"ابن بطوطة لأدب الرحلة": عشرة فائزين وحجب "الدراسات"

"ابن بطوطة لأدب الرحلة": عشرة فائزين وحجب "الدراسات"

17 يناير 2019
(تمثال ابن بطوطة في "متحف تشيوانتشو" في الصين)
+ الخط -

تُمثّل الأدبيات المتوافرة حول الرحلات والأسفار في مدونة التراث العربي كتابات متخصّصة قدّمها رحالة اهتموا بالجغرافيا وتاريخ المدن وتقديم معلومات شاملة حول طبيعتها ومناخها، بينما أصبحت اليوم جنساً أدبياً مستقلاً يبرع فيه الروائيون والقاصون والشعراء أيضاً، الذين تشكّل كتابتهم معظم ما يصدر اليوم في هذا المجال.

في هذا السياق، أُعلن اليوم في لندن عن نتائج الدورة السابعة عشرة من "جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة"، التي يمنحها مشروع "ارتياد الآفاق" بـ"المركز العربي للأدب الجغرافي"، بهدف إحياء الاهتمام العربي بالأدب الجغرافي.

فاز بالجائزة في فرع "النصوص الرحلية المحقّقة" كلّ من الباحث والأكاديمي هثيم سرحان من الأردن عن "نَشْوَة الشَّمول في السَّفر إلى إسلامبول ونشوة المدام في العودة إلى مدينة السّلام" لأبي الثناء محمود شهاب الدين الآلوسيّ، الذي يتتبّع فيه رحلة مفتي بغداد في النصف الأول من القرن التاسع عشر بعد عزله عن منصب الإفتاء، والباحث أسامة بن سليمان الفليّح عن "أسفار فتح الله الحلبي 1830 - 1842"، الذي يرصد رحلة أحد الرحّالة الشوام إلى باريس برفقة الرحالة المالطي لاسكاريس دي فنتيميل، ولقائه الشاعر الفرنسي لامارتين.

في فرع "الرحلة المعاصرة – سندباد الجديد"، فاز عثمان أحمد حسن من السودان عن كتابه "أسفار إستوائية: رحلات في قارة أفريقيا، الذي يغطي جولات كاتب ودبلوماسي سوداني يتنقل في شرق ووسط القارة السمراء، ومهدي مبارك من مصر عن كتابه "مرح الآلهة: 40 يوماً في الهند"، الذي يصور فيه المرئيات والوقائع والأخبار التي يختلط فيها الواقعي بالحلمي، والمنطقي بما هو غير معقول.

إلى جانب مختار محمد شحاته من مصر عن كتابه "في بلاد السامبا: يوميات عربي في البرازيل" الذي يلتقط المُفارق والمختلف والمشترك في حياة البرازيليين، عبر المدن وفي الأرياف، وخلود شرف من سورية عن كتابها "رحلة العودة إلى الجبل: يوميات في ظلال الحرب"، وهو يوميات على خلفية حرب مرعبة تسبّبت بقتل مئات الآلاف.

ونال الجائزة في فرع "اليوميات" الروائي السوري خيري الذهبي عن كتابه "من دمشق إلى حيفا: 300 يوم في الأسر الإسرائيلي"، الذي يروي يوميات ضابط سوري أسير لدى "إسرائيل "خلال حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، بينما فاز بها في فرع "الترجمة" السعودي عائض محمد آل ربيع عن كتاب "وراء الشمس: يوميات كاتب أحوازي في زنازين إيران السرية" للكاتب الإيراني يوسف عزيزي، الذي يسرد يوميات كاتب منفي ينتمي إلى أرض عربية محتلة كانت حتى ثلاثينيات القرن الماضي بلاداً مستقلة، والسوري كاميران حوج عن ترجمة كتاب "فاس: الطواف سبعاً" للكاتب الألماني شتيفان فايدنر، الذي يقدّم تأملات في علاقة الحاضر الشرقي بعلماء ورموز المتصوفة.

وإلى جانب المخطوطات الفائزة وتلك التي أوصت اللجنة بطبعها تبنت الجائزة نشر عدد من الرحلات المعاصرة واليوميات، جاءت إما بشكل منفصل عن الجائزة، أو مما اختارته لجنة التحكيم لقيمته الاستثنائية، حيث سيجري الإعلان عن هذه الرحلات لاحقاً.

كما حُجبت هذا العام الجائزة في فرع "الدراسات" لـ "عدم كفاءة النصوص المشاركة"، بحسب بيان الجائزة الذي أشار إلى "استمرارها في الكشف عن الجديد في باب اليوميات والرحلة المعاصرة، والكشف بالتالي عن يوميات لأقلام عربية مرموقة لم يسبق لها أن غامرت في كتابة أدب الرحلة".

الجائزة التي يشرف عليها الشاعر نوري الجرّاح ويرعاها الشاعر محمد أحمد السويدي، تكوّنت لجنة التحكيم في دورتها هذه من كل من: خلدون الشمعة، وعبد الرحمن بسيسو، ووليد علاء الدين، والطائع الحداوي، وشعيب حليفي، وبلغ عدد المخطوطات المشاركة 51 مخطوطاً من 12 بلداً عربياً توزعت على جميع الفئات.

وتصدر الأعمال الفائزة عن "دار السويدي" في سلاسل "ارتياد الآفاق" للرحلة المحققة، وسلسلة "سندباد الجديد" للرحلة المعاصرة، وسلسلة "اليوميات"، وسلسلة "دراسات في الأدب الجغرافي"، بالتعاون مع "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت. "أما الرحلة المترجمة والأعمال المنوه بها من قبل لجنة الجائزة من يوميات ورحلات فتنشر بالتعاون مع "دار المتوسط" في ميلانو".

ويُنتظَر أن تُوزَّع الجوائز في احتفالين متعاقبين يقام الأول ضمن فعاليات "معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب" وتستضيفه وزارة الثقافة المغربية في العاشر من الشهر المقبل، والثاني في أبو ظبي أواخر شهر أبريل/ نيسان المقبل خلال معرض الكتاب الذي يُقام في المدينة، وترافق الاحتفالين ندوتان حول "الرحلة بين المغرب والمشرق"، و"الرحلة المعاصرة/ اللغة والرؤى والموضوعات:، وحول الأعمال الفائزة أيضاً، يشارك فيهما الفائزون وأعضاء لجنة التحكيم إلى جانب نخبة من الدارسين.

ويرى الشاعر محمد أحمد السويدي القائم على المركز والجائزة، أن "الجديد الذي يمكن الإشارة إليه هو تلك الوفرة في نصوص الرحلة المكتوبة من قبل أدباء معاصرين سافروا وتجولوا في العالم، وآخرين كتبوا يوميات تجوالهم في بلادهم، أو في جوارها القريب، وهو ما يغني خزانة الرحلة المعاصرة".

يضيف: "أحد أبرز أهداف مشروع "ارتياد الآفاق" و"جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة" إلى جانب تشجيع الكتابة في جنس أدبي ممتع، هو الانفتاح بأوسع صورة ممكنة على الجغرافيات والثقافات المختلفة، وتطوير حوار مع الآخر من خلال السفر في عالمه، والتعامل مع صور الاختلاف التي يتكشف عنها هذا العالم، وكذلك تقديم صورة لم تعد شائعة عن طبيعة الذات الحضارية العربية في تعددها وثرائها، وعن استعداد الثقافة العربية للتحاور مع الآخر المختلف عنها، بندية وحضارية".

ويختم السويدي بالقول إن العام 2019 "سيشهد انفتاحاً أكبر من قبلنا على بعض بلدان آسيا، خصوصاً الهند التي ارتبطت ثقافتها بالثقافة العربية، وقد خصصنا لذلك برنامجاً متكاملاً للطواف في أرجائها من خلال السير عبر مسارات عدة، على خطا شيخ الرحالة العرب ابن بطوطة، سيقوم به أدباء وباحثون عرب وهنود".

من جهته، يشير الشاعر نوري الجراح، المشرف على أعمال "المركز العربي للأدب الجغرافي" وندوته العلمية وجائزته السنوية، إلى أن "المؤلفات الفائزة هذا العام تؤكد مجدداً على تزايد الاهتمام بأدب الرحلة من قبل الباحثين والأدباء العرب. وإلى جانب إقبال الكتّاب الجدد على كتابة يومياتهم في السفر نشطت الأكاديميا العربية في تقديم دراسات جادة في هذا اللون الأدبي الممتع والخطير".

ويوضح أن النتائج "تكشف بصورة جلية أولاً عن الدور المتعاظم للجائزة ولمشروع "ارتياد الآفاق" في تشجيع الأدباء والدارسين العرب، وحضّهم على تطوير البحث والكتابة في هذا المضمار، وثانيا عن تلك الاستجابة التي عبر عنها الباحثون في رفد مكتبة التحقيق والبحث في أدب الرحلة وتطوير صيغ تواصل عملية مع المشروع والجائزة".

دلالات

المساهمون