"الدنمارك" بوابة اللاجئين للشمال.. ترحب شعبياً وتتراشق سياسياً

"الدنمارك" بوابة اللاجئين للشمال.. ترحب شعبياً وتتراشق سياسياً

14 سبتمبر 2015
آلاف المتظاهرين طالبوا الحكومة باستقبال اللاجئين (العربي الجديد)
+ الخط -

خلال الأيام الماضية، كانت دوائر الشرطة في المدن الدنماركية، تفرغ من منسوبيها وموظفيها، الكل يتجه تقريبا نحو الحدود الألمانية، وبالرغم من ذلك تقدر "قيادة الشرطة الوطنية" أعداد الداخلين إليها من اللاجئين بحوالي 3 آلاف شخص.

تلك الأعداد كانت مثار جدل سياسي كبير، حين أعلن مدير الشرطة الوطنية السبت، أنه لن يعطي المزيد حول تلك الأرقام.
بينما عبر وزير العدل سورن بيند، عن رغبته في أن "يطلع الرأي العام على أرقام اللاجئين الداخلين إلى البلاد"، قول الوزير كان لتهدئة اليمين المتشدد بزعامة حزب الشعب، الذي بات يصرخ كثيرا "من توافد الأعداد الكبيرة"، بينما عادت الشرطة الوطنية لتؤكد أنها لن تعطي أرقاما غير قادرة على الالتزام بها.

ما يقلق السياسيين والأمنيين الدنماركيين ليس اللاجئين العابرين لأراضيهم، بل "أن تفقد البلاد إمكانية التدقيق في هويات ومقاصد الداخلين، وقد يكونون من مهربي مخدرات وأسلحة وتجار بشر يحاولون العبور عبر فوضى اللجوء"، بحسب ما تصرح به الشرطة الدنماركية لوسائل الإعلام المحلية.

تلك التخوفات تدفع بيسار الوسط المعارض إلى طلب المزيد من الموازنات لـ"تأمين الحدود في وجه من يهدف إلى ممارسة أعمال جنائية وأهمها التهريب، وهو ما أكدت عليه مسؤولة العدل في حزب الديمقراطيين الاجتماعيين، المعارض لحكومة أقلية اليمين ترينا برامسن.

وبحسب ما يرشح من خطوات ستقدم عليها الدنمارك، هو المزيد من المسح لأرقام السيارات العابرة، والتشدد في فحص جوازات السفر في المطارات ومراقبة الموانئ أكثر من السابق.

حزب الشعب اليميني المتشدد بات يتهم حكومة اليمين التي يدعمها بأنها "تفقد السيطرة تماما، وقول الشرطة إنها لن تعطي تفاصيل رقمية لأعداد الداخلين هو أمر مفزع"، بحسب ما يصرح به مسؤول سياسات الدمج فيه مارتن هينركسن، الشخصية التي تتزعم كل ما يتعلق بسياسات اللجوء والأجانب في حزبه.
فذلك الحزب يرغب في أن يقال "الآلاف يعبرون كمهاجرين"؛ وهو ما أكد عليه هينركسن مرددا: "لقد عبر الآلاف من المهاجرين لحدودنا مع ألمانيا".

ويفيد بعض المراقبين  في كوبنهاغن لـ"العربي الجديد" أن "توقف الشرطة عن إصدار أرقام منذ السبت، يهدف لمنع سوء استخدام رقم 3 أو 4 آلاف للإيحاء بأن الآلاف والآلاف يعبرون".
وقبل توقف الشرطة عن إعطاء أرقام تفصيلية، قالت شرطة الجنوب على حدود ألمانيا إنه "بين الساعة السادسة مساء الجمعة والسادسة صباح السبت دخل 225 لاجئا/ مهاجرا، وبذلك يرتفع عدد الذين دخلوا خلال 24 ساعة لأكثر من ألف لاجئ".

اقرأ أيضا: لاجئون في الدنمارك يتوجهون إلى مالمو السويدية

وبحسب ما صدر عن الشرطة فإن 70 في المائة من هؤلاء هم من "الأفغان والعراقيين والسوريين ويرغبون في مواصلة السير نحو الشمال".

واقع الحال يقول إن معظم الذين يدخلون الدنمارك هم من الذين يرغبون بالانتقال إلى السويد، بل وحتى في السويد تقول شرطتها إن المئات من هؤلاء عبروا عن رغبتهم في متابعة طريقهم "نحو فنلندا والنرويج".

التراشق الدنماركي حول اللاجئين لم يبق داخليا، بل تعدى الحدود الشرقية والشمالية نحو السويد التي قال رئيس وزرائها ستيفان لوفين يوم الخميس إنه "يأسف لعدم التزام الدنمارك بما تمليه اتفاقية دبلن لتسجيل كل اللاجئين".
لكن سرعان ما عاد مدير دائرة الهجرة في استوكهولم، ليوضح أنه لا يمكن للدائرة في ظل عدم وجود موظفين كفاية لتسجيل اللاجئين عندما يصلون إلى السويد، وهؤلاء الذين يرفضون التسجيل تحال قضاياهم إلى الشرطة التي ستتعامل معهم كمقيمين غير شرعيين في السويد".

وقال لوفين في تعقيبه على التعامل الأوروبي مع أزمة اللاجئين، إن الأمر "مسؤولية أوروبية مشتركة" وهو يأمل في أن يجد اجتماع الاثنين، بين الوزراء الأوروبيين حلولا مشتركة لتلك الأزمة.

اقرأ أيضا: النمسا تعلّق حركة القطارات مع ألمانيا بسبب تدفّق اللاجئين

ترحيب شعبي
من ناحية أخرى، خرج ما يقدر بـ 34 ألف مواطن دنماركي، مقابل البرلمان في كوبنهاغن أمس السبت، وهم يرحبون باللاجئين الحاضرين إلى بلدهم، بينما فشل معارضون لاستقبال الدنمارك للاجئين في تأمين ما سموه "تظاهرة حماية الحدود"، في الحشد لعشرات الآلاف كما وعدوا عند الحدود الجنوبية لبلدهم، فقد حضر فقط 75 شخصا يرفعون شعارات تطالب بإغلاق الحدود.

ورفع المتظاهرون الذين تجمعوا أمام برلمان بلدهم، والذين قدر عددهم بحوالي 30 ألف متظاهر، شعارات مناهضة ومتهمة لسياسيين بـ"العنصرية"، كما في حالة وزيرة الأجانب والدمج انغا ستويبرغ.



وشهدت مدن حدودية في بادبورغ على حدود فلانسبورغ الألمانية، حشدا شعبيا يرفع لافتات "مرحبا باللاجئين"، وهو أمر شهدته أيضا كبريات المدن الأخرى، بالتزامن مع خروج شعبي أوروبي مرحب بهؤلاء.




ومن أهم ما نشره منظمو حملة "مرحبا باللاجئين" في بيانهم الصحافي الذي تلقى "العربي الجديد" نسخة عنه: "لا يمكننا أن نترك حكوماتنا تغلق الحدود، وتبني سياجا وجدرانا لتمنع المضطرين للفرار من بلادهم أن يدخلوا إلينا. هذه ليست أوروبا التي يجب أن نقف لأجلها. لا يمكننا أن نتفرج ونحن نرى سياسيينا ووسائل الإعلام تشوه صورة هؤلاء الرجال والنساء والأطفال وجعلهم وكأنهم تهديد لنا".

من جهة ثانية أظهر استطلاع نشرت نتائجه اليوم الأحد، بأن أغلبية دنماركية من 63 في المائة، تؤيد حصول اللاجئين الذين يصلون إلى الدنمارك على مساعدة بلدهم لهم.

بينما يذهب أيضا 61 في المائة من المستطلعين، وفق ما نشرته التلفزة الدنماركية، يرغبون بأن تتم مساعدة هؤلاء اللاجئين على "أن يتم بالإمكان مساعدتهم للعودة إلى بلادهم بأسرع وقت ممكن".

وعبر مسؤول هيئة مساعدة اللاجئين الدنماركية اندرياس كام، عن تفهمه لمواقف الشعب الدنماركي بالقول: "شيء جيد أن ترى أن الدنماركيين يتفهمون حاجة هؤلاء للمساعدة، فقد أثرت بهم صور اللاجئين في محنتهم، وهم يرغبون بتقديم المساعدة لهم، وخصوصا حين يظهرون خلف الأسلاك الشائكة ويموت الأطفال منهم غرقا".

وتظهر نتائج الاستطلاع أن حزب الشعب اليميني المتشدد، ورغم أنه حصل على 21 في المائة من أصوات الناخبين في الانتخابات الأخيرة صيف هذا العام، إلا أنه من المجيبين على الأسئلة لم يؤيد سوى 17 في المائة مطالب ذلك الحزب بـ "إغلاق الحدود بوجه اللاجئين" وهو ما يعده مراقبون ومحللون محليون تراجعا لمكانة وخطاب التشدد عند جمهور حزب الشعب.

ولا يستغرب مدير هيئة مساعدة اللاجئين (مؤسسة رسمية تعنى بشؤون اللاجئين ودمجهم)، كام بان، أن الدنماركيين يرغبون بإرسال اللاجئين إلى بلادهم بعد فترة "فذلك أمر سيسعد هؤلاء بالعودة إلى ديارهم، بعد أن تصحح الأمور التي فروا منها، فهذا أمر لمسته عند السوريين الذين يودون أن يعودوا إلى بلدهم".

اقرأ أيضا: الشرطي السويدي والشرطي المجري... والطفل اللاجئ