"العقاب الثوري" و"المقاومة الشعبية".. رد على عنف الدولة

"العقاب الثوري" و"المقاومة الشعبية".. رد على عنف الدولة

27 يناير 2015
مجموعات أقدمت على قطع طرق خلال التظاهرات (الأناضول)
+ الخط -

شهد إحياء الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير المصرية تغيرات بارزة، عبر تبنّي مجموعات ذات نهج جديد، عدداً من الهجمات على قوات الأمن المصرية، وقطع بعض الطرقات، واستهداف قيادات للشرطة في محافظات عدة. هذا التطور يدل على أن العنف الذي استخدمته قوات الأمن في السنوات الماضية، لقمع المتظاهرين السلميين المعارضين، دفع بعض المجموعات إلى ترك السلمية في المواجهة والانتقال إلى التحدي العنفي، علماً أن كل شيء يشير إلى استبعاد أن تكون هذه الجماعات منتمية إلى تيار "الجهادية". ويبقى السؤال حول من يقف خلف تلك المجموعات؟ وهل ظهورها يرتبط بالذكرى الرابعة للثورة أم سيستمر؟

وكانت جماعة تسمي نفسها "حركة المقاومة الشعبية"، أعلنت أن أعضاءها أعاقوا تقدّم قوات الشرطة والأمن المركزي والعمليات الخاصة على مختلف المحاور التي تواجد فيها المتظاهرون السلميون في ذكرى الثورة، يوم الأحد الماضي. وأضافت الحركة: "عمدنا إلى إشغال القتلة من ذوي القلوب السوداء في أوكار عارهم المسماة بالأقسام ومراكز الشرطة التي تُمارَس فيها كل الجرائم المعروفة ضد الإنسانية، وامتدت أعمال الأبطال لتشمل مقرات قضاة حبس الفتيات والأطفال ونواديهم". وتوعّدت الجماعة "بمزيد من الأعمال خلال الأيام والليالي الثورية المقبلة، حتى إزاحة الاحتلال الغاشم عن أرض المحروسة، ومحاكمة كل من شارك في محاولة سحق وإذلال هذا الشعب العظيم".

كما ظهرت مجموعة أخرى تُدعى "العقاب الثوري"، وتبنت الهجوم على دورية شرطة في بني سويف، فجر الأحد، مؤكدة سقوط مصابين بجروح خطيرة في صفوف الدورية.

وتبنت هذه المجموعة أيضاً، الاشتباكات أعلى "الدائري بالكونيسة"، ومقتل جنديين من القوات الخاصة في الاشتباكات، فضلاً عن إعلان مسؤوليتها عن إلقاء قنبلة بدائية ومجموعة من قنابل الصوت على مبنى الأمن المركزي إلى جانب مترو السيدة زينب.

وتعليقاً على هذا التطوّر، يقول القيادي في الجبهة السلفية، ومنسّق فعاليات التحالف الوطني في تركيا، مصطفى البدري، إن (الرئيس المصري عبدالفتاح) "السيسي أسّس لدولة الغابة واستعمال القوة بغير ضابط قانوني".

ويشير البدري في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "الدماء التي أُريقت، والأعراض التي انتُهكت، والحرمات التي اعتُدي عليها، حدثت من دون وجود قانون رادع للمجرمين والمعتدين، أو قضاء عادل يرد الحقوق إلى أصحابها".

ويضيف: "حذرنا مراراً من هذه الهمجية السلطوية التي يريد أن يفرض بها سطوته هو والعسكر ونظامه على مصر وشعبها، ولكم قلنا إن هذا الكمّ الضخم من الاعتداءات المتكررة ليس له مخرج وحلّ عند الساسة، ومخرجه الوحيد في العدالة والقصاص من القتلة".

ويلفت البدري إلى أن "غياب العدالة ومحاسبة القتلة حتى الآن، دفع بعض أصحاب الحقوق إلى السعي إلى تحصيل حقوقهم بأيديهم بعد سقوط المنظومة القضائية وانهيارها بشكل كامل"، مشدداً على أن "أحداً لا يستطيع منع الإنسان عن حقه في الدفاع عن نفسه".

ويرى أن المجموعات الجديدة التي ظهرت مثل "العقاب الثوري" أو "المقاومة الشعبية"، "تتحرك من خلال دافع شخصي، وليست للقوى السياسية سيطرة عليها"، معتبراً أن "استمرار هذه المجموعات يرتبط بشكل كبير بتحقيق أهدافها وقدرتها على استكمال حراكها بهذه الصورة في وجه الآلة القمعية الضخمة".

ويتوقع البدري "حصول تلك المجموعات على دعم شعبي، بما يعني استمرارها وتنامي الفكرة"، مستبعداً "أن يكون للمجموعات الجديدة التي ظهرت تأثير سلبي على الحراك ضد النظام الحالي"، ومشدداً على "أن السلمية خيار لمعارضي الانقلاب".

من جهته، يرى الخبير في الحركات الإسلامية، كمال حبيب، أنه "لا يمكن الحكم على المجموعات التي انتهجت العنف في مواجهة قوات الأمن المصرية، خلال فعاليات الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير".

ويوضح حبيب في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "طبيعة يوم 25 يناير تفرض مزيداً من العنف عن أي يوم آخر، نظراً للإحساس بعدم تحقيق أهداف الثورة حتى الآن".

ويعتبر أن "الحشود والتعبئة التي حدثت قبل الذكرى الرابعة للثورة فرضت وجود مواجهة لقوات الأمن بشكل تلقائي"، لافتاً إلى أن "المجموعات التي قامت بتفجير أبراج الكهرباء وبعض المنشآت العامة، ليس لها طابع جهادي، أي أن استمرارها من عدمه غير محدد".

ويشير حبيب إلى "أن الجماعات التي لها طابع جهادي تكون محددة الأهداف والتحركات، ولا يمكن معها ترك أي شيء للصدفة، أو أن يكون وليد اللحظة أو الحدث، فيما المجموعات التي ظهرت ليست جهادية، والحُكم عليها لا يمكن تحليله أو توقّعه إلا إذا استمرت في عملياتها".

ويرى أن "ظهور مثل تلك المجموعات وارد بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع عدم إحراز أي تقدم في حل الأزمة السياسية القائمة".

وحول ما إذا تحوّل نهج الحراك إلى العنف، يستبعد الخبير في الحركات الإسلامية، تحوّل الحراك في الشارع إلى العنف تماماً، بيد أنه لا يستبعد نشأة مجموعات تقوم بعمليات عنيفة ضد قوات الأمن.

ويشير إلى أن استمرار الأزمة القائمة يدفع الشباب إلى التفكير في الحل العنفي، بعيداً عن أي حل سلمي، أو حتى حراك سلمي؛ لأنه يأتي بالقصاص للقتلى والمصابين.

أما الخبير السياسي أمجد الجباس، فيعتبر أن ظهور مثل تلك المجموعات خلال الذكرى الرابعة للثورة، يطرح علامة استفهام حول من يقف وراء تلك المجموعات.

ويقول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "انتهاج العنف سيؤثر سلباً على الحراك السلمي القائم، ويدفع بقوات الأمن إلى استخدام العنف المفرط بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، مستغلاً دعماً إعلامياً له".

ويرى الجباس أن "الشعب المصري سينظر إلى مثل تلك المجموعات التي تستهدف منشآت عامة بنوع من الضيق والغضب والرفض، إما لأن الشعب ضد مثل هذه التحركات، أو لأن هذا يترتب عليه تعطيل لمصالحه والعبث بمقدرات الدولة من حرق ومهاجمة مؤسسات عامة".

المساهمون