استباحوا المنطق.. فقتل "مرسي" "بركات"!

استباحوا المنطق.. فقتل "مرسي" "بركات"!

03 سبتمبر 2015
الرئيس المعزول محمد مرسي (Getty)
+ الخط -
بعد حادثة اغتيال النائب العام هشام بركات الذي لا يزال منصبه شاغرا حتى الآن، خرج علينا عبدالفتاح السيسي في ملابس حداده السوداء معزياً ومتوعدا بالقصاص، مؤكداً أن أي أحكام ستصدر ستنفذ فوراً وأن العدالة الناجزة هي الحل لوقف الاٍرهاب الذي أصبح واقعاً بعدما كان محتملاً.


الجنرال الذي جمع حوله النسوة الثكالى في ذلك المشهد، وبوجه عبوس صاخب أعلن أن القانون الحالي يكبل يد العدالة، متناسيا أنه ولمفرده أصدر من هذا القانون 180 نصا وقرارا بقانون في سيل من التشريعات المخالفة للدستور.

السيسي صرح في هذا المشهد بأن الأوامر بالاغتيالات تصدر من الأقفاص، في إشارة منه الى الرئيس المعزول مرسي بعدما تناولت وسائل إعلامه شائعة أن "مرسي" أعطى الإشارة والأوامر بقتل هشام بركات، لمجرد أن الرجل ضبط هندامه في قفصه، فأصبحت الإشارة دليلاً في بلد غابت عنه كل الأدلة، لتكتفي عدالة السيسي الناجزة بالإشارة. 
وبالطبع العبد يقرع بالعصا.. والحر تكفيه الإشارة.

لكن وبالمنطق لماذا لا يكون "مرسي" هو من أعطى الأمر فعلاً لقتل بركات؟!
-من المستفيد الوحيد من اغتيال "بركات"؟
-أليس بركات هو المدعي العام على "مرسي" وجماعته، وهو من اتهمهم بالارهاب؟!

هذه أسئلة شبه منطقية يمكن أن تطرح من معسكر السيسي الذي يرى أن القانون يكبل العدالة، كما يرى أن الإخوان الإرهابيين انتظروا إشارة مرسي من قفصه ليغتالوا هشام بركات الذي عجزت أجهزة السيسي عن حمايته.

لكن يجيبك من معسكر الشرعية المهووس بخطابات تهنئة الرئيس للشعب بالمناسبات الدينية، بأن مرسي ممنوع من الزيارة ومن الحديث أمام الكاميرات حتى في محاكمته.

وأنه أيضا ممنوع من لقاء محاميه إلا بحضور الجواسيس وضباط النظام! أسرة الرئيس لم تزره منذ عامين! قفصه من الزجاج المانع للصوت والفولاذ الحاجب لملامح الوجه!

ويأتيك المنطق بقوة عندما يطرح عليك هذا السؤال:
-كيف له أن يصدر أوامر وكل شيء مسجل له والدليل حديثه مع الدكتور سليم العوا والأستاذ محمد الدماطي الذي تمت إذاعته في وسائل الإعلام وهو يتحدث عن السيسي "اللي هيجبلكم من القعر"؟

*ملاحظة: "مرسي" في آخر صوت مسموع له من المحكمة كشف عن تعرضه لمحاولات تسمم متعمدة وانه لم يلقَ أحد مطلقا منذ عامين.

لكن أنصار الشرعية وإن كانوا محقين في هذا الطرح.. إلا أن من بينهم مدلسين أيضا على "مرسي" تارة وعلى الشعب تارة أخرى، وهم بمنطقهم المتباين يثبتون أن الرئيس فعلا أعطى أوامره بقتل بركات.

هؤلاء وبعد أيام قليلة من تصريحات السيسي في العزاء أصدروا بيانا في صورة تهنئة بلسان "مرسي" على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يهنئ فيه الأمة ويشدد على استكمال الثورة واصفا الانقلابيين بالأقزام وأنه ثابت في زنزانته وأن الثورة في مرحلتها التاريخية.

انتشر البيان كالنار في الهشيم، تلقفه الجميع على صفحاتهم، هاجوا وماجوا وهاصوا دون إدراك أو وعي. وكثيرا يغيب المنطق وتغيب الحجة وتعلوا أصوات الهياج.
ماذا لو تعقلوا! أما كان يكفيهم إصدار بيان بروتوكولي من الرئاسة كمؤسسة بتلك التهنئة؟

ببساطة دمر هؤلاء منطقهم وعادوا ينشرون بين الناس الكذب، ليبرروا أنه السهل على رئيسهم أن يحدث شعبه كله من خلف أقفاص العسكر، ومن خلف الحواجز الأمنية وبعيدا عن المراقبات المخابرتية المترقبة، ببساطة ودون أي عناء وليرسل مرسي رسائله إلى الجميع!

ألا يكون من المنطقي أيضا أن يحدث الرئيس جماعته ونظامه الخاص من خلف نفس القفص ليصدر أوامره بقتل بركات؟

ليستباح القفص.. وليستباح المنطق.. وليستباح الرئيس خطاباً وشخصاً.

(مصر)

المساهمون