"أبو زور" من موزع شيبسي إلى صاحب شركة

"أبو زور" من موزع شيبسي إلى صاحب شركة

11 يناير 2016
أبو زور يوضّب منتجاته (العربي الجديد)
+ الخط -
"ماذا تساوي منتجاتك مقارنة بالشركات الكبرى التي نشتري منها بضائعنا؟ آسف، لن أستطيع عرض منتجك في محلي"، بهذه الكلمات رد صاحب سوبرماركت على الشاب محمد أبو زور، الذي كان يسوّق لمنتجه من البهارات في غزة.
هزّته الكلمات، وخرج من المحل ترافقه نبرة صوت صاحب المحل، "من أنت بين هؤلاء الحيتان؟ ما لبثت أن خَفّت حدّتها في نفسه، وتلاشت، حين سمع صوتاً بداخِله: "سأتحدى، لأثبت نفسي. لقد بدأت ولن أتراجع عن تحقيق ما أريده"... هكذا يتحدث أبو زور عن تجربته الأولى في خوض غمار السوق الغزية لبيع منتجاته الجديدة من البهارات التي ينتجها.
لأن طريق البداية صعب، فإن أبو زور كان يسمع الجواب نفسه من أصحاب السوبرماركت الذين عرض عليهم منتجاته، وخصوصاً في المحال التجارية التي تعتمد على عدة شركات منافسة للمنتج الذي يقدمه للسوق لأول مرة.

يغطي أبو زور نصف وجهه بكمامة صغيرة، لتفادي روائح التوابل الحارة، ويقف أمام ماكينة صغيرة في مطحنته المتواضعة التي زارتها "العربي الجديد" في تل الهوى، جنوب غزة، بينما يقوم أحد العمال الثلاثة الذين يساعدونه بالعمل على مراقبة ماكينة تعبئة الأكياس وإغلاقها. وبعدما يطمئن إلى سير العمل، يقول: "أصنع نكهة مميّزة وخاصة من البهارات وهي طبيعية، ومن دون أي إضافات، وهي خلاصة خبرة أشهر الطباخين في غزة الذين ساعدوني في تقديم النصائح".
يتابع أبو زور مبتسماً: "واجهت صعوبات كثيرة في عرض منتجي في السوق، وكنت أعرف أنني سأواجه هذه الصعاب، ولكن بإرادتي وثقتي بنفسي، استطعت أن استمر متحدياً كل العراقيل، لا بل إن الأخيرة شكلت حافزاً كبيراً لكي أواصل مشروعي حتى ينجح".
يقضي أبو زور، 32 عاماً، وقته بين مطحنته، التي أستأجر لها مكاناً قريباً من بيته، والتنقل بين المحال التجارية، لتوزيع منتجاته من البهارات التي ينتجها، إضافة إلى بعض المواد الغذائية.
أبو زور خريج قسم المحاسبة منذ عام 2005، بدأ عملاً متقطعاً، كمحاسب في إحدى الشركات، ثم موزعاً للشبيسي وبعض المواد الغذائية في غزة، إلى أن أصبح بلا عمل متأثراً بالأزمات الاقتصادية في غزة كغيره من الخريجين الذين يتزايد عددهم عاماً بعد عام. وبعد أن حاول العمل في الكثير من القطاعات ولم يفلح، وبعدما ذاق طعم البطالة لأشهر، فكّر في إطلاق مشروعه المستقل، يكون فيه سيد نفسه، كـ"بيع البهارات والتوابل"، وهو الرائج في قطاع غزة، وبمنطق التجارة فإن هذا المشروع "يسوّق لمنتج عليه طلب ولديه الكثير من المستهلكين".
يقول أبو زور "سنة كاملة، كنت أخطط للمشروع، وأعد دراسة جدوى، حتى أطلقته منذ أشهر، برأس مال بسيط وبمساندة أسرتي وأصدقائي".

في الشهر الأول أنتج أبو زور ما يعادل طنين من البهارات عبر مطحنته الصغيرة، واستطاع أن يبيع ما أنتجه بعد حملة ترويجية قام بها على باب أحد المخابز عبر تسويق البهارات وتقديم هدايا لكسب ودّ الزبائن. وبعد هذه الفترة، قام بإنتاج كمية تقارب 4.5 أطنان من البهارات وباع منها ما يقارب 3 أطنان حتى الآن.
توجد في غزة عدة شركات لتصنيع البهارات والتوابل، وهو ما يجعل حظوظ أبو زور أقل في البيع، ويقول عند سؤاله عن تمايز منتجه عن الموجود بالسوق: "لدينا بهارات بنكهة طبيعية، ذات جودة عالية، نحن أول منتج بغزة يعمل بنظام الكيس "السوسته" (المغلق بسحاب) مع هدية عبارة عن معلقة لسيدة البيت داخل كيس التوابل.
إغلاق المعابر شكل هاجساً لمشروع أبو زور، إذ إنه يحصل على المواد الخام الخاصة بالبهارات من التجار الذين يستوردونها من الهند إلى غزة، وكذلك الأكياس التي يتم استيرادها من الصين، وبالتالي فإن غياب هذه المواد يعني توقف تجارته وانقطاع مدخوله.
وينصح أبو زور الشباب عدم الاتكال على الحظ والعمل والاجتهاد لفتح مشاريع خاصة بهم، من أجل إعالة أسرهم، وبناء مستقبلهم. يطمح الشاب أبو زور، وهو أب لثلاثة أطفال، بأن تصل منتجاته إلى كل بيت في غزة، وتصبح لشركته "الناصر" التي سمّاها على اسم ابنه الصغير، منافسة في السوق لتضاهي الشركات الكبرى في قطاع غزة.

اقرأ أيضاً: أبو ثريا يتحدى الإعاقة فيحولها إلى طاقة

المساهمون