"المسكوكات النبطية": قراءة في أوزانها وتسلسلها التاريخي

"المسكوكات النبطية": قراءة في أوزانها وتسلسلها التاريخي

16 سبتمبر 2020
(نقوش نبطية في السيق المؤدي إلى البتراء، Getty)
+ الخط -

تطوّرت دراسات علم العملات منذ القرن السابع عشر عبر إضاءتها على الأحوال الاقتصادية للحضارات وكذلك مظاهر الحياة الاجتماعية فيها، كما أنها تشير إلى تطوّر الفنون والخطوط والصناعات في كلّ عصر تمّ سكّ النقود فيه.

"المسكوكات النبطية" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحث الأردني يونس محمد خير القطناني، ويتتبع فيه تاريخ العملة التي صكّها الأنباط خلال حكمهم الذي تجاوز مئتي عام، منها ما ينشر لأول مرة، ومنها ما قد سبق نشره لكن تم تصحيح تسلسله التاريخي.

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يشير المؤلّف الذي درس وعمل في التمريض، إلى أنه مهتم بالتاريخ عبر قراءاته المكثفة التي قادته إلى تعلّم الأبجدية النبطية بجهدٍ خاص منه، ليتمكن من قراءة مسكوكاتهم ونقوشها، حتى أتت فكرة الكتاب؛ حيث وجد أنه ليس هناك مرجع متخصّص بالمسكوكات النبطية إنما هناك مؤلفات متفرقة تضعها ضمن عملات المنطقة بشكل عام.

وضع المؤلّف معادلة لاحتساب أوزان العملات التي صكّها الأنباط

يضيف القطناني الذي درس في كتابه حوالي 708 قطعة: "أصدرت الكتاب بنسختين عربية وإنكليزية، مع تضمنهما لغة نبطية، فاستعرضت أبجدية الأنباط الذين يعود وجودهم إلى القرن الثامن قبل الميلاد، لكن دولتهم السياسية بدأت في القرن الثاني قبل الميلاد واستمرت إلى بدايات القرن الثاني بعد الميلاد".

يحتوي الفصل الأول مقدمة وشرحاً عن الأنباط وتطوّر حياتهم من البداوة إلى الحضر، ولمحة تاريخية عن ملوكهم وفترات حكمهم، بينما تضمّن الفصل الثاني أشكال الأحرف والأرقام في الأبجدية النبطية التي تكوّنت من 22 حرفاً وتسع وعشرين صوتاً، وتناول الفصل الثالث أوزان المسكوكات النبطية التي اتُّبعت في صناعة النقود، واشتمل الفصل الرابع تشكيلة لأكبر مجموعة مسكوكات نبطية تم تصنيفها حسب ملوك الأنباط، إلى جانب فهرس يظهر مصدر هذه المسكوكات.

الصورة
غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يوضّح القطناني الصعوبات العديدة التي تعرّض إليها خلال بحثه، ومنها عدم السماح له بدراسة القطع وتفحصّها عيانياً لفترة كافية، كما أنه اضطر إلى إصدار الكتاب على نفقته الخاصة بعد أن تجاهلت العديد من الوزارات والمؤسسات الأردنية الرد على مراسلاته إليها، فيما ردّ بعضها بتوجيه الشكر فقط.

ويبيّن في حديثه إلى "العربي الجديد" أنه تطرّق إلى أوزان المسكوكات، حيث وضع معادلة تعتمد على قيمة القطعة المعدنية البرونزية التي تعادل نصف وحدة فضية، وانسحب الأمر على القطع المصنّعة من معادن أخرى عبر دراسة آلاف العملات وأخذ المتوسط الحسابي لأوزانها.

يتابع: "تأثر الأنباط باليونان والبطالمة والسلوقيين في صنع مسكوكاتهم بدليل وجود قطعة عليها ملكهم عبادة الأول نقش عليها باليونانية، ويوجد قطع عليها صورة الحارث الثالث صكّت في دمشق على النمط السلوقي باللغة اليونانية، وانتقل تأثيرهم إلى الحضارة الرومانية وخاصة رسم الثور صكّت في البتراء زمن الإمبراطور الروماني أليغا بالاس 218 - 222 ميلادية".

يخلص القطناني إلى أن أهمية دراسته "تكمن في وضع تسلسل زمني للسكوكات النبطية، عبر تتبع إصداراتهم من أول سنة لحكم كل ملك نبطي وحتى آخر عام في حكمه، وقراءة التواريخ في بعض المسكوكات التي ظلت مبهمة لفترة طويلة، وإعادة نسب بعض القطع إلى الملوك الذين صكوها، وهناك قطع لم تنشر من قبل".

المساهمون