السوري التي بقيت صامدة نحو عامين تحت حصار قوات المعارضة السورية، ومن ثم تحت حصار "داعش". وهو يتبع في الأصل للفرقة السابعة عشرة في الجيش السوري، التي تقع شمال مدينة الرقة التي يسيطر عليها التنظيم حالياً.

أما بلدة عين عيسى، فتتمتع بموقع استراتيجي حساس على الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بمدينة الحسكة والموصل العراقية. وتأتي سيطرة قوات "بركان الفرات" عليها لتزيد من المسافة التي تسيطر عليها هذه القوات على هذا الطريق، إذ بات أوتوستراد حلب ــ الحسكة الدولي تحت سيطرة "بركان الفرات" من منطقة صرين قرب نهر الفرات في ريف حلب الشرقي حتى بلدة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي.

اقرأ أيضاً: المعارضة تتقدم بريف الرقة وتطرد "داعش" من اللواء 93

وتميّزت عملية السيطرة على عين عيسى عن تل أبيض الحدودية، بأن القوات التي خاضت الاشتباكات ضد "داعش" من مقاتلي المعارضة السورية، وتحديداً لواء "ثوار الرقة" المؤلف من 400 مقاتل تقريباً، مدجّجين بالأسلحة المتوسطة والخفيفة. وتمكّن "ثوار الرقة"، خلال الشهر الجاري، من السيطرة على أكثر من أربعين قرية بين الحدود الإدارية التي تفصل بين محافظتي حلب والرقة شمالي سورية وبين بلدة عين عيسى، قبل أن يتمكن من السيطرة على بلدة عين عيسى واللواء 93 الواقع قربها، أخيراً.

وترافق تقدم القوات الكردية وقوات المعارضة السورية في ريف الرقة الشمالي الغربي في منطقة عين عيسى، بتقدم حققته قوات "حماية الشعب" الكردية في ريف الرقة الشمالي الشرقي، إذ سيطرت هذه القوات على قرية دمشلية جنوب غرب بلدة سلوك في ريف الرقة الشمالي الشرقي، كما سيطرت على قرى زنبق وعلي بجلية جنوب مدينة تل أبيض، لتواصل تقدمها على حساب "داعش" في جميع جبهات القتال في ريف الرقة.

وساعد طيران التحالف الدولي في محاربة (تنظيم الدولة الإسلامية) قوات "حماية الشعب" وقوات المعارضة السورية على تحقيق هذا التقدم الكبير في ريف الرقة، من خلال استهداف الطيران، يومياً مقرات التنظيم وآلياته في مناطق الاشتباكات، الأمر الذي جعل التنظيم عاجزاً تماماً عن القيام بأي مناورة عسكرية أو تحريك لعناصره بهدف القيام بأي عملية التفاف أو شن هجوم معاكس.

وبات تقدم القوات الكردية وقوات المعارضة السورية يهدد بشكل جدي وجود "داعش" في معاقله الرئيسية في سورية. فبعد خسارة "داعش" معركة عين العرب مطلع العام الجاري، وريف الحسكة الشرقي في شهر شباط/فبراير الماضي، وريف الحسكة الغربي بشكل كامل الشهر الماضي، بات التنظيم أخيراً، مضطراً للدفاع عن عاصمته، التي باتت تحت أنظار قوات المعارضة السورية، التي أصبحت على بعد نحو خمسة وثلاثين كيلومتراً فقط من مدينة الرقة، التي توجد فيها مؤسسات التنظيم الإدارية، وأفضل عناصره العسكرية المؤلفة من مقاتلين أجانب.

ويطرح ذلك، تساؤلات جدية حول مدى إمكانية تقدم القوات المشتركة باتجاه الرقة، خصوصاً مع عدم مشاركة قوات "حماية الشعب" الكردية بشكل فاعل في عملية السيطرة على بلدة عين عيسى أخيراً، واقتصارها على قوات لواء "ثوار الرقة".

اقرأ أيضاً: غارات للتحالف على "داعش" وتقدم "بركان الفرات" بريف الرقة

ولا يبدو أن خوض معركة السيطرة على الرقة سيكون من أولويات قوات "حماية الشعب"، في الوقت الذي سيكون ذلك على رأس أولويات قوات المعارضة السورية المنضوية في غرفة عمليات "بركان الفرات"، خصوصاً أن معظم هذه القوات مؤلفة من مقاتلين من أبناء مدينة الرقة الذين تركوها، إبان سيطرة "داعش" عليها مطلع العام الماضي.

ويبدو في الأفق، سيناريو قيام قوات "حماية الشعب" بعملية عسكرية كبيرة ضد "داعش" في ريف حلب الشرقي، بهدف التقدم أكثر تجاه مدينة عفرين شمال غرب حلب التي تسيطر عليها القوات الكردية. ويدعم هذا الاحتمال، قيام القوات الكردية بجلب تعزيزات كبيرة خلال الأيام الأخيرة إلى مدينة عين العرب التي تسيطر عليها، بعد أن أمّنت طريقاً برياً يصل مناطق سيطرتها في الجزيرة السورية شمال مدينة الحسكة بمناطق سيطرتها في مدينة عين العرب وريفها لأول مرة، وذلك بعد سيطرة القوات المشتركة على مدينة تل أبيض الحدودية.

لكن زعيم حزب "الاتحاد الديمقراطي"، صالح مسلم نفى في لقاء تلفزيوني، وجود نية لدى قواته لوصل مناطق سيطرتها في شرق سورية بمنطقة عفرين شمال غرب حلب، مشيراً إلى أن تحالف قواته مع قوات "الجيش السوري الحر" سيستمر.

وكان الناطق الإعلامي باسم "جيش الثوار" (أحد تشكيلات المعارضة السورية المنضوية في غرفة عمليات بركان الفرات) أحمد حسو، قد أشار في تصريحات صحافية، إلى أن "القضاء على داعش في ريف حلب الشرقي سيكون في مقدمة أولوياتهم، داعياً قوات المعارضة السورية غير المنضوية في بركان الفرات إلى التنسيق والتعاون لتحقيق هذا الهدف".

لكن تحقيق ذلك في المدى القريب يبدو مستبعداً، خصوصاً مع تحول نهر الفرات إلى حد فاصل يفصل الأراضي التي يسيطر عليها "داعش" في ريف حلب الشرقي عن أراضي سيطرة "بركان الفرات" وعدم وجود جسور تصل ضفتي النهر ببعضهما بعضا، بعد تفجير التنظيم لجسر الشيوخ، إثر انسحابها من بلدة شيوخ فوقاني، مطلع العام الجاري، واستهداف طيران التحالف الدولي لجسر قرقوزاق بعد ذلك بأيام، ما أدّى إلى تعطيله، ليبقى سد تشرين الذي يسيطر عليه "داعش" نقطة الوصل الوحيدة في المنطقة بين ضفتي الفرات.

وفي سياق منفصل، لا تزال اللجنة المشتركة التابعة للائتلاف السوري المعارض، المكلفة بالتحقيق في عمليات التهجير القسري للعرب والتركمان من مدينة تل أبيض والقرى المحيطة بها، والتي تتهم قوات "حماية الشعب" الكردية بارتكابها، على الحدود التركية بعد منع قوات "حماية الشعب" دخولها إلى المدينة، فيما لم تصل بعد لجنة التحقيق الدولية المكلفة بالتحقيق في القضية ذاتها.

ويؤكد مصدر مطلع من الائتلاف السوري المعارض لـ "العربي الجديد" أن "اللجنة لا تزال تتابع شهادات أبناء القرى التي أخذت من معبر تل أبيض ومن القرى التركية الحدودية التي نزح إليها أبناء منطقة تل أبيض"، مبيناً أن الائتلاف لم يقرر بعد، ما إذا كان سينشر نتائج التحقيق الأولية في موضوع التهجير القسري، مؤكّداً أنّ اللجنة الدولية لم تصل بعد إلى المنطقة، وستقوم بمهام سرية لغاية أغسطس/آب من دون التنسيق مع الائتلاف.  

اقرأ أيضاً "داعش سورية" مستنزَف: خسائر وعمليات فرار وعجز عن التجنيد 

المساهمون