"الأردن المُحصَّن"... خرافةٌ عبثت بها أيامٌ أربعة

26 يوليو 2014
قد يعلن التيار السلفي انحيازه لداعش (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

أكدت ثلاثة أحداث، توالت في أربعة أيام متتالية، أن التطمينات التي تكررها الدولة الأردنية عن كونها محصنة من أي خطر خارجي، مُبالَغ فيها، وأن المملكة مستهدفة من جهات عدة. الأيام الأربعة محصورة بين الثلاثاء 22 يوليو/ تموز الجاري، وفجر الجمعة 26 يوليو، ووجهت ضربة قوية الى شعار "البلد المحصّن" الذي يتغنى به حكام المملكة في مواجهة الاضطرابات في الجوار؛ فعلى سطح طاولة تلك الأيام، توالت الأخبار موجزة أخفيت تفاصيلها تحت الطاولة.

أولها، ضبط قوات حرس الحدود الأردنية، على الواجهة الشمالية الغربية مع سورية، كميات كبيرة من الذخيرة آتية من سورية، لم يحدَّد حجمها ولا نوعها، وأكتفى بيان صادر عن الجيش بالقول إن تلك الذخيرة كانت في طريقها إلى إحدى دول الجوار، من دون تحديدها.

الحدث الثاني، أعلنت عنه إسرائيل بصيغة أن جيشها اعترض شحنة أسلحة آتية من الأردن أيضاً، عبر البحر الميت، وهو الاعلان الذي شككت فيه الحكومة الأردنية، رغم أن مسؤولاً حكومياً قال، لـ"العربي الجديد"، إن حركة التهريب قديمة ومستمرة، من دون أن ينفي الواقعة التي أعلنت عنها تل أبيب أو يؤكدها.

ثالثاً، وأخيراً، الاعلان عن تدمير سلاح الجو الأردني طائرة استطلاع، فجر الجمعة، اخترقت الأراضي الأردنية، فوق سماء محافظة المفرق، شمال شرق عمّان، وطافت فوق مخيم الزعتري للاجئين السوريين، وهو الحدث الذي انتظر الجيش أكثر من ست ساعات للإعلان عنه صراحة، معرِّفاً الطائرة في بيانه بـ"الهدف الجوي"، الذي لم يحدد مصدره كالعادة. وقال الناطق باسم الحكومة، محمد المومني، لـ"العربي الجديد"، إن تحديد مصدر الطائرة ينتظر "جمع حطامها المبعثر بسبب قوة الضربة التي أحدثها الصاروخ، وهو ما بدأ فريق مختص أرسل لهذه الغاية بالعمل عليه".

الحوادث الثلاثة، والتي خيّم التعتيم على أجزاء كبيرة من تفاصيلها، تطرح السؤال من جديد: هل المملكة محصنة؟ أم هل المملكة تستطيع حتى الآن مواجهة محاولات استهدافها؟
نظرياً، استطاعت المملكة، حتى الآن، الصمود في وجه الاستهداف الذي تتعرّض له، والذي يتصاعد بشكل مستمر. فالسلاح المضبوط، سواءً كانت المملكة مستقراً له أو معبراً لمروره، يشكل استهدافاً مباشراً لأمن المملكة. كما أن اختراق طائرة الاستطلاع، هو اعتداء صريح على سيادة البلد، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى خطر على أمنها.

القدرة على الصمود حتى الآن، حقّقها جيش قوي، وقوات حرس حدود محترفة ومزودة بأفضل وسائل المراقبة الحديثة، وجهاز استخبارات يمتلك أذرعاً في الدول المرجّح أن يأتي الخطر منها إلى المملكة، وكل ذلك جيد في ظل حجم الاستهداف الحالي، أو المعلن عنه، لكن همساً بدأ يُسمع عن عدم كفاية ما هو موجود، في ظل العمل على رفع أعداد قوات حرس الحدود البالغ قوامها 10 آلاف عنصر، وضرورة زيادة منتسبي القوات المسلحة، وتعزيز العمل الاستخباري ضمن استراتيجية القضاء على الخطر قبل وصوله.

وخلال الأيام الأربعة، وتحت الطاولة، بعيداً عن ضجيج الاعلام، يجري أعضاء التيار السلفي الجهادي في الأردن، مراجعة صاخبة، ستحدد انحياز التيار لتنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) التي وضعت المملكة ضمن حدود دولتها المستقبلية، أو لـ"جبهة النصرة"، فيما ترشح أخبار أن الكفّة تميل لصالح "داعش"، وأن تمرداً من قبل كوادر التنظيم طال فتاوى المنظّرَين:
عصام البرقاوي، الملقب بأبي محمد المقدسي، وعمر محمود عثمان، الملقب بأبي قتادة، وهي الفتاوى التي أبطلت خلافة "داعش".

كل تلك التفاعلات المعلنة وغير المعلنة، والتي يشكل أصغرها خطراً حقيقياً، تفرض على المملكة الانتقال من شعار "المحصّنة" إلى "المستهدفة"، وهو ما يفرض عليها معالجة مختلفة للمخاطر، تكون بدايتها الافصاح وعدم التعتيم.

المساهمون