ثلاثة شعراء من تايوان: وجوه برائحة التفاح

15 يونيو 2015
فانغ ليجون (الصين)
+ الخط -
على أية حال أنت لا تصغي
أنتَ لا تصغي على أية حال
أنتَ لا تصغي أبداً
هناك سمكة تأخذ حمامَ شمس
على ظهر المركب
زوجة الرئيس تتعرق مثل مطر
حباتُ البندورة على لوحةِ التقطيع بحاجةٍ إلى غسيل
أنتَ لا تصغي على أية حال، أنتَ لا تصغي أبداً
البحّارُ يلقي بالمرساة، الزورق يلقي بالبحر
ذاك القط والكلبُ ما زالا صديقين
للحزام الجلدي ثقب عند زر البطن
اصنع مفتاحاً ثم اسرق شيئاً من الخمر
ما زال بالإمكان استعمال إصبع مجروح
إن أحذية بلا جوارب هي عيون بلا حواجب
سمكة بلا سطح مركب لا يمكن إلا أن تسبح نحوك
ولكنكَ لا تصغي، أنت لا تصغي أبداً.


لست عنيفة
قبل نجاتنا من الوباء الأخير
والزلزال والفيضان،
ما زال لدينا وقتٌ
لانتخاب عشرة رؤساء، لاستحضار أحد عشر
لولادة ثلاثة آلاف طفل
واستنساخ ثلاثين ألفاً
لبناء جزيرة بمكعبات الثلج
حيث لا يسمح لكبار السن


ما زال لدينا وقتٌ

لفبركة أسطورةٍ ستكون دائمة
لإنشاءِ دين جديد
مع رؤوسٍ كقرابين
ودمٍ من أجل ترانيم مقدسة
ما زال لدينا وقتٌ
لشراءِ المزيد من الوقت
لانتزاع أمعاء وأيدي
وأدمغة وعيون أناس آخرين
بأمعائنا وأيدينا وأدمغتنا وعيوننا
ما زال لدينا وقتٌ
لإدخال بطارية جديدة
لتوقيت الوقت عند نقطة الصفر
للسير نحو نقطة التقاطع التالية
للتمتع بهواء جهاز التكييف.

* القصائد السابقة للشاعرة والفنانة شي شي، تعمل مدرسة في مدرسة ابتدائية في "تايبيه".

***

طريق
كيف للمرءِ أن يهجر ذاته؟
بتأملِ هذا السؤال
ينتهي المرءُ عالقاً هنا
لو وُجدت طيورٌ مهاجرة، صخورٌ متساقطة
إحساسٌ بالعار يموت تدريجياً
وجهٌ يتحوّل تدريجياً إلى صمت
عندئذ يكون الأمرُ على ما يرام
لو وُجدت شعلة لهبٍ خافتة
كافية لتشعل رماداً
لو وُجد ركضٌ
حتى لو لم يترك وراءه سوى
أثرٍ لطرقٍ مشوشة
عندئذ يكون الأمرُ على ما يرام
لو وجد حبٌّ
لو وجد ندمٌ
لو وجد طريقٌ
لو لم يوجد شيء على الإطلاق
عندئذ يكون الأمرُ على ما يرام
إذا اتبع امرؤٌ
الربَّ
مطيعاً
أو متحمساً
من دون اهتمام
إلى مكان بعيد
وفي هذا المكان، في هذه اللحظة
لا يعود يتذكر بعد الآن
المطر المتساقط
ذات ظهيرة صيف.

* القصيدة السابقة للشاعرة إيند (المختبئة) التي تصف نفسها هكذا "أنا أحب كتابة الشعر ولكنني لا أحب أن أكون شاعرة". نشرت أول كتاب شعر لها تحت عنوان "أجساد حرة" منذ وقت قريب في تايوان.

***

قنبلة صناعة بيتية
أطرد الهنود
لإنشاء أميركا
أطرد اليهود
لإنشاء ألمانيا
أطرد الفلسطينيين
لإنشاء إسرائيل
أطرد المنشوريين
لإنشاء الصين
أطرد العناصر غير النقية كلها
لتطهير القصيدة
(تلك المقاطع غير المقفاة
تلك الكلمات غير الشعرية
جثث اللغة تلك
مخيمات لاجئي اللغة تلك)
يتيمٌ يكسر زجاجة طفل
ليصنع قنبلة صناعة بيتية.


عالم واحد.. حلم واحد
(إلى يانغ بييه)

لوجوهكم رائحةُ تفاح
لوجهي رائحة عشبٍ أخضرَ ممضوغ
أقدامكم تخطو بخفةٍ على سماء الليل
وتحت كل خطوة تتفجر ألعابٌ نارية
خطواتي بحذائين خفيفين
يتعفنان حين يبلّلهما المطر
أصغي لصوتي يغنّي
وأنا مختبئة في الظلالِ بجوار النافذة
صوتي يلهم وطني
ويثير مشاعر العالم
صوتي المغنِّي سيخشوشن ذات يوم
ويُداس على الإسفلت مغطياً الأرض
ويمزق النوافذَ ضجيجُ مطارق المحارق
ولن تكون هناك ظلالٌ للاختباءِ بعد اليوم
هل يعنيكم أن تشموا عبيرَ عشب ممضوغ حديثاً؟

ملحوظة من الشاعر هونغ هونغ (ين هونغ يا): في حفل افتتاح أولمبياد صيف عام 2008 في بكين، غنت فتاة نحيلة ذات جديلة أغنية "قصيدة غنائية إلى الوطن الأم" بطريقة أثارت المشاعر، ولكن تكشّف في ما بعد أن الفتاة لم تكن هي المغنية، وإن كانت تحرك شفتيها بكلمات الأغنية بالتزامن مع صوت الطفلة "يانغ بييه" ذات السنوات السبع المختبئة في الظل. وعُرف أن السلطات قررت آنذاك أنه "من أجل المصلحة الوطنية" لم تكن "يانغ بييه" على قدر من الجاذبية يجعلها مؤهلة لتمثل أمام العالم صورة الصين النقية. وقالت تقارير صحافية أن كل الأطفال الذين ظهروا على خشبة المسرح أثناء أداء الأغنية ليمثلوا جماعات الصين العرقية البالغ عددها 56 جماعة، كانوا من عرق واحد هو عرق "الهان".



العالم
العالم ليس في الخارج، إنه هنا
في هذه اللقطات السينمائية القصيرة حيث تمرُّ كل ساعة من ساعات النهار
أمام أعيننا مثل رؤى شبحية،
حربٌ وإرهابٌ، حبٌّ وضحك،
أبطالٌ وشياطين، مشهورون وأطفال،
يطيرون أو يطفون عابرين
عصورَ ما قبل التاريخ أو المستقبل،
العالم هنا
قصير البصر يثقله النعاس
في داخل هذ المشهد الذي لا ينتهي
لأشخاص يثيرون الضيق بصيغ متنوعة
لا حاجة حتى لشراء تذكرة
يمكنك الوقوف هنا ومراقبتهم لساعات
وفي كل مرة تجدهم جميعاً يتحدثون الإنجليزية.

* القصائد السابقة للشاعر هونغ هونغ (يان هونغ يا) وهو كاتب ومخرج سينمائي صيني.
المساهمون