"العدالة الانتقالية" تستجوب مدير الأمن الوطني بعهد بن علي

"العدالة الانتقالية" تستجوب مدير الأمن الوطني في عهد بن علي

25 نوفمبر 2019
لا يزال الضحايا يطالبون بالعدالة (فرانس برس)
+ الخط -
نظرت الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بمحكمة بنزرت، اليوم الإثنين، في قضية الانتهاكات التي تعرض إليها المنتمون لحركة "الاتجاه الإسلامي" (النهضة حاليا) خلال الفترة من 1990 إلى 1996، وأشكال التعذيب والاعتقالات التي تعرضوا إليها.

وبلغ عدد الضحايا الذين شملهم الملف 48 ضحية، في حين بلغ عدد المتهمين بالانتهاكات 30 شخصا، وشهدت جلسة اليوم حضور أحدهم، وهو علي السرياطي مدير الأمن الوطني في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وقال محامي الضحايا منجي السعيداني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّه تم الاستماع في جلسة اليوم إلى حوالى 20 ضحية تعرضوا للتعذيب ولانتهاكات حقوقية جسيمة، مبينا أن أغلب الضحايا من حركة "الاتجاه الإسلامي"، وأنه نظرا لخصوصية الجرائم التي تعرض لها بعض هؤلاء السجناء، فقد تم تقديم مطلب كتابي إلى هيئة المحكمة للاستماع إلى أربع ضحايا بصفة فردية، عوضا عن الاستماع إليهم علنا، نظرا لبشاعة ما تعرضوا إليه.

وأضاف أنّ "جلسة اليوم كانت إيجابية جدا من حيث الاستماع إلى الضحايا، واستفسارهم عن بعض الوقائع، وقد عرفت الجلسة حضورا مكثفا لعائلات الضحايا"، مشيرا إلى أن "فترة التسعينيات عرفت اعتقالات واسعة للمنتمين لحركة الاتجاه الإسلامي، وتلتها فترة طويلة للمراقبة الإدارية".

وأكد أنه "حضر ولأول مرة في جلسة اليوم مدير الأمن الوطني في عهد الرئيس المخلوع بن علي، علي السرياطي، وقد أنكر التهم المنسوبة إليه"، مشيرا إلى أن "السرياطي شدّد على أنه إذا ثبت وجود تجاوزات، فقد يكون فشل في احتواء التعليمات الصادرة وطلب الاعتذار".

وبينت سجينة سياسية سابقة، واسمها خيرة المؤدب (48 عاما)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنها قدمت ولأول مرة شهادتها حول ظروف اعتقالها عندما كان عمرها 22 عاما، مؤكدة أنها شعرت بارتياح كبير بعد أن أدلت بشهادتها، بعد أن حرمت من مواصلة دراستها ومن ممارسة حياتها بصفة طبيعية عقب سجنها، إذ فرضت عليها رقابة إدارية.

وقالت المؤدب إنها "تأسف لعدم حضور بقية الجلادين، إذ إنه لا يكفي حضور الضحايا فقط، لأن الهدف الأساسي من هذه المحاكمات كشف الحقائق والاعتراف بما حصل"، مبينة أن "الضحايا لا يريدون التشفي والانتقام، بل تفكيك المنظومة ثم المصالحة".

وأشارت إلى أن "الضحية مستعد لمد يده وطي صفحة الماضي، في حين أن أغلب الجلادين يتعنتون ويرفضون الحضور والاعتراف بما اقترفوه"، مؤكدة أنهم "مستعدون لإرسال عدول تنفيذ للقائمين بانتهاكات لكي يدلوا بشهادتهم للتاريخ".

وأفادت المتحدثة أن التهمة التي وجهت إليها هي "انتماؤها السياسي والنشاط في حزب غير مرخص له والخروج في مسيرة عدائية"، مبينة أنها "كانت تأمل لو تحدثت أكثر عن التعذيب وما تعرضت إليه خلال السجن والمتابعة، لكي يزول العبء الذي ظل لسنوات مثقلا على كاهلها، وحرمها من فترة شبابها ومن حياتها الطبيعية".

ولفتت إلى أنّ "ما تعرض إليه الضحايا ممنهج، وعديد المسؤولين يتحملون مسؤوليته؛ من عمدة ومعتمد ومدير معهد ومديري السجون، وبعضهم للأسف ما زالوا يمارسون وظائفهم، ولم يحاسبوا بعد".