"المناصفة" تثير جدلا بين نساء ورجال الجزائر

"المناصفة" تثير جدلا بين نساء ورجال الجزائر

22 فبراير 2016
خلاف المساواة يتواصل (فرانس برس)
+ الخط -


أثارت دسترة المناصفة بين المرأة والرجل في مختلف مناحي الحياة في الجزائر، جدلا وسط المثقفين والطبقة السياسية، حيث كان المجتمع الجزائري يؤمن بمبدأ العدالة بين الرجل والمرأة، إلا أن المناصفة بينهما يختلف مفهومها لدى الجزائريين باختلاف الإيديولوجيات والمشارب.

ويصر الإسلاميون على أن المناصفة بين الجنسين يجب أن تكون وفق ما تنصّ عليه الشريعة الإسلامية، بينما تلحّ جهات علمانية على ضرورة إطلاق العنان أمام ما تسمّيه مبدأ المساواة بين المرأة والرجل دون شروط مسبقة.

وينص تعديل الدستور الجزائري المُصوت عليه مطلع فبراير/شباط الحالي من قبل البرلمان الجزائري بغرفتيه، على أن الدولة تعمل على تجسيد المناصفة بين الجنسين، ولا تقتصر هذه المناصفة على المجالس المنتخبة بل تتعداها إلى سوق التشغيل، ولتحقيق هذه الهدف ألزم الدستور الجزائري ضمان وصول المرأة إلى "مناصب المسؤولية".

تجسيد المناصفة بين المرأة والرجل في يوميات الجزائريين يعد من التغييرات التي لطالما طالبت بها الجمعيات النسوية الجزائرية، الأمينة العامة للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، نورية حفصي، قالت لـ"العربي الجديد"، إن "توسيع المناصفة بين الجنسين في دستور 2016 لتشمل مجال الشغل هي من المكتسبات التي حققتها المرأة الجزائرية وفتحت لها آفاقا في مختلف المجالات وفي تقلد مختلف المسؤوليات".

وتضيف حفصي: "المناصفة مبدأ دستوري يجب تكريسه في كافة القوانين، إما أن نعيش في ظل دولة مدنية وطنية ديمقراطية تحترم الحقوق المدنية والسياسية مثل كل ديمقراطيات العالم أو الازدواجية في الأخذ بهذا وترك ذاك مثل ما يحلو لنا".


من جانبها، تؤيد رئيسة جمعية المرأة، نفيسة الأحرش، مبدأ المناصفة بين المرأة والرجل باعتباره "استجابة لمطالب النساء الديمقراطيات"، ووصفت الأحرش الاعتراض على الفقرة الثانية من المادة 32 من الدستور الجزائري يعبر عن "فراغ فكري وسياسي"، كما استبعدت رئيسة جمعية المرأة في حديثها لـ"العربي الجديد"، "أن يؤثر هذا المبدأ على الثوابت الجزائرية لأن الإسلام يبقى دين الدولة".

وتعود معارضة التيار الإسلامي لإقرار المناصفة بين الجنسين في الجزائر، إلى سنة 2005، عند إدخال الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، آنذاك تعديلات على قانون الأسرة الجزائري حملت مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، ما جعل الإسلاميين ينظمون تجمعات شعبية رفضا للقانون.

وفي السياق، يقول عبد المجيد مناصرة، رئيس حزب جبهة التغيير الإسلامي، لـ"العربي الجديد": "المناصفة في قانون الأسرة مخالفة للإسلام، والتوافق لا يمكن أن يكون حول مخالفة الشرع"، و يضيف مناصرة :"لا يمكن إدراج المناصفة بين الرجل والمرأة في الدستور، في حين أن المبدأ هو المساواة دون تمييز"، مشددا على أنه لن يكون هناك "تنازل في قضايا الدين، التي لا خلاف فيها فقهيا، كما أنه يجب عدم استغلال هذه المراحل الحرجة لتمرير هذه الأفكار".

أما رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، فكان أكثر تشددا، إذ قال: "مبدأ المناصفة في الوظائف بين النساء والرجال الذي جاء الدستور المعدل، سيؤدي إلى شيوع الفساد في المجتمع، على اعتبار أن المناصب والوظائف يجب أن توزع وفقا لمعيار علمي يراعي القدرة والكفاءة وليس مناصفة بين الجنسين".

وبعيدا عن الجدل بين النخبة السياسية وبين الحقوقيين وتباين آراء المثقفين، لا يبدو موضوع "المناصفة بين الجنسين" ذا أولية لدى المجتمع الجزائري.
وتقول فاطمة ظريف، وهي ستينية جزائرية متقاعدة في قطاع التعليم، لـ"العربي الجديد": "عن أي مناصفة يتحدثون؟ المرأة لا تزال عرضة للتحرش والضرب المبرح، وفي مناطق أخرى يرون المرأة كمخلوق قاصر لا يحق لها حتى أن ترث، فكيف نترك الأصل ونذهب للحديث عن أمور بعيدة عنا".
وبنبرة تهكمية، تعلق "لامية" على المناصفة بين الجنسين قائلة لـ"العربي الجديد": "60 إلى 65 في المائة من العاملين في قطاع التربية من النساء، ونفس الشيء في قطاع الصحة، يحق للرجال الآن المطالبة بالمناصفة".


اقرأ أيضا:الجزائر: "دستور بوتفليقة" يبصر النور بعد 17 عاماً

دلالات

المساهمون