"الهجرة غير الشرعية" تهزّ وحدة أوروبا

"الهجرة غير الشرعية" تهزّ وحدة أوروبا

13 مايو 2015
أفارقة ينتظرون دورهم للهجرة إلى أوروبا (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -
تعرض المفوضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسيل، اليوم الثلاثاء، بنود خطة عاجلة للحدّ من ظاهرة "الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط"، والتي حطّمت أرقاماً قياسية في الأشهر الأخيرة، وباتت تُشكّل تهديداً استراتيجياً على الكيان الأوروبي.

وتنطلق الخطة من مبدأ "تخفيف الضغط على البلدان المعنية بشكل مباشر بهذه الظاهرة"، تحديداً إيطاليا واليونان ومالطا، ومساعدتها مالياً ولوجيستياً في عمليات استقبال المهاجرين غير الشرعيين. ويريد الاتحاد الأوروبي، أن يطرح خطة لمحاربة ظاهرة "الهجرة غير الشرعية"، على أن تلتزم مجمل الدول الأعضاء الـ28 في الاتحاد الأوروبي بتطبيقها.

ويتعلّق الشق الأول من هذه الخطة بوضع "نظام حصص"، تلتزم بموجبه كل دولة باستقبال عدد محدد من المهاجرين غير الشرعيين، لتخفيف العبء عن اليونان ومالطا وإيطاليا، التي تجاوز عدد المهاجرين غير الشرعيين الناجين من قوارب الموت، فيها، أكثر من 80 ألف شخص.

غير أن هذا الاقتراح يواجه بالكثير من التحفظات، خصوصاً في دول الشمال الأوروبي، وأيضاً في بعض دول أوروبا الشرقية. وترفض هذه الدول "الطبيعة الإلزامية" لـ"نظام الحصص"، وتُفضّل أن يتم تقاسم العبء مع الدول المتوسطية بشكل تطوعي.

وبلغت درجة الاختلاف بين الدول الأعضاء بشأن "نظام الحصص"، الذي يدافع عنه بقوة رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكير، حدّ عدم الاتفاق حتى الآن، على عدد اللاجئين السوريين الذين يُفترض أن تمنحهم دول الاتحاد الأوروبي حق اللجوء على أراضيها.

وترمي خطة "الحصص" الأوروبية، التي ستكون موضع النقاش في بروكسيل، اليوم، إلى تحديد حصة كل دولة من المهاجرين غير الشرعيين، بالاستناد إلى أرقام الناتج الإجمالي الخام لكل دولة، وعدد سكانها ونسبة البطالة، وأيضاً عدد الأجانب الذين يتمتعون سلفاً بحق اللجوء على أراضيها.

اقرأ أيضاً: تهريب البشر.. من منازل الصدمة التركيّة إلى أوروبا

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن الدول الأعضاء التي سيكون عليها استقبال نسبة مهمة من المهاجرين غير الشرعيين، هي بالأساس دول أوروبا الوسطى، مثل بولندا، التي ينتمي إليها رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك.

مع العلم أن ست بلدان أوروبية، هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا والسويد وبلجيكا، تستقبل 80 في المئة من مجموع اللاجئين في دول الاتحاد الأوروبي، في حين أن هناك 13 دولة أوروبية أخرى، تبدو وكأنها غير معنية إطلاقاً بهذه المشكلة. لهذا فإن الفكرة الأساسية لاجتماع اليوم، هي وضع روح التضامن الأوروبي على المحك، واقتسام الأعباء بشكل عادل ومتوازن بين الدول الأعضاء بخصوص الهجرة واللجوء.

أما الشق الثاني من الخطة التي ستعرضها المفوضية الأوروبية، فيتعلق بمقترح حول تسهيل الهجرة الاقتصادية الشرعية. وهو المقترح الذي طالما نادت به المنظمات الإنسانية والهيئات التابعة للأمم المتحدة، التي تعتبر أن سياسة "غلق الأبواب" في وجه الهجرة الشرعية، هي التي تساهم بشكل أساسي في الهجرة غير الشرعية.

وترى المفوضية أن على الدول الأوروبية إعادة النظر في سياسة الهجرة الشرعية، لأن الوسيلة الوحيدة لاستقرار المهاجرين فيها حالياً، هي حقّ اللجوء السياسي، في حين أن كل طلبات الهجرة الشرعية يتم رفضها بشكل مبدئي.

وتأمل المفوضية في أن يتم تليين شروط قبول طلبات الهجرة الشرعية في تخفيف الهجرة غير الشرعية. إلا أن العديد من الدول الأعضاء ترفض بشدة هذا المقترح، لأسباب سياسية داخلية، وتعتبر أن فتح الباب للهجرة الاقتصادية أمر مستحيل، في ظلّ الأزمات الاقتصادية التي تمرّ بها الدول الأوروبية وارتفاع نسبة البطالة.

ويرى مراقبون أن هذا الاختلاف حول "نظام الحصص"، ينبع من كون الاتحاد الأوروبي لم يبلور حتى الآن، أي خطة أوروبية جماعية بشأن الهجرة وحق اللجوء، ولكون الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي دأبت على نهج سياسات فردية، يمليها عليها واقعها السياسي والاقتصادي. كما أن صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية دول الاتحاد الأوروبي والتي تضع شعار محاربة الهجرة في صدارة برامجها الانتخابية، وأيضاً تنامي العداء ضد الأجانب في المجتمعات الأوروبية، زاد من تعقيد الجهود في التوصل إلى صيغة أوروبية حول هذه الإشكالية.

وإذا كان الجدل حامياً بين دول الاتحاد الأوروبي حول هذين المقترحين، للحدّ من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، فإن مبدأ "استعمال القوة" ضد مهربي المهاجرين يحظى بالإجماع. ومن هنا مطالبة ممثلة السياسة الخارجية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، الأسبوع الماضي، مجلس الأمن الدولي بالحصول على غطاء أممي، للقيام بعمليات عسكرية أوروبية ضد المهربين في السواحل الليبية، وأيضاً في عرض المياه الإقليمية والدولية في البحر الأبيض المتوسط.

وكان وزراء الدفاع الأوروبيون اتفقوا على خطة عسكرية، ترمي إلى تفكيك شبكات التهريب عبر تدمير المراكب التي يستعملونها واستهداف تجمعاتهم في السواحل الليبية. وهناك اتجاه داخل مجلس الأمن الدولي يساند بقوة هذا المقترح الأوروبي، إلا أن العقبة الأساسية في وجه استصدار قرار دولي بهذا الشأن هو روسيا، التي تملك حق النقض وتلوّح باستعماله ضد مشروع القرار.

اقرأ أيضاً: إسبانيا المتأزمة مقصداً لهجرة الشباب العربي والأفريقي

المساهمون