"السيتكوم" المغربي "زايد ناقص"... السهل الممتنع

"السيتكوم" المغربي "زايد ناقص"... السهل الممتنع

30 مارس 2020
+ الخط -
هناك بعض الأعمال التلفزيونية التي تشاهدها وتترك فيك نوعاً من السرور العجيب، الذي يحمل مشاعراً تحس بها خلال أو بعد مشاهدة العمل. وأنا أشاهد سيتكوم "زايد ناقص"، أحس بوجهي يتمدد تلقائياً ويرسم ابتسامة حيناً وضحكات أحياناً أخرى، أو يجتمعان معا ليُكَوّنا الابتسامة/الضحكة، فيجعلاني أشعر بسعادة قصوى.

نحن أمام مجموعة من الشخصيات الحية أمام الشاشة، يجعلونك تنسى أنك أمام عمل تلفزيوني، وعوض ذلك تدرك أنك أمام أناس بكاريزمات واقعية وبكيمياء مذهلة فيما بينهم، شخصيات مبنية بناء جيداً تعزز المواقف الكوميدية العبقرية، وأحيانا العفوية والتي تجعلنا نلتصق بإحكام مع شخوص السيتكوم، وتعمل على شحن مشاهد الفيلم بعدة طاقات مليئة بالواقعية، هذه الأخيرة تأتي أيضا من الحوار الذكي الذي رغم أنه يطول كثيراً في بعض الأحيان، إذ تصل في بعض المشاهد إلى أكثر من 6 دقائق، إلا أنني أستمتع به بشكل غريب. أحب عندما تأتي شخصية ياسمينة وتزعج صاحب الدكان السي المكي في الصباح الباكر، ويحدث بينهم ذلك الشجار الحلو الذي يضحكنا، ناهيك عن المشاهد التي تجتمع فيها الشخصيات كلها خصوصا في منزل العزيزة، فتعطي إلى كل واحد العبارات الحوارية التي تمثله ولا تختلف عن طباعه بل تكمل تلك الشخصية وتجعلها ترتبط مع الآخرين ارتباطاً وثيقاً.


منذ الحلقة الأولى، أسس المسلسل لمجموعة من الصراعات بين عدة شخصيات، وهذا ما أدى إلى كوميديا ذكية آتية بشكل ضمني من الحوار المعتمد على الأخذ والرد بين الشخوص، ولعل أهمها: الصراع بين المكي وبوغابة، وهكذا يستمتع الجمهور بنوع مميز من الكتابة الحادة Sharp writing التي تعطي لكل شخص في المسلسل سحرا وجاذبية.

في السيتكومات الكوميدية، نجد أماكن قليلة حيث تترابط الشخصيات وتتحدث فيما بينها، وهذا ما لا يختلف هنا في "زايد ناقص"، لذا نجد (حانوت سي المكي - دكان بوغابة - منزل العزيزة - سطح منزل العزيزة "للكراء"...)؛ توجد هذه المواقع تقريباً في كل حلقة، لذا فهي عناصر هامة تتعلق بشكل مباشر مع نفسيات الشخصيات الداخلية، فها هو السي المكي يعتني كثيراً بدكانه المتواضع، ويكره أن يكون هناك شيئاً غير صحيح، والذي غالباً ما يسببه مساعده "الموتشو" الذي يخرب كل شيء يحرص عليه "المعلم ديالو"، فتارة يستشيط المكي غضباً وتارة أخرى يصبر، لأنه يعلم أنه يحتاج إلى مساعده، على الرغم من أن هذا الأخير مستهتر كبير، كل هذا بالاستناد على المكان الذي هو محور الكوميديا في "زايد ناقص".

أعتبر رد الفعل Reaction من الوسائل اللافتة للنظر والمهمة التي تساعد على الارتقاء بالمنظور الكوميدي في المشاهد السيتكومية، ناهيك عن أن مسلسلات عالمية مثل The office تعتمد كلياً على ردود فعل الممثلين من أجل إضحاك المشاهدين، وهي طريقة حميمية تجعل الشخصيات أكثر واقعية وحيوية. هنا في زايد ناقص، تم اعتماد التقنية بذكاء، فمثلاً في مشهد تأتي ياقوتة إلى دكان المكي لشراء بعض المقتنيات، ثم تقترب الكاميرا بطريقة Zoom على وجه الموتشو، لنرى ردة فعله المضحكة والفورية حيال المشهد.

أحمد الرداني، فاطمة وشاي، حسن فلان، جواد السايح، محمد بنبراهيم...، وغيرهم من الرواد، قدموا أداء تمثيلياً رائعاً، من خلاله يسمح الممثلون لأنفسهم بالاندفاع والخوض بشكل كامل في شخصياتهم، بالإضافة إلى لحظات نشعر بها نحن الجمهور أنها مشاهد ارتجالية وهذا نوع من العبقرية في الأداء، وجعل مجموعة من الشخصيات تندفع نحو الحياة أمامنا على شاشتنا الصغيرة.