"المونديال" في حلب... متنفّس للشباب

"المونديال" في حلب... متنفّس للشباب

18 يونيو 2014
شباب حلبيّون يهللون لهدف سُجّل في المونديال (العربي الجديد)
+ الخط -

على الرغم من المعاناة اليوميّة التي يعيشها سكان مدينة حلب السوريّة، ما زال عشاق كرة القدم من الأهالي حريصين على متابعة مجريات كأس العالم التي تجري حالياً في البرازيل. إلا أن متابعة المباريات وتشجيع أحد الفرق المشاركة ليسا بهذه البساطة وسط ظروف الحياة المعقّدة في هذه المدينة.

تشكّل ساعات متابعة المباريات متنفساً للشباب الذين ترهقهم هموم الحياة ومصاعبها في حلب. يقول فهد، وهو أحد المتابعين لما يعرف شعبياً بـ"المونديال" إن "التركيز على مجريات المباريات وسماع ضجة الملعب هما الشيئان الوحيدان اللذان ينسياني الخوف وأصوات القذائف. وسواء خسر الفريق الذي أشجّعه أو ربح، فأنا سعيد".

لكن متابعة مباريات كأس العالم تتطلب تحضيرات كثيرة، كالحرص على توفير مصدر الطاقة الكهربائيّة خلال ساعات العروض، إذ إن عدد ساعات توفّر الكهرباء النظاميّة في حلب لا يتجاوز الست ساعات يومياً.

من جهته، يقول عادل: "لا يكفي تحضير الفوشار والجلوس أمام التلفاز. فنحن نقوم قبل ذلك بتشغيل مولّد كهربائي صغير حتى نتمكّن من مشاهدة التلفاز. وهو أمر مكلف بسبب غلاء مادة البنزين، خصوصاً مع نقل ثلاث مباريات في اليوم. فالتيار الكهربائي النظامي قد يغطّي ساعتَين فقط من المشاهدة، كذلك قد لا يتوفّر هذا التيار مطلقاً".

مع ذلك، يبدو أن ساعات المشاهدة في المقهى أكثر كلفة، بحسب عدنان وهو أحد الحلبيّين المغرمين بكرة القدم والمونديال. يقول: "أعشق متابعة المباريات في المقاهي، إلا أنني لم أعد أستطيع تحمّل تكلفتها طوال فترة المونديال". ويضيف: "كذلك لا أستطيع الذهاب إلا إلى مقهى الحيّ، إذ إن جميع المباريات تجري مساءً والتنقّل في المدينة ليلاً مخاطرة كبيرة".

وحول سبب ارتفاع التكلفة، يوضح عدنان "ندفع ضريبة الحضور وضريبة بدل الطاقة التي فرضت بسبب تشغيل مولّد الكهرباء، بالإضافة إلى تكلفة المشروبات المختلفة".

 حلب بلا أعلام 

 اعتاد شباب حلب كغيرهم التعبير عن تشجيعهم للفرق المشاركة في المونديال برفع أعلامها على السيارات وشرفات المنازل أو من خلال ارتداء قمصان طبع عليها علم هذه الدولة أو تلك، إلا أن أعلام الفرق المشاركة في مونديال البرازيل اختفت تماماً من حلب.

وكان عامر قد وضع بشكل عفوي علم فرنسا على مقدّمة سيارة أبيه، تعبيراً عن تشجيعه المنتخب الفرنسي. وهو ما أدى إلى اعتقاله. يروي أحد أصدقائه الذي فضّل عدم الكشف عن هويّته، "أوقف أحد الحواجز الأمنيّة عامر أثناء قيادته السيارة ونعتوه بالخائن لوضعه العلم على السيارة ثم اعتقلوه. استغرق الأمر 15 يوماً من الاعتقال والتعذيب، قبل أن يتأكدوا من أن سبب رفع العلم ليس أكثر من تشجيع لفريقه المفضّل في المونديال". يتابع: "لو أن عامر كان من مشجّعي إيران لما حدث كل هذا.. وعلى الرغم من أن قصّة عامر لم تنتشر، إلا أن أحداً لا يجرؤ على رفع الأعلام. فالجميع يعرف كيف تسير الأمور في حلب".
إلى ذلك، يحتكر عدد من القنوات نقل المباريات. وتعدّ أسعار الاشتراك في القنوات الرياضيّة العربيّة الخاصة مرتفعة بالنسبة إلى مداخيل السوريّين. لذا كانت الخيارات المتاحة للمشاهدة محدودة، وعبر القنوات التركيّة أو الإسرائيليّة، لا سيّما في المناطق التي يسيطر عليها النظام في حلب.
يقول عطا الذي يعمل بتركيب أجهزة استقبال البث، "أقوم بتركيب ما لا يقلّ عن 15 إبرة وصحن استقبال في كل يوم. وتكون الإبرة إما تركيّة أو إسرائيليّة بحسب رغبة الزبون. أما تكلفة التركيب فتبلغ 2500 ليرة سوريّة، بينما يكلف اشتراك القنوات الخاصة نحو خمسين ألف ليرة. وهذا هو سرّ الإقبال الشديد على متابعة هذه القنوات".
يضيف: "يضحكني أحياناً خوف بعض الزبائن من متابعة هذه القنوات. البعض يخاف المساءلة كون هذه الدول معادية للنظام". في الواقع، إن القنوات التركيّة والإسرائيليّة متاحة للمشاهد السوري والحلبي تحديداً أكثر من قنوات النظام السوري. وعلى الرغم من أن قناة "الدنيا" الأرضيّة التابعة للنظام توفّر بثاً كاملاً لهذه المباريات في بعض المحافظات، إلا أن بثها لا يصل إلى مدينة حلب.

من جهته، يتابع أحمد وأصدقاؤه جميع المباريات عبر شبكة الإنترنت. يقول: "ثمّة العديد من المواقع التي توفّر بثاً حياً عبر الشبكة العنكبوتيّة. لكن معظم الناس غير قادرين على الاستفادة من ذلك، لأن البث يحتاج إلى سرعة إنترنت عالية. وعلى الرغم من أن لدي اشتراك إنترنت بسرعة عالية، إلا أنني كثيراً ما أحصل على مشاهدة متقطعة ومشوّشة".

المساهمون