"أربعينية الاستفتاء" بكردستان العراق: محاولة انفصال ولدت ميتة

"أربعينية الاستفتاء" بكردستان العراق: محاولة انفصال ولدت ميتة

03 نوفمبر 2017
مطامح البارزاني تكسرت على صخرة الاستفتاء (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -
أربعون يوما مرت على استفتاء الانفصال الذي أجري في إقليم كردستان العراقي في الخامس والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، وتسبب هذا الاستفتاء بانهيارات متتالية لسلطات وشعب كردستان آخرها إرغام رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، على التنحي عن منصبه نهاية الشهر الماضي، وتحول الأكراد من قومية كبيرة تحلم بدولة مستقلة إلى أقلية تبحث عن الأمان.

المقارنة بين أوضاع أكراد العراق قبل الاستفتاء وبعده تشير بوضوح إلى تراجع كبير في مكاسب الأكراد الذين كانوا يتمتعون بحقوق سياسية كبيرة وموازنة مستقلة تصل إلى 17 بالمائة من موازنة الدولة العراقية، فضلا عن حقوق اقتصادية وعسكرية وعلاقات مميزة مع دول العالم الخارجي.

وأكبر الخاسرين من تبعات الاستفتاء ربما يكون رئيس إقليم كردستان الذي أرغم على ترك منصبه بعد أن كان يحلم حتى وقت قريب بتزعم "الدولة الكردية" المنتظرة.

ويؤكد عضو المجلس السياسي في كردستان العراق، محمد إيخاني، أن البارزاني أصبح الآن رئيسا لحزبه "الديمقراطي الكردستاني"، موضحا في بيان أن الأحزاب الكردية الأخرى ستنظر إليه كأخ أكبر وليس كرئيس للإقليم.

وأشار إلى أن مهمة المجلس خلال المرحلة المقبلة ستتمثل في عقد الاجتماعات لمناقشة المسائل السياسية والاستراتيجية.

تحول البارزاني من رئيس لإقليم كردستان العراق إلى سياسي حاله حال أي سياسي كردي آخر يؤكد أن حلم الانفصال عن العراق وإعلان "الدولة الكردية" ولد ميتا بحسب المحلل السياسي العراقي، حسان العيداني، الذي أكد لـ"العربي الجديد" أن إنجازات الأكراد طيلة عقود من الزمن تحطمت جميعها على صخرة الاستفتاء.

ولفت إلى أن الشعب الكردي يبدو اليوم متذمرا بشكل كبير من سياسات قادته التي أضاعت أحلام الدولة، كما أنها لم تتمكن من الحفاظ على مكاسب الإقليم، مرجحا حدوث انشقاقات داخل الصف الكردي وخصوصا في السليمانية التي تعلن أبرز أحزابها "حركة التغيير" وجزء من "الاتحاد الوطني الكردستاني" عدم رضاها بسياسات البارزاني.

ورجح العيداني أن تنعكس إخفاقات سلطات إقليم كردستان العراق على الأكراد الموجودين في مناطق متفرقة من البلاد خارج الإقليم، مؤكدا أن الأكراد فقدوا سلطاتهم في كركوك والمناطق المتنازع عليها التي كانت خاضعة لأوامر وتعليمات إقليم كردستان العراق.

هذا التحول يثير قلق سياسيين أكراد كالعضو السابق في برلمان كردستان، علي حسين فيلي، الذي دعا إلى سيادة الأمن في المناطق التي تقع خارج الإقليم، مؤكدا في تصريح صحافي أن المواطن الكردي لا يشعر بذلك أبدا، وأصبحت مصالحه وهويته ولغته معرضة للخطر مع أي توتر سياسي.

وأضاف "إن حدث هدوء سياسي فله بصيص أمل، أما إن تزايد التوتر في الغد فستعود حمى التهديد والتهجير"، موضحا أن العقلية السائدة في بغداد هي التي تمنح البيئة والثقافة والأرضية لتهديد الضعيف والاستحواذ على مصالحه.

وتابع "للأسف فإن العراق أصبح فيه فرض الأمر الواقع بالقوة هو السائد على القانون"، مشيرا إلى "عدم وجود ضمانات للحفاظ على أرواح الناس في ظل الخلافات السياسية".

ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أكدت فيه أن استفتاء الانفصال أثار أزمة الهوية بالنسبة للأكراد المقيمين في بغداد، مؤكدة وجود مئات الأسر الكردية التي تعيش هناك والتي أجبرت على تبني الهوية المزدوجة (العراقية والكردية) لأن معظمهم يتحدث اللهجة البغدادية الأصيلة لوجودهم هناك منذ عشرات السنين.

ويوضح المهندس كامل خوشناو الذي يسكن منطقة عكد الأكراد وسط بغداد، أنه ولد في العاصمة العراقية عام 1955 وتزوج من عربية، ولا يوجد لديه أي ارتباط بإقليم كردستان العراق سوى زيارة أقاربه في أربيل بين الحين والآخر.

ويضيف "على الرغم من كوننا من سكان بغداد القدماء إلا أننا نخشى استغلال العصابات للظرف الحالي، وتنفيذ اعتداءات على الأكراد"، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أن الأكراد في كركوك والمناطق المتنازع عليها وحتى في بغداد أصبحوا يعاملون كأقلية بغداد بعدما كانوا حتى وقت قريب القومية الثانية في الدولة العراقية بعد القومية العربية.

لكن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بعث برسالة طمأنة للأكراد، مؤكدا أنه من المعيب أن تقوم حكومته بقمع أي طرف في البلاد يمثل أقلية، وأشاد بالمجتمع العراقي الذي تمكن من الحفاظ على تنوعه وتنوع تركيبته السكانية.