"البربارة"... من طقس ديني إلى مناسبة اجتماعية فلسطينية

"البربارة"... من طقس ديني إلى مناسبة اجتماعية فلسطينية

رام الله

جهاد بركات

جهاد بركات
17 ديسمبر 2019
+ الخط -
لم تتوقف مريم مسعد "أم ميشيل"، منذ أربعين عاماً، عن إعداد حلوى "البربارة" في منزلها، لكنها كانت تجهزها لعائلتها فقط، واليوم، تطهوها برفقة عدد من نساء قرية عابود شمال غربي رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، في أوان كبيرة لتكفي المحتفلين بعيد "القديسة بربارة" حسب التقويم الشرقي.

تبدأ أم ميشيل ظهراً طهي القمح الذي يتم سلقه مسبقاً، ومع الوقت تحرّك المكونات كي لا تلتصق بأواني الطهي، فيما يضاف السكر تدريجياً، ثم القرفة واليانسون والشومر، ثم الزبيب واللوز.

تقول أم ميشيل، لـ"العربي الجديد": "كنا نقوم بطهي حلوى البربارة في منازلنا، لكن منذ حضر الأب عمانوئيل عواد قبل عشرة أعوام، أصبح للمناسبة شكل آخر، فهو يدعو الناس للاحتفال، ويدعو المطارنة والخوارنة، وكل من يشارك يأكل من حلوى البربارة التي نعدّها بشكل جماعي، سواء كان مسيحياً أم مسلماً".

أثناء الحديث، تسكب عدد من نساء قرية عابود، الحلوى الجاهزة في أطباق صغيرة حتى تنخفض درجة حرارتها، وبعدها يتم تزيينها بـ"القضامة" المطحونة، والجوز والملبس، ليصبح المشهد أشبه بلوحة فنية تنتظر المحتفلين مساء بعد أن يعودوا من قداس الثالثة عصراً، والمسيرة نحو دير القديسة بربارة، وهو كهف على تلة صخرية غرب عابود، مساء 16 ديسمبر/كانون الأول من كل عام.

يتشارك مسيحيون ومسلمون الاحتفال، وتقول نورا محسن (أم خليل) لـ"العربي الجديد": "كل الطائفة تقوم بطهي حلوى البربارة في المنازل، ونقوم بتوزيع الحلوى على الجميع، بما في ذلك جيراننا المسلمون، وأبناؤهم ينتظرونها ويسألون عنها، وهناك نساء مسلمات يسألوننا عن كيفية صنعها في البيوت".

بدأ الطهي الجماعي في 2009، بدعوة من الأب طلعت عواد المعروف كنسياً بعمانوئيل عواد، وهو راعي كنيسة الروم الأرثوذوكس ببلدة عابود، والذي قال لـ"العربي الجديد": "دعوت منذ مجيئي إلى عابود إلى أن يكون الاحتفال بالعيد دينياً واجتماعياً، ففي المناطق الأخرى تطهو كل عائلة حلوى البربارة في منزلها وتأخذها إلى الكنيسة. لكن في عابود، يتم طقس ديني بالاحتفال في الكنيسة والصلوات، وطقس آخر اجتماعي كون البلدة احتضنت القديسة بربارة التي اختبأت في هذا المزار الذي نذهب إليه".



بعد إقامة القداس داخل الكنيسة، تنطلق مسيرة تتقدمها فرقة كشفية، ثم رجال الدين، لتصل في النهاية إلى دير القديسة بربارة الذي يقع على تلة في عابود. يدخل رجال الدين ومعهم ممثلون سياسيون وآخرون دبلوماسيون إلى الكهف ليضيئوا الشموع، ثم يدخل بقية المشاركين.


والكهف أساسي في قصة القديسة بربارة، حسب قول الأب عواد: "الرواية تقول إنها عندما هربت من والدها الوثني بعد اكتشافه اعتناقها المسيحية؛ لاحقها جنود، فاختبأت داخل حقل من الحنطة، ولم يجدها الجنود".

وتعرض الكهف إلى اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي عام 2002، ويقول عواد: "الاحتلال برر القصف بوجود ناس أو نار في الكهف، لكن ما نستنتجه أنّ الهدف إبعاد الناس عن المزار وعن البلاد والتراب والوطن، ونحن لم نقف مكتوفي الأيدي حينها، بل تظاهرنا، وساعدتنا دول عدة لإزاحة جدار الاحتلال العنصري إلى خلف المزار".

وأشار عواد إلى أنّ المسيرة إلى الكهف باتت أكثر زخماً بعد واقعة القصف، خصوصاً بعد تعبيد الطريق، وهي تحمل سنوياً أمنيات بأن يعمّ السلام.

دلالات

ذات صلة

الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.
الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.
الصورة

مجتمع

يضطر سكان شمال قطاع غزة إلى الانتظار لساعات طويلة للحصول على مساعدات إنسانية، جراء اشتداد الجوع بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أشهر...