"إصلاح" في العراق: الشكوك تلفّ بلد الفساد

"إصلاح" في العراق: الشكوك تلفّ بلد الفساد

02 سبتمبر 2015
التظاهرات العراقية ضد الفساد والفاسدين (فرانس برس)
+ الخط -
يعاني العراق من أزمة مالية ضخمة تعصف بالبلاد، وتدهور اجتماعي ومعيشي يطاول الأسر العراقية. وتتخبط السلطة السياسية وسط تحركات في الشارع رفعت شعارات رافضة للفساد، بعدما ضجت وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية، إضافة إلى التقارير الدولية، بحجم الفساد الضخم في العراق. وأشارت التقارير إلى أن مليارات الدولارات تم نهبها طوال السنوات الماضية، إضافة إلى هدر المليارات أيضاً بسبب المحاصصات الوظيفية والإدارية وسوء استخدام السلطة.


وفي محاولة لخفض مستوى الانتقادات، أعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، عن إجراءات لتقليص عدد الوزارات ودمج بعضها، في خطوة لخفض النفقات المالية، فيما أكد خبراء اقتصاد أن تقليص النفقات سيساهم في توفير 400 مليار دينار لخزينة الحكومة المأزومة، في حين شكك البعض الآخر في جدوى هذه الإجراءات في ظل تمدد الفساد في شرايين الدولة.

وأقر البرلمان العراقي في مطلع العام الميزانية الاتحادية وقيمتها 119 تريليون دينار، أي ما يعادل 105 مليارات دولار للعام 2015، فيما لم يستطع العراق تمرير موازنة عام 2014 بسبب خلافات بين الكتل السياسية، الأمر الذي دعا الحكومة إلى إقرار صرفها بدون وجود قوائم ختامية لما رصد للوزارات وما صرف منها.

وتأتي ميزانية عام 2015 تتويجاً لاتفاق مالي بين بغداد وأربيل يتضمن قيام الأكراد بتصدير 300 ألف برميل يومياً من النفط من كركوك و250 ألف برميل يومياً من حقولهم مقابل حصة قدرها 17% من الميزانية. وتتوقع الميزانية عجزاً قدره 22 مليار دولار، بعدما جرى تعديلها لتقليص السعر المتوقع للنفط إلى 56 دولاراً للبرميل من المستوى المفترض أصلاً البالغ 70 دولاراً.

اقرأ أيضا: إعمار العراق: شركات وهمية ومشاريع المحاصصة

ويقول الخبير الاقتصادي، على المعموري، إن "أحد الأسباب الرئيسية لتدهور الأوضاع الاقتصادية للعراق غياب الحسابات الختامية للمصروفات المالية لجميع الوزارات، وحين تسلم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أكد أن موازنة البلاد خاوية، وصدمت بانخفاض أسعار النفط". ويضيف أن "القضاء لا يتم عبر إلغاء أربع وزارات هامشية، لأن الفساد ضارب في العمق، وهناك حيتان مال لا تتم مواجهتها والوقوف أمام فسادها".

من جهته، يعتبر الخبير في الشؤون المالية، ماجد الصوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إلغاء عدد من المناصب في الرئاسات الثلاث، وتقليص والوزارات ودمجها، سيوفر نحو 400 مليار دينار عراقي سنوياً، مع وصول العجز المالي للبلاد إلى حدود 30 مليار دولار، واستمرار تدني أسعار النفط إلى ما دون 40 دولاراً".

اقرأ أيضا: العراقيون المتهرّبون من الضرائب: "جنّة يا وطنّا"

ويشير الخبير في الشؤون المالية إلى أنه "حتى الآن لا توجد إحصائية دقيقة حول معدل الرواتب، أو ما سوف يخفض من مخصصات موظفي الرئاسات الثلاث، لكن الصورة العامة المتوفرة حالياً تشير إلى أنه إذا ما تم خفض الرواتب في الرئاسات الثلاث، حسب مقترح الإصلاحات التي تقدم بها رئيس الوزراء، فإنه سيوفر 400 مليار دينار سنوياً". ويضيف أنه "إذا ما خفضت تخصيصات موظفي الدولة العراقية جميعهم إلى مستوى الراتب الاسمي، أي أن المخصصات لا تتجاوز الراتب الاسمي، سيتم توفير نحو 18 تريليون دينار سنوياً".

ويؤكد أن "الصورة غير واضحة حتى الآن عن نسب التخفيض التي سيتم التعامل معها بالنسبة لموظفي الرئاسات الثلاث أو موظفي الدولة"، مبيناً أن "الرواتب العليا لمسؤولي الدولة لم يتم تحديدها بقانون. لذلك من حق رئيس الوزراء أن يخفض هذه الرواتب إلى درجة كبيرة ويعرضها على البرلمان من أجل المصادقة". ويتابع أن "الوزارات التي تم إلغاؤها أو دمجها لا تعتبر من الوزارات التي لها موازنات كبيرة، ولكن الترشيد الحكومي سيكون له تأثير في تقليل المصروفات المالية للكثير منها".

اقرأ أيضا: هل يعيد فتح ملفات الفساد الثقة بالاقتصاد العراقي؟

ويقول عضو اللجنة المالية البرلمانية، مسعود حيدر، إن "قرار مجلس الوزراء الأخير، الذي سيخفض مخصصات الرئاسات الثلاث، سيوفر حوالى 70 مليار دينار سنوياً للموازنة العامة، وما يقارب 20 مليار دينار خلال الأربعة أشهر المتبقية من السنة المالية". ويضيف حيدر أن "عدد موظفي الرئاسات الثلاث يصل إلى نحو 3000 موظف، يضاف إليهم 2000 مدير عام و40 وزيراً ومن بدرجتهم و328 برلمانياً، كلهم سيشملون بإجراءات التخفيض".

وبين أن "العراق بحاجة إلى جدول عمل حقيقي لتنفيذ إجراءات تقشفية توفر الكثير من الأموال للدولة، والراتب الاسمي الذي يتقاضاه المدراء العامون يبلغ 2.5 مليون دينار يُضرب في أربعة أضعاف كمخصصات إضافية، ليصل المبلغ إلى 10 ملايين دينار شهرياً".

المساهمون