"بانيبال": عند مخلوقات فاضل العزاوي ووداع عيسى بُلّاطه

"بانيبال": عند مخلوقات فاضل العزاوي ووداع عيسى بُلّاطه

06 يوليو 2019
فاضل العزاوي
+ الخط -

يستذكر العدد الجديد من مجلة "بانيبال"، الصادر حديثاً، تجربة الأكاديمي والمترجم والكاتب الفلسطيني عيسى بُلّاطه (1929-2019) الذي رحل عن عالمنا مؤخراً بمقال كتبه الأكاديمي الفلسطيني بسام فرنجية الذي جمعته به معرفة شخصية تعود إلى عام 1991، حين دُعي بُلّاطه من قبل "جامعة جورج تاون" للحديث عن أعمال الروائي العربي عبد الرحمن منيف، وكان اللقاء بين الاثنين والحديث عن عمل بُلّاطه الأبرز حول تجربة بدر شاكر السياب، كما يذكر في المقال.

يتناول فرنجية سيرة بلاطه وأهم إصداراته ويذكر على وجه الخصوص "التجربة الجميلة: رسائل جبرا إبراهيم جبرا إلى عيسى بلاطه" التي نشرها الراحل بالعربية عام 2001، ويرى فرنجية أن "هذا العمل الأساسي مهم لأنه يستوعب ويستعرض فترة حرجة من التاريخ العربي الحديث تعكس التطوّرات الروحية والاجتماعية والسياسية في العالم العربي بعد عام 1948. وهي تكشف عن الروابط الدافئة والجادة بين مفكرين فلسطينيين في المنفى".

ويضيف "تُلقي رسائل جبرا إلى بلاطه الضوء على حياة جبرا وأفكاره وآدبه وآرائه التي لم تكن معروفة من قبل أو كشفت عنها في الدراسات أو المقابلات. تكشف الرسائل أيضًا عن جوانب مهمة من حياة عيسى بُلّاطه وتاريخه الشخصي، والتي لم تكن معروفة من قبل".

بعد عام 1948، غادر جبرا إلى العراق، في حين غادر بُلّاطه إلى الولايات المتحدة وكندا؛ يكمل فرنجية: "علمنا أن بلاطه سافر إلى العراق عدة مرات لزيارة جبرا. وشكلت الرسائل حلقة وصل مهمة بينهما... كانت هذه الرسائل من مثقف عظيم إلى مثقف عظيم آخر ارتبطت حياتيهما في سياق شخصي وتاريخي متشابك".

يرى الكاتب أن خسارة بُلّاطه هي خسارة لـ "حجر زاوية في الدراسات الأدبية والثقافية، بعد رحيل عدد من الباحثين من نفس هذا الجيل العظيم. بُلّاطه ينتمي إلى فئة مؤثرة في فترة مهمة من التاريخ. وهو يمثل مجموعة من الأفراد الرائعين الذين ولدوا ليكونوا باحثين".

أما ملف المجلة الرئيسي، فقد خصصته "بانيبال" لتجربة الشاعر العراقي فاضل العزاوي (1940)، المقيم في ألمانيا منذ بداية السبعينيات، وتناولت فيه تجربة أحد شعراء "جماعة كركوك"، في الشعر والرواية والنقد.

بدأ الملف بافتتاحية ناشرة المجلة مارغريت اوبانك التي كتبت عن أعمال العزاوي التي ترجمت إلى الإنكليزية خلال الأعوام العشرين الماضية، قائلة إنها "أثارت الانتباه اليها كأعمال حداثية أصيلة آسرة بقفزاتها المفهومية وغنى مفاجآتها اللغوية وانفجاراتها الحسّية".

في حين تحدث الكاتب العراقي فاروق يوسف عن مكانة العزاوي الأدبية في العراق والعالم العربي في مقالة بعنوان "أيقونة عراقية فريدة"، أما الناقد العراقي فاضل ثامر فقدّم مراجعة مفصلة لتجربة العزاوي الشعرية والنثرية.

وقدم الشاعر الليبي خالد مطاوع، الذي ترجم سابقاً ديوانين للعزاوي إلى الإنكليزية وهما "في كل بئر يوسف يبكي" و"صانع المعجزات"، شهادة تحدّث فيها عن تجربته في القراءة مع العزاوي والأثر الذي تتركه قصائده في الجمهور الغربي، خاتماً نصه بالقول "إنه سوف يتضح في يوم ما أن العزاوي هو أحد أكثر شعراء الحداثة العرب اجتراء، إنه الشاعر الكاشف للحقيقة التي تنفذ الى تحت جلودنا، وهو إذ يفعل ذلك يجعلنا نضحك أو نبكي، ولكنه غالباً ما يجعل الأرض تهتز تحت أرجلنا والسقوف تطير في الهواء".

وكتب الناقد الألماني شتيفان فايدنر عن ترجمة رواية العزاوي "آخر الملائكة" إلى الألمانية، معتبراً "أننا لم نقرأ منذ زمن طويل في الأدب العربي كتاباً نضحك فيه بهذا القدر الذي يجعلنا نرتعب مما نضحك منه".

وفي كلمة بعنوان "فرصة سعيدة" يروي المترجم الأميركي وليم هيتشينز الذي كان قد قام بترجمة ثلاث من روايات العزاوي إلى الإنكليزية قصة المرّة الاولى التي التقى فيها العزاوي في مؤتمر في القاهرة وكيف أن "آخر الملائكة" جعلته يتخلّى عن عادته في عدم قراءة الكتب العربية في الطائرة، مشيراً الى غبطته في العمل مع العزاوي الذي يتولى عادة مراجعة ترجماته له، موضحاً أنه سيقوم بإكمال ترجمة رواية "الأسلاف" التي كان قد قام بترجمة بعض أجزائها من قبل، مع نشر فصل منها ضمن الملف بعنوان "موعظة الشيطان: بيان موجه من الشيطان إلى سكان الكرة الأرضية".

وفي مقال بعنوان "فاضل العزاوي: أدبه وصمته" أشار الشاعر العماني سيف الرحبي الى اهتمامه بنصوص العزاوي منذ البدايات الأولى، مؤكدا على تأثره بالتدفق اللغوي ومزج الشعر بالنثر ولقطاته الآسرة في نص "مخلوقات فاضل العزاوي الجميلة" بصورة خاصة.

وتضمن الملف، أيضا مجموعة كبيرة من قصائد العزاوي الجديدة التي قام رافائيل كوهين بنقلها إلى الإنكليزية، إضافة إلى مقالتين للعزاوي، واحدة عن تجربته في الكتابة وأخرى عن قصة كتابته لنص "المخلوقات الجميلة" قبل نصف قرن والأثر الذي تركته على تطوّر الكتابة العربية الجديدة. ولعل أبرز ما تضمنه الملف هو الجزء الذي نشرته بانيبال من النص الجديد الذي وضعه العزاوي لـ "المخلوقات الجميلة" بالإنكليزية وراجعته الكاتبة البريطانية هانا سومرفيل والذي سوف يصدر ككتاب كامل في لندن في العام المقبل.

ضمت "بانيبال" أيضاً، في العدد 65، قصيدة "رجل يخرج من ذاته" للشاعر الفلسطيني سامر أبو هواش (ترجمة رافائيل كوهين)، وفصلاً من رواية "خرائط التيه" للكاتبة الكويتية بثينة العيسى (ترجمة نانسي روبرتس)، وثلاث قصص من كتاب "الرجاء عدم القصف" للكاتب اليمني لطف الصراري (ترجمة سميرة قعوار)، وثلاث قصائد من ديوان "ثقوب واسعة" للشاعرة الفلسطينية فاتنة الغرة (ترجمة جوناثان رايت).

اشتمل العدد كذلك على ثلاث قصص من كتاب "طعم الكرز" للكاتب اليمني أحمد المديني (ترجمة مبارك السريفي)، ونشرت المجلة فصلاً من رواية "أمطار صيفية" للكاتب المصري أحمد القرملاوي (ترجمة صوفيا فاسالو)، وفصلاً من الرواية الأخيرة للكاتب اليمني وجدي الأهدل "أرض المؤامرات السعيدة" (ترجمة وليم هيتشينز)، وقد شارك الأهدل في العدد أيضاً بشهادة تحت عنوان "التأثيرات الأدبية" تحدث فيها عن بداياته مع الأدب وتجربته في الكتابة الابداعية.

وفي قسم مراجعات الكتب نجد مقالات عن بعض الروايات العربية المترجمة إلى الإنكليزية والصادرة حديثاً عن دور النشر البريطانية والأميركية، مثل "مديح لنساء العائلة" للكاتب الفلسطيني محمود شقير (ترجمة بول ستاركي)، "الموت عمل شاق" للكاتب السوري خالد خليفة (ترجمة ليري برايس)، "كبرت ونسيت أن أنسى" للكاتبة الكويتية بثينة العيسى (ترجمة ميشيل هينجوم).



المساهمون