Skip to main content
"الشربيل"... زينة أقدام المغربيات وفخر العرائس
فاطمة بلعيد
"الشربيل" المغربي (Getty)
كما تُعرف سندريلا بحذائها، تعرف الشابة المقبلة على الزواج في المغرب بـ "شربيلها" أو "بلغتها". و"الشربيل" نعل جلدي تقليدي في بلاد المغرب، قال عن تسميته المؤرخ المغربي الراحل، عبد الهادي التازي، إن أصله أندلسي مأخوذ من كلمة "serilla "، وحورت في اللهجة العامية المغربية لتصبح "شربيل"، وأشهره الفاسي نسبة إلى مدينة فاس عاصمة دولة الأدارسة، يليه المراكشي نسبة إلى مدينة مراكش عاصمة دولة المرابطين، ثم الصويري نسبة إلى مدينة الصويرة مرفأ الإغريقيين والفينيقيين والرومانيين.

صنْعة الأصالة
حرفة النعالة، تحولت ككثير من الحرف التقليدية إلى صناعة تدخل فيها الآلات، تقدم منتوجاتها للأسواق بأثمان أرخص لكن بجودة أقل أو منعدمة، لكن المغاربة في مناسباتهم الدينية والوطنية وفي مناسباتهم الخاصة لا يستبدلون "البلغة" المصنوعة من جلد، بيد صانع تقليدي، بغيرها.
يقول عز الدين الصفياوي، لـ"العربي الجديد" وهو محترف صْنعة النعالة، إن "الحرفيين في جميع الصنْعات التقليدية يحاولون عدم ترك مهنهم التي ورثوها أباً عن جد، ويدرب على فنونها معلمون قل نظيرهم، إلا أنه فيما يخص النعالة وبالرغم من تغير الظروف الاقتصادية للمغاربة التي أثرت بشكل كبير على إقبالهم على شراء البلغة، وبالرغم من تغير أذواقهم أيضاً حيث صارت عصرية أكثر إلا أنهم لا يستغنون عن الأصالة".
يزود عز الدين بإنتاجه محلات تجارية في باب "سوق باب السمارين" بمدينة مراكش، وهو واحد من أبواب المدينة العتيقة، وتجد مثيلاً له في مدينة فاس، وسُمّي السمارين لأنه كان بداية سوقاً لصنع الصفائح الحديدية التي توضع على قوائم الخيول والدواب، قبل أن يتحول إلى ملتقى للحرف التقليدية وبينها صنْعة النعالة.



في هذا السوق تدخل عالماً قصصياً حقيقياً، فالصناع التقليديون يبدعون في تقديم تراثهم الذي يجعل من المغرب، من بين عوامل أخرى، إلى اليوم حالة اجتماعية وثقافية خاصة في العالم العربي، بينما يعتبره الغربيون حكاية من ألف ليلة وليلة، ولذلك ما يبرره وأن تطوف في أسواق مدنه العتيقة، ترى الذوق المصقول بالخبرة يقدم الجمال ليكون جزءاً من بيتك ولباسك وآنيتك وغيرها.
هذا العالم فاتحة للأعراس أيضاً في المغرب، حيث لباس العروس ونعلها حكاية. من ذلك أنه لا يمكن أن يهدى للعروس في المغرب غير "شربيل الصم" أو "الصقلي" الحرّ، وهو خيوط ذهبية وألماسية تخاط على الشربيل، ويخاط بها أيضاً القفطان المغربي، وهو ما جرت به العادة المتوارثة منذ حقب.
يقول عبد الهادي التازي، في كتابه "أعراس فاس .. العادات الشعبية"، إن "العريس يبعث بقطعتين، إحداهما من الخيط المقصب، والأخرى من الحرير الأبيض، وذلك لأخذ مقياس رجلي عروسه حتى يعد لها الشربيل". وأجود أنواع البلغة والشربيل هي الفاسي، ليس فقط بسبق تاريخي لمدينة فاس العريقة وإنما أيضاً بشهادة الحرفيين، وهو ما تقوله الأسعار أيضاً (ما بين 70 و100 دولار).

لالّة مولاة الشربيل
في المغرب يُنادى على النساء بصفة "لالّة" أي السيدة المصانة ورفيعة القدر، وفي المدن العتيقة من المألوف أن تسمع وصف "لالّة مولاة الشربيل" أي السيدة صاحبة "الشربيل"، كناية عن الشابات في سن الزواج وعن العرائس، كما هو إشارة غزلية وتحببية أيضاً، وهو ما أعلنته أغان شعبية مغربية وأشار إليه عدد من قصائد فن الملحون.

يقول لـ"العربي الجديد" الشاعر المغربي، نور الدين بازين، إن "المدن العتيقة منبع للزجل/الشعر الشعبي وشعر الملحون الذي تغنى فيما تغنى به بالمرأة، تحديداً صاحبة الشربيل، مستعملاً وصف مولات الشربيل والشعر الطويل".
والحديث عن لبس المرأة لـ"الشربيل" من بين تفاصيل أخرى حسب بازين "تميز جميعها الثقافة الشعبية المغربية عن غيرها من الثقافات العالمية الأخرى، فأنتجت هذه الثقافة قصائد في مختلف الأغراض نتيجة تكوين يرافق التحاق المغاربة بدرب الحرف التقليدية أكثر من غيرها، وإبداعهم في ذلك".