اكتشاف مجرى قديم لنهر النيل ساهم استخدامه في بناء أهرامات الجيزة

اكتشاف مجرى قديم لنهر النيل ساهم استخدامه في بناء أهرامات الجيزة

17 مايو 2024
كان المتخصصون يدركون أنّ السكان آنذاك استخدموا ممراً مائياً لبناء الأهرامات (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- اكتشاف مجرى قديم لنهر النيل يمتد لـ64 كيلومتراً بجانب 30 هرماً في مصر القديمة، يعيد تقييم تاريخ بناء الأهرامات ويشير إلى استخدامه في نقل المواد للبناء قبل 4000 سنة.
- استخدام صور الأقمار الاصطناعية الرادارية كشف عن المجرى المائي المدفون، موضحاً أن المنطقة كانت مزدهرة ومناسبة للبناء، مما يفسر تمركز الأهرامات في منطقة صحراوية الآن.
- الدراسة تكشف عن مرافئ على ضفاف "الأهرامات"، مما يدل على استخدامه كطريق لنقل المواد والعمال، وتوفر رؤية جديدة حول تفاعل القدماء المصريين مع بيئتهم وتأثير التغيرات الطبيعية على قراراتهم.

اكتشف علماء مجرى قديماً لنهر النيل بات جافاً حالياً، كان يتدفق بجانب نحو ثلاثين هرماً في مصر القديمة، من بينها أهرامات الجيزة، وقد يكون ساعد في عملية نقل المواد اللازمة لإنشاء هذا المجمّع الأثري قبل نحو أربعة آلاف سنة.

والنهر الذي يبلغ طوله 64 كيلومتراً، والمسمّى "الأهرامات"، كان مدفوناً لفترة طويلة تحت الأراضي الزراعية ورمال الصحراء، بحسب دراسة نشرت الخميس في مجلة كوميونيكيشنز إيرث أند إنفايرنمنت.

ويفسرّ وجوده سبب بناء عدد كبير من الأهرامات في المنطقة التي باتت راهناً شريطاً من الصحراء يقع غرب وادي النيل، قرب العاصمة المصرية القديمة ممفيس. تمتد هذه المساحة الشاسعة من أهرامات اللشت في الجنوب وصولاً إلى موقع الجيزة الشهير شمالاً حيث تقع أهرامات خوفو وخفرع ومنقرع. تضم المساحة في المجموع 31 هرماً، وهو العدد الأكبر من الأهرامات في مصر، وبُنيت خلال عصر المملكتين القديمة والوسطى، قبل فترة تتراوح بين 4700 و3700 عام.

وكان المتخصصون في مصر القديمة يدركون أنّ السكان آنذاك استخدموا ممراً مائياً قريباً لبناء الأهرامات، على بُعد كيلومترات من المجرى الرئيسي لنهر النيل.

وقالت المعدة الرئيسية للدراسة، إيمان غنيم، من جامعة نورث كارولينا في مدينة ويلمنغتون الأميركية، في حديث إلى وكالة فرانس برس: "لم يكن أحد متأكداً من موقع هذا الممر المائي الضخم وشكله وحجمه".

لرسم خريطة لممر "الأهرامات" المائي، استخدم فريق غنيم من الباحثين صوراً التقطتها أقمار اصطناعية رادارية. تقول غنيم المتخصصة في الجيومورفولوجيا: "على عكس الصور الجوية أو أجهزة استشعار الأقمار الاصطناعية البصرية التي توفر صوراً لسطح الأرض، تتمتع أجهزة استشعار الرادار بقدرة مميزة على الكشف عن الهياكل القديمة أو الأنهار المدفونة تحت الرمال".

وأكدت تحليلات ميدانية بينها حفر عميقة في التربة، بيانات الأقمار الاصطناعية وكشفت عن النهر المخفي الذي يبلغ طوله 64 كيلومتراً، ويتراوح عرضه بين 200 و700 متر، أي ما يعادل مقاييس مجرى نهر النيل الحالي.

علوم وآثار
التحديثات الحية

مرافئ على النيل

بما أنّ منسوب النيل آنذاك كان أعلى بكثير ممّا هو عليه اليوم، فقد حظي بمجارٍ عدة تَعبُر سهوله الفيضية التي يصعب تتبع أثرها لأنّ المنظر الطبيعي تغيّر بسبب بناء سد أسوان في ستينيات القرن العشرين.

تقع الأهرامات على بعد كيلومتر واحد فقط في المتوسط من ضفاف مجرى "الأهرامات"، وقد تم بناؤها بشكل أو بآخر على السهول الفيضية. تقول إيمان غنيم: "كشف بحثنا أنّ عدداً كبيراً من هذه الأهرامات كان يضم ممراً مرتفعاً يؤدي إلى معابد في الوادي كانت بمثابة موانئ نهرية".

تؤكد أدلة كثيرة موجودة أن مجرى "الأهرامات" كان كطريق سريع لنقل الكميات الهائلة من المواد والأعداد الكبيرة من العمال لبناء الأهرامات. تقول المشاركة في إعداد الدراسة سوزان أونستين من قسم التاريخ في جامعة ممفيس الأميركية: "كانت هذه المواد التي أُحضر معظمها من مناطق تقع إلى الجنوب، ثقيلة وكبيرة، وكان من الأسهل تالياً تركها تطفو على سطح النهر ونقلها عبره لا برّاً".

وتشير المؤرخة إلى أنّ المعابد الواقعة على ضفاف مجرى "الأهرامات" كانت بمثابة مرفأ مخصص لاستقبال الحاشية وإقامة مراسم جنائزية للفرعون. تقول: "في هذا المكان كانت تجري الطقوس قبل نقل الجثة إلى مدفنها داخل الهرم".

وتضيف أن الدراسة التفصيلية لأجزاء مختلفة من النهر "تبيّن لنا كيف تم بناء كل هرم بالاستناد إلى الممر المائي، مما يتيح لنا أن نفهم بشكل أفضل لماذا اختار الملوك آنذاك من الأسرة الرابعة إلى الأسرة الثانية عشرة، بناء الأهرامات في مناطق معيّنة". تلفت أونستين إلى أنّ "هذا الاكتشاف يذكّرنا بمدى تأثّر الخيارات المتعلقة بالبناء والإسكان والزراعة بالتغيرات الطبيعية".

(فرانس برس)

المساهمون