"إيمي".. الفيلم التسجيلي بنكهة روائية

"إيمي".. الفيلم التسجيلي بنكهة روائية

29 مارس 2016
إيمي واينهاوس صاحبة الحياة المثيرة (Getty)
+ الخط -
يحكي فيلم Amy، الفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في جوائز الأوسكار الأخيرة ويعرض حالياً في سينما "زاوية" في مصر، قصة شديدة التقليدية، وليس المقصود هنا قصة "إيمي واينهاوس" ذاتها، ولكن تلك القصة القديمة جداً التي يحبها الأدب وتحبها السينما عن الصعود لقمة النجاح ثم السقوط إلى قاع الفشل. حكاية مكررة عن الموهبة العملاقة والمطربة الصغيرة التي تتحول إلى أيقونة غنائية عالمية، عن الحب وسطوته والأثر المدمر الذي يمكن أن يملكه أحياناً، وصولاً لرسالة –مدرسية ربما ــ عن المخدرات وتحول (الموهبة) و(النجاح) إلى نهاية مأساوية عن فتاة تموت في السابعة والعشرين من عمرها. ذلك هو الخط الأساسي لحكاية نعرفها جميعاً.. ومع ذلك فهذا الفيلم مهم ورائع فعلاً.

خلال الثلاثين عاماً الأخيرة تحاول السينما محو التصنيفات التي تخص العلاقة بين الفيلم الروائي (الذي يحكي حكاية مكتوبة سلفاً بممثلين وأدوار) وبين الفيلم الوثائقي (الذي يسجل ما يحدث في الواقع ويعتمد على شخوص حقيقيين)، غالباً ما كان ذلك عن طريق وضع شخصيات خيالية في بيئة حقيقية وترك مساحة من الارتجال في التفاعل. ثم في فيلم Amy يفعل المخرج آسيف كاباديا العكس، حيث يأخذ حياة حقيقية مُسجلة ويحولها لفيلم ذي نكهة روائية واضحة، لدرجة الشعور أن كل ما يحدث وتلك الحياة كلها كانت معدة سلفاً لهذا الفيلم.

الإنجاز الأكبر الذي منح "كاباديا" ذلك التأثير هو اعتماده على مادة أرشيفية عملاقة من حياة "إيمي واينهاوس" الشخصية منذ مراهقتها وبدايتها في الغناء منذ أن كانت في الثامنة عشرة من عمرها، مروراً برحتلها كاملة حتى النهاية، هذا الأرشيف البصري من فيديوهات وصور في حالات وأوقات مختلفة، ولتفاصيل شديدة العادية أحياناً وشديدة الدرامية في أحيان أخرى، منح المخرج تلك القدرة على تجميعها والاستغناء عن الشيء الكلاسيكي في الأفلام الوثائقية حول ظهور أشخاص يتحدثون إلى الكاميرا مباشرة، واستبداله بأصوات الشخصيات التي رافقت "إيمي" وتحكي مع مراحل الفيلم المختلفة (ماذا حدث)، هذا الشيء المعتمد على مادة بصرية بأصوات (رواة) جعل الفيلم يبدو روائياً فعلاً.. كأن "إيمي واينهاوس" تجسد "إيمي واينهاوس" في فيلم طويل عن حياتها!

في المقابل لا يستطيع الفيلم تجاوز "الرواية الرسمية" لحياة "إيمي" كفتاة أفسدها الحب والمخدرات، وعلى الرغم من نقده الداخلي لملاحقة الصحافة وجرائد المشاهير لها وعلاقة ذلك بانهيارها.. إلا أن الفيلم نفسه يعتمد على نفس المواد البصرية والروايات التي امتلكها هؤلاء عن حياتها، دون عمق أكبر أو محاولة تقديم رواية جديدة مختلفة عن حياتها.

فوز الفيلم بالأوسكار في أواخر فبراير/شباط الماضي لم يكن فقط لجماهيريته كفيلم تسجيلي عن "إيمي واينهاوس"، ولكن الأهم كان قدرته على جعل الفيلم التسجيلي روائياً، وصنع ساعتين وعشر دقائق مشدودين وممتعين جداً من مادة تسجيلية ووثائقية بالأساس، وهو إنجازه الأبرز الذي قد يكون مُلهماً لاحقاً في صناعة الأفلام عن الشخصيات المعروفة.

إقرأ أيضاً:لعنة بليغ حمدي تطارد المغنّي الأميركي جاي زاي

المساهمون