"المناخ"... معاناة إضافية للمهمشين في الدول العربية

"المناخ"... معاناة إضافية للمهمشين في الدول العربية

23 فبراير 2015
+ الخط -
أعلنت رئيسة الخبراء الاقتصاديين المعنيين بتغير المناخ في البنك الدولي، ماريان فاي، أخيراً أن "تغير المناخ يمثل تهديداً مباشراً وفورياً على الجهود المبذولة لتخفيف حدة الفقر". ويرى خبراء أن تغيرات المناخية لها علاقة مباشرة بالفئات المهمشة، فيما يربط آخرون بين الفقر والنمو الاقتصادي.

المناخ والفقراء العرب
أضحت التغيرات المناخية التي تشهدها الأرض من أبرز معوقات التنمية والقضاء على الفقر. وأصبحت تقلبات الطقس، وما ينجم عنها من فيضانات وسنوات جفاف، معرقلة للجهود المبذولة للحد من أعداد الفقراء، خاصة في الدول التي تشهد توترات أمنية، وصعوبات في تحقيق النمو الاقتصادي، وعلى رأسها العديد من الدول العربية.
وكشفت دراسة أعدّتها "مجموعة البنك الدولي" صدرت في تقرير بداية الشهر الحالي، أن "تكلفة الجفاف في الدول العربية في منطقة شرق أفريقيا، بالنسبة للأسر التي تعيش على الزراعة تراوح من صفر إلى 50 دولاراً على كل أسرة، إذا تأخرت مساعدات الدولة أربعة أشهر بعد موسم الحصاد، و1300 دولار إذا تأخرت المساعدات ستة أشهر أو أكثر، نتيجة لتأثيرات الجفاف على المحاصيل واضطرار العائلات لبيع ماشيتها وممتلكاتها".
ويعيش العراق منذ مدة شبح شح مياه نهري دجلة والفرات، واللذين من المتوقع أن يفقدا الكثير من مواردهما المائية، خاصة نهر الفرات الذي تتوقع تقارير رسمية فقدانه لأكثر من 70% من إيراداته المائية خلال الثماني سنوات المقبلة، وذلك بفعل مشاريع السدود التي تشيدها تركيا جنوب شرق الأناضول، والبالغة قرابة 22 سداً ومشروعاً مائياً. وتنعكس هذه الوضعية بشكل كبير على المشاريع الزراعية التي تعيش منها فئات واسعة من العراقيين. وكشفت دراسة أنجزتها جامعة "بابل" في العراق، أن القطاع الزراعي تضرر بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بسبب التقلبات المناخية، خاصة وأن "الأمطار تمثل المصدر الأساسي الذي تعتمد علية الزراعة وهي مسؤولة عن تموين المياه الجوفية".
ووضعت "مجموعة البنك الدولي" المخاطر المناخية وعلى رأسها الجفاف، في المرتبة الثانية على قائمة المخاطر التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما أوردت في تقرير صادر عنها، أن السيول الجارفة تسببت في خسارة 1.6 مليار دولار بالنسبة لليمن خلال السنوات الأخيرة، ما يعادل 6% من إجمالي الناتج المحلي للبلد. وتسببت كذلك للمملكة السعودية في خسارة 1.4 مليار دولار في مدينة جدة وحدها.
وكذلك، قدم تقرير صادر عن "منظمة الأمم المتحدة" أرقاماً مخيفة حول التحوّلات المناخية، وانعكاساتها على المواطنين العرب، حيث قال التقرير "إن 391 مليون عربي يعيشون في مناطق قاحلة". وذكر التقرير الصادر عن المنظمة شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، أن 37 مليون نسمة في الدول العربية تتضررت من جراء العوامل المناخية والزلازل، والتي كبدت الاقتصاد العربي نحو 20 مليار دولار بين عامي 1980 و2008".

المناخ، الفقر والنمو الاقتصادي
واعتبر الأستاذ الجامعي والخبير في المياه، عصام خليفة، أن الأزمات المرتبطة بالمناخ وخاصة التي تؤدي إلى ندرة الموارد المائية، لها علاقة مباشرة باستفحال الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية. وأوضح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن العديد من الدول العربية أصبحت تعاني من توالي سنتين من الجفاف، ما يؤثر على منتوجات القطاع الزراعي لديها. وقال إن التأثير يطال انخفاض الدخل الفردي لدى فئات واسعة من المواطنين الذين يعدّون الزراعة مصدر رزقهم الوحيد.
وقال المتحدث ذاته، إن الدول العربية لم تواكب التزايد السكاني الذي عرفته في السنوات العشرين الماضية، بحيث أصبحت اليوم ملزمة بتسريع مشاريع بناء السدود، واعتماد التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في الزراعة، بالإضافة إلى الاستعانة بتحلية مياه البحار.
وعبّر الخبير لدى البنك الدولي، محمد حميدوش، عن وجهة نظر أخرى بخصوص العلاقة بين التغيرات المناخية والفقر، حيث قال في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه "لا يمكن وضع علاقة مباشرة بين تقلبات المناخ وارتفاع نسب الفقر في أي منطقة من العالم". وبرر الخبير رأيه، بأن ارتفاع أو انخفاض معدلاته مرتبطان أساساً بالنمو الاقتصادي.
وتعقيباً على التقارير الدولية الصادرة بهذا الخصوص، أوضح حميدوش بأنه أشرف على بعض الجوانب منها، خاصة الشق المتعلق بحساب معدلات الانبعاث الحراري. حيث كشف أن تقرير "منظمة الأمم المتحدة" مثلاً، جاء خلاصة قرابة 7000 تقرير مختلف النتائج. وشدد على أن مواجهة التقلبات المناخية، عملية يمكن التحكم فيها ويمكن استدراك التأثيرات قبل وقوعها.
وأوضح حميدوش أن القطاعات المرتبطة بكافة التغيرات المناخية، تحتاج إلى البدء في اجراءات احترازية، قوامها البحث العلمي، لتوفير منتوجات تتلاءم مع الواقع البيئي. وأعطى المتحدث ذاته مثالاً بتعديل الجينات الخاصة لمنتوج القمح، والتي بدأت العديد من الدول في اعتمادها، وقال بهذا الصدد إن الدول العربية يمكن أن تستفيد من تجربة دولتي الأرجنتين وشيلي.
واعتبر حميدوش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الرهان الحقيقي أمام الدول العربية لمحاصرة الفقر، يكمن في التخلي عن الاعتماد على قطاع أو قطاعين في النمو الاقتصادي، خاصة بالنسبة للدول التي تعتمد فقط على الطاقة والسياحة والزراعة، من دون التنويع في مصادر الإيرادات.

أرقام
19: هو عدد الدول العربية التي تعتبر ندرة المياه قضية رئيسية، حسب تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة. ويهدد تصحر الأراضي الزراعية 17 دولة منها.
2.5: بلغ حجم الخسائر المباشرة بسبب الكوارث الطبيعية في العالم، حسب تقارير دولية، 2.5 تريليون دولار منذ سنة 2002 وإلى غاية عام 2014

إقرأ أيضاً: الأموال الليبية المهربة: ستعود يوماً

المساهمون