"أوسكار" أفضل تمثيل نسائي: عنصرية وسياسة

"أوسكار" أفضل تمثيل نسائي: عنصرية وسياسة

07 فبراير 2017
هل تنال ميريل ستريب الـ "أوسكار" الرابع لها (Getty
+ الخط -
قبل أيام عديدة على الاحتفال الـ 89 لتوزيع جوائز "أوسكار" الهوليوودية، في 26 فبراير/ شباط 2017، يُطرح تساؤلٌ يتأتّى من المشهد السياسي ـ الثقافي العام الذي تعيشه الولايات المتحدّة الأميركية حالياً، في ظلّ التشنّج العنصري والخطاب الشعبويّ للرئيس الأميركي دونالد ترامب: من سيحصل على التمثال الذهبي في فئتي "أفضل ممثلة" و"أفضل ممثلة في دور ثانٍ". والتساؤل مستمرٌّ، أصلاً، منذ الإعلان عن الترشيحات الرسمية (24 يناير/ كانون الثاني 2017)، وفي إطار سجال ثقافي يدور في أميركا منذ ترشيحات "أوسكار 2016"، الخالية من حضور السود والأفروأميركيين، في الفئات كلّها.

والتساؤل مشروعٌ: هل يُتوَّج نجوم هوليووديون بيض يناهضون ترامب، أو يُتاح لسودٍ فرصة اقتناص جائزة أو أكثر، وإنْ يتعرّض السود جميعهم لاضطهادٍ مبرمج من قِبل الرئيس الـ 45، كشريحةٍ أساسية من جماعاتٍ أخرى، تعاني مساوئ خطابه التحريضيّ؟
ذلك أن الترشيحات الرسمية في هاتين الفئتين (5 لكل واحدة منهما)، تضمّ ممثلاتٍ ذوات بشرة سوداء، أو أصول أفريقية، إلى جانب مناهضات لترامب. والممثلات ذوات الأصول الأفروأميركية، وإنْ تولد بعضهنّ في إيرلندا أو لندن أو كارولينا الجنوبية أو ألباما، يؤدّين أدواراً أولى وثانية في أفلامٍ تستعيد حقباً عنصرية في التاريخ الأميركي، أو تروي فصولاً من الحياة اليومية للسود.

في هذا الإطار، تحتلّ ميريل ستريب (1949) مكانةً بارزة في مواجهة الرئيس الأميركي، وتكاد تكون الوحيدة بين المرشّحات الـ 10 التي تخوض معركةً سياسية وثقافية واجتماعية مع السيّد الجديد للبيت الأبيض، علماً أن انتقادها إياه، في الحفلة الـ 74 (8 يناير/ كانون الثاني 2017) لتوزيع جوائز "غولدن غلوب"، يُشكّل محطةً في المسار التصاعديّ لهذه المواجهة.
تؤدّي ستريب دور وريثة غنيّة في المجتمع النيويوركي، تنتمي إلى الطبقة العليا منه، وتُعلن شغفها الدائم في أن تُصبح مغنية أوبرا، رغم انعدام موهبتها. لكنها، بمساعدة زوجها سانت كلير بايفيلد (هيو غرانت) وعازف البيانو كوزمي ماك مون (سيمون هالبيرغ)، تُحقِّق حلمها هذا. فهل يمنحها هذا الدور تمثالاً يُضاف إلى 3 تماثيل سابقة، تنال اثنين منها في فئة أفضل ممثلة، عن دوريها في "خيار صوفي" (1982) لآلن ج. باكولا، و"المرأة الحديدية" (2011) لفيليدا لويد، بينما تحصل على الثالث في فئة أفضل ممثلة ثانية، عن دورها في "كرايمر ضد كرايمر" (1979) لروبرت بنتون.

وتضمّ اللائحة نفسها، الفرنسية إيزابيل أوبير (1953)، والإيرلندية روث نيغا ("أديس أبابا" 1982) والأميركية إيما ستون (1988). وإذْ تبدو "حظوظ" الأخيرة أكبر وأقوى، لتأديتها الدور النسائي الأول في الفيلم الموسيقيّ الاستعراضيّ "لا لا لاند” للأميركي، داميان شازيل، الذي يُتوقّع أن يحصد عدداً كبيراً من الجوائز، فإن أوبير تأتي إلى هوليوود برفقة الهولنديّ بول فيرهوفان، وفيلمهما "هي"، المثير لتساؤلات عديدة، والمرتبطة بالتباس العلاقة الغريبة بين امرأة ومُغتَصِبها. أما نيغا، فتؤدّي دوراً في "لافينغ" للأميركي جف نيكولز، المرتكز على جوهر الصراع الدائم في أميركا بين السود والبيض، بالعودة إلى يونيو/ حزيران 1958، لسرد تفاصيل قصّة حبّ بين أبيض وسوداء، يعقدان قرانهما في ولاية كولومبيا، لأن ولايتهما فيرجينيا تُحرّم الزواج المختلط بين الأعراق، وما يتعرّضان له من اضطهادٍ في بلدتهما.
فيلمان ينتميان، بطريقة أو بأخرى، إلى عالم الموسيقى والغناء؛ و3 أفلام تتوزّع مواضيعها على الإنسانيّ والذاتيّ والاجتماعي، في معركةٍ سينمائية، ترافق انشداد أميركا والعالم إلى معركة أخرى، تدور رحاها بين رئيسٍ أبيض للولايات المتحدة، واجتماع أميركي مختلط ومتعدّد الأعراق والثقافات والانتماءات الاجتماعية والفكرية والدينية.

في فئة أفضل ممثلة في دور ثانٍ، هناك ممثلتان اثنتان تحصلان سابقاً على "أوسكار": الأسترالية نيكول كيدمان (1967)، كأفضل ممثلة عن دورها في "الساعات" (2002) للإنكليزي ستيفن دالدري، والأميركية أوكتافيا سبنسر (1970)، كأفضل ممثلة ثانية عن دورها في "المُساعَدة" (2011) للأميركي تايت تايلور.



في الحفلة الـ 89، تنال الأولى ترشيحاً عن دورها في "ليون" للأسترالي غارث ديفيس، وتحصل الثانية على ترشيحٍ عن دورها في "أرقام مخفية" للأميركي تيودور مِلْفي. قصتان حقيقيتان، تروي الأولى حكاية ساروو (5 أعوام)، الهنديّ الذي يتوه وحيداً في بلده قبل أن يتبنّاه ثنائي أسترالي، فيعيش في كنفه، حتى بلوغه الـ 30 عاماً، ويبدأ البحث عن جذوره. وتُقدّم الثانية فصولاً من سيرة المهندسة الفضائية والفيزيائية وعالمة الرياضيات الأميركية كاترين جونسن (1918).

وتنضمّ إليهما الإنكليزية نعومي هاريس (1976)، والأميركيتان فيولا ديفيس (1965) وميشيل ويليامز (1980). تُشارك الأولى في "مونلايت" للأميركي باري جانكنز، الذي يسرد حكاية شابٍ أفروأميركيّ يواجه محيطه الاجتماعي وعائلته دفاعاً عن مثليته الجنسية؛ وتؤدّي الثانية دوراً في "الأسوار" للأميركي دنزل واشنطن الذي يُقدّم سيرة لاعب أسود بطل في رياضة الـ "بايزبول"، يُصبح عامل تنظيفات. أما الثالثة، فتمثّل في "مانشستر عبر البحر" للأميركي كينيث لونرغان، عن عائلة منتمية إلى الطبقة العاملة: يجد لي (كايسي أفلك) نفسه وصيّاً على ابن شقيقه، المتوفّى بشكل فجائيّ. وهذا يدفعه إلى العودة إلى بلدته، التي يغادرها قبل أعوام طويلة، ويضعه في مواجهة قاسية مع ماضيه.

المساهمون