"النهضة" التونسية وحلفاء الأمس: طلاق ما بعد تضارب المصالح

"النهضة" التونسية وحلفاء الأمس: طلاق ما بعد تضارب المصالح

11 ابريل 2016
تتصاعد حدّة الخلافات بين النهضة وحلفائها(رمزان تارغوت/الأناضول)
+ الخط -
تتعرض حركة "النهضة" التونسية، منذ أسابيع، لانتقادات صريحة من قبل حلفائها السابقين الذين اشتركوا معها في إدارة مرحلة الترويكا (المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) بعد الثورة عام 2011. وكان آخر المنتقدين وزير التشغيل في حكومة حمادي الجبالي، عبد الوهاب معطر، الذي لم يتردد في اتهام حركة "النهضة" بأنّها "عرقلت مسار الإصلاح واختارت توجه حزب نداء تونس ودافعت عن خياراته أكثر منه".

وأضاف معطر، القيادي في حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، الذي يمر حالياً بأزمة هيكلية، أنّ "حركة النهضة وضعت خلال حكم الترويكا الحسابات الضيقة في صدارة أهدافها". بدوره، وجّه المستشار السياسي السابق للرئيس السابق المنصف المرزوقي، عزيز كريشان انتقادات مطولة لحركة النهضة خلال المرحلة ذاتها في كتابه الذي صدر خلال الأيام الأخيرة باللغة الفرنسية تحت عنوان "وعد الربيع".

من جهته، حمّل رئيس المجلس الوطني التأسيسي، رئيس حزب "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"، مصطفى بن جعفر، حكومة الترويكا، بقيادة حركة النهضة، مسؤولية "تنامي الإرهاب"، بحجة أنه "وقعت أخطاء على مستوى تقييم الخطر الإرهابي من قبل القيادة السياسية ورئيس الحكومة بالأساس". في إشارة منه إلى حكومتي حمادي الجبالي وعلي العريض. كما شدّد في تصريح تلفزيوني على أن النهضة "تتحمل المسؤولية" أكثر من غيرها، باعتبارها "كانت تمسك زمام الأمور".

يرى مراقبون أنّ العلاقة بين "النهضة" من جهة وحليفَيها السابقَين من جهة أخرى لم تتدهور الآن، بل أخذت تشهد تراجعاً تصاعدياً منذ الفترة الأخيرة من حكم الترويكا. ثم ما إن قدّمت الحكومة استقالتها برئاسة حمادي الجبالي عام 2013 حتى تعمّقت المسافة بين الأحزاب الثلاثة، وهو ما كشف عن أن التحالف الذي جمعها كان مؤقتاً وهشاً وعلاقة مصالح. وعندما تمسّك المنصف المرزوقي بحقه في خوض الانتخابات الرئاسية الأولى التي نُظّمت بعد الثورة، حرص كثيراً على تجديد العهد السياسي مع حركة النهضة لكسب هذه الانتخابات. لكن على الرغم من تمكّنه من تحقيق اختراق واسع حين نجح في إقناع جزء كبير من قواعد "النهضة" وكوادرها الوسطى التي صوّتت لصالحه بكثافة، قرّر رئيس "الحركة"، راشد الغنوشي أن يضع كامل ثقله ليقطع الطريق أمام المرزوقي ويقف إلى جانب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي. وهو ما جعل المرزوقي يحمل الغنوشي مسؤولية هزيمته في تلك الانتخابات الحاسمة بالنسبة لمسيرته السياسية.

عامل آخر لا يقل أهمية لفهم الأسباب التي تغذي حالياً هذه الانتقادات، بحسب مراقبين، يتعلق بالأساس في تحالف حركة "النهضة" مع "نداء تونس" وتحملها مسؤولية سياسية هامة في المشاركة في الحكم، في حين انتقل الحليفان السابقان إلى دائرة المعارضة. في هذا السياق، يعتبر وزير الشؤون الاجتماعية السابق في حكومة الترويكا، قيادي في حزب "التكتل الديمقراطي"، خليل الزاوية في حديث لـ"العربي الجديد"، أن حكومة الترويكا لم تخلُ من تناقضات وخلافات سياسية حادة على المستويين السياسي والاقتصادي، لكن كنا حريصين على أن تبقى هذه الخلافات داخلية حماية لوحدة الحكومة ودفاعاً عن المسار الانتقالي".

ويضيف الزاوية: "كنا نعتبر أن القيادة السياسية للنهضة تفتقر للتجربة والرؤية. أما اليوم، فما أستغربه هو أنّ ما كانت ترفضه هذه القيادة منا أثناء تجربة الترويكا أصبحت اليوم تقبله بكل يسر عندما يقدَّم لها من حزب نداء تونس". ويشير إلى أنّه "أصبحنا نحمّل حركة النهضة مسؤولية المساعدة الصريحة على عودة المنظومة القديمة من خلال قبولها بكل ما يقدمه لها شريكها في الحكم الباجي قائد السبسي وحزبه".

ويرى مراقبون أنّه أصبح من غير الوارد في ظل السياق الراهن أن يعود الودّ بين حلفاء الأمس بعدما اختلفت الحسابات، والمواقع، والمصالح، إذ لكل مرحلة حلفاؤها وخصومها.