"القاهرة للكتاب": قوى ناعمة لتغطية الأزمة

"القاهرة للكتاب": قوى ناعمة لتغطية الأزمة

27 سبتمبر 2017
قارم قارت/ مصر
+ الخط -
حتى وقت قريب، تصدّرت عناوين "تجديد الخطاب الديني" و"التنوير في مواجهة الإرهاب" المشهد في مصر وجرى إقحامها ضمن عدد من الخطط الرسمية التي أعلن عنها، ولم تحتو على مشاريع أو برامج محدّدة سوى تلك القوافل والمسابقات والاحتفالات التي تجوب المدن تردّد الكليشيهات ذاتها فيما الثقافة تتراجع حيث لا مكان للمثقّف ما لم يتبنّ خطاب النظام.

يبدو أن كلّ تلك الجهود باءت بالفشل فاضطرت السلطة إلى استعارة مصطلح قديم يعود استخدامه إلى عهد مبارك تحديداً، حيث اختارت اللجنة العليا لـ "معرض القاهرة الدولي للكتاب" شعار "القوى الناعمة.. كيف؟" للدورة التاسعة والأربعين التي تُقام في كانون الثاني/ يناير المقبل.

لكن يبدو أن هناك فارقاً بين المرحلتين؛ الأولى أن الشعار استخدم سابقاً من أجل التغطية على انحسار دور مصر الإقليمي والدولي ومحاولة لتعويض الإخفاقات المتتالية في التنمية لكن في الوقت نفسه حظيت الثقافة بدعم كبير عبر تشييد بنى تحتية وزيادة النشر وتمويل قطاعات مختلفة، بينما اليوم يستعمل الشعار فقط من أجل التغطية على أزمات أكبر، ولا تأخذ الثقافة والمثقفون مقابل ذلك شيئاً يذكر.

يقول بيان اللجنة إن "القوى الناعمة هي السلاح الأقوى لمواجهة كافة أشكال التطرف"، وأن "فعاليات المعرض ستناقش كلّ ما من شأنه تفعيل دور القوى الناعمة على أرض الواقع بما في ذلك اقتصاديات الثقافة وبناء جسور مع الثقافات الأخرى"، ما يشير إلى وهم السلطة المتعلّق بقدرة المثقفين والفنانين والإعلاميبن المصريين على المساهمة في جعل القطاع الثقافي منتجاً بعد العجز الرسمي عن تحقيق ذلك نتيجة لفشل سياسي وتشريعي واقتصادي.

الوهم الثاني يتصل بـ"بناء جسور مع الثقافات الأخرى" وهو دور لن ينجح فيه أهل الثقافة والفن إذا كان خطاب النظام غير مقنع في المنتديات والمحافل الدولية وتعبّر عنه دبلوماسية ضعيفة لم تستطع أن تفوز بتنظيم عاصمة عالمية للكتاب أو تدعم شخصية مصرية لتبوء منصب في منظمة أممية.

على المستوى العملي، ينظّم "القاهرة للكتاب" سلسلة من الندوات حول الشخصيات المصرية "من رموز القوى الناعمة"، وكذلك برنامجاً للاحتفاء "ببعض التذكارات المهمة" التي تواكب إقامة المعرض، مثل مرور 30 عاماً على فوز الكاتب نجيب محفوظ (1911 – 2006) بجائزة "نوبل" بينما توقّفت جائزته عشرين عاماً قبل أن تعاد منذ شهور ولم يفتتح متحف باسمه جارٍ العمل عليه منذ عشر سنوات.

يحتفي المنظّمون أيضاً بمئوية ميلاد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر (1918 – 1970) الذي يجري استعادة خطابه ضد الإسلام السياسي فيما تغيب كلّ مقولاته في العدالة الاجتماعية والصراع مع "إسرائيل" وقوى الاستعمار، كما يحتفل بمرور 120 عاماً على ميلاد توفيق الحكيم (1898 – 1989) وبالطبع ستُخفى آراؤه حول قيام ثورة ضد تحالف الاستبداد والفساد.

المعرض الذي تحلّ فيه الجزائر ضيف شرف دورته المقبل، اختار الشاعر والكاتب المسرحي الراحل عبد الرحمن الشرقاوي (1920 – 1987) "شخصية المعرض".

المساهمون