"التطهير 4": تكرار فقير لفكرة قوية

"التطهير 4": تكرار فقير لفكرة قوية

30 يوليو 2018
من "التطهير 4" لجيرارد ماكموري (فيسبوك)
+ الخط -
خلق "التطهير" (2013) لجيمس دوموناكو (تمثيل إيثان هوك) "ديستوبيا" مستقبلية بشكل غير معتاد: وصول حزب يميني متطرّف إلى السلطة بعد تدهور الاقتصاد الأميركي، ويقرّر (الحزب) أن يسمح بارتكاب أنواع الجرائم كلّها في يومٍ واحد كلّ عام يُسمّى "يوم التطهير"، لاستئصال الغضب والمشاعر المتطرّفة والسلبية، وفي الوقت نفسه للتخلّص من المواطنين الأكثر فقرًا، الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. 

رغم ميزانيته المنخفضة (3 ملايين دولار أميركي)، حقّق الفيلم نجاحًا مقبولاً جدًا (89 مليونًا و328 ألفًا و627 دولارا أميركيا) بفضل فكرته وملامسته الهواجس الأميركية المعاصرة، وبفضل أسلوب مخرجه في استخدام تصوير قريب من الأفلام المنزلية، مع مشاهد توثيقية تملأه، ما منحه حسًا واقعيًا وحقيقيًا. استُكمل هذا في الجزءين الثاني The Purge: Anarchy (2014) والثالث The Purge: Election Year (2016)، اللذين ازداد فيهما منحاه السياسي وأفكاره اليسارية.

ليست صدفة إطلاقًا أن يتزامن "عام الانتخابات" مع الانتخابات الأميركية، وأن يُشبه خطاب المرشح اليميني في الفيلم دونالد ترامب وخطابه، وأن تكون منافِسته في الفيلم امرأة، إكمالاً للموازاة مع هيلاري كلينتون، المرشّحة الديمقراطية حينها.

في الجزء الثالث، كانت الأحداث منتهية فعليًا بتصويت الشعب ضد يوم التطهير. لذلك، ومع رغبة المنتجين في استمرار السلسلة، تمّ اللجوء إلى فكرة الـprequel المنتشرة مؤخّرًا في أميركا: العودة إلى أصل الحكاية المعروفة نهايتها. فكان The First Purge، المعروض حاليًا في الصالات السينمائية، والمرتكز على مساحة تأسيس توحي باحتمال أن يكون المشروع جيّدًا. لكن ما حدث أن الأمر كلّه استثمارٌ لنجاح سلسلة منخفضة الكلفة، من دون أفكار جديدة، ومن دون أي ابتكار في مسار الأحداث.



الفيلم غير مهتمّ بمسألة نموّ الأفكار المتطرّفة أو الدوافع السياسية والاقتصادية التي أدّت بالشعب الأميركي إلى قبول فكرة "التطهير"، فيمرّ عليها بشكل عابر. ولا مبالغة في القول إنّه لا يمنح المُشاهد معلومات أكثر من الجزء الأول: انهيار اقتصادي وارتفاع البطالة وأزمات سياسية لا تنتهي، فيختار الشعب حزب "الآباء المؤسِّسين" اليميني الذي يتبنّى الفكرة.

وكالأجزاء السابقة كلّها، يبدأ الفيلم قبل ساعات قليلة من بداية يوم التطهير، الذي يحدث هنا للمرّة الأولى بشكل تجريبي على جزيرة "ستاتن" في نيويورك، التي يُرفع عنها القانون لـ12 ساعة. واللحظة لافتة للانتباه، مع مفاجأة الحزب وقادته بأن الناس لا يشتركون في التجربة ولا جرائم تحدث على الجزيرة في الساعات الأولى، ما يدفعهم إلى إدخال رجال عصابات ومجرمين خطيرين لممارسة "التطهر"، وهو ما يفتح المجال أمام أفكار مثيرة تحرّك الفيلم، عن فطرة البشر وكيفية تغذية الجانب العنيف فيهم عند الشعور بالخطر وإشاعة الفوضى.

لكن الفيلم غير مهتمّ بهذا كلّه، فيسير على الشكل نفسه للبناء التقليدي للسلسلة للمرة الرابعة: يحاول الأبطال النجاة من قتلة ومتطرّفين يرتدون أغطية رأس مخيفة، مع دماء وجرائم قتل كثيرة، ورسالة سياسية تكرّر نفسها أيضًا عن خطورة الأفكار اليمينية وضرر العنف على المجتمع.

لذلك، فإن "التطهير الأول" لم يستفد أبدًا من العودة إلى الوراء لتأسيس ما هو معروف، بل مجرّد تكرار مملّ للحبكة الناجحة نفسها. وما يزيد الأمر سوءًا أن المستوى الفني للفيلم أقلّ، رغم بلوغ ميزانيته 13 مليون دولار أميركي (أي 4 أضعاف ميزانية الجزء الأول). لكن مخرجه جيرارد ماكموراي (يكتفي مبتكر السلسلة جيمس دومناكو بدوره ككاتب سيناريو فقط) قدّم صورة أكثر فقرًا من الأجزاء السابقة، وشريط صوت شديد السوء ومفتعلا جدًا في الفترات كلّها في الفيلم.

دلالات

المساهمون