"الأراجوز" والفنان [3-3]

"الأراجوز" والفنان [3-3]

09 يوليو 2015
ليس عيباً أن تخرج لتعتذر عن خطأ (مواقع التواصل)
+ الخط -
هل كان يشاهد الرئيس الأسبق محمد مرسي برنامج "البرنامج" لباسم يوسف؟.. معلوماتي، لا. هل اتخذ الرئيس قراراً بحصاره أو إغلاقه؟.. مؤكد لا. هل أوصى أحد ما الرئيس بإغلاق البرنامج؟.. نعم.. الموصون كانوا كثراً من بينهم بعض حاشية الرئيس وآخرون من العساكر. 
هل تابع الرئيس تقريرا عن حلقات باسم يوسف؟.. معلوماتي، أعد له تقرير مصور من جهة معلوماتية تظهر أن البرنامج يحرض الناس عليه.

ماذا كان رد فعل الرئيس؟.. قال: "لن أمنع شخص ينتقدني، أنا رئيس منتخب، هذا حق الإعلام علي، ما الفارق بيني وبين مبارك إذا، أنا كرئيس تصدقت بعرضي على الناس".
هنا وفي هذا الوقت العصيب الكئيب والدموي تعلو أصوات من بين أنصار الرئيس، بأن الرئيس كان مخطئاً في التعامل مع الإعلام، وأنه لو عاد بهم الزمان، لكان أول الأمور، أن تغلق هذه القنوات وتمنع هذه الوجوه.

ويظهر في المشهد مع هذه الأصوات ملامح لمشهد قديم، وهو حصار مدينة الإنتاج الإعلامي، الذي تكرر في عهد الرئيس مرسي. ما الفارق إذا بين مرسي لو أصغى إليكم وقمع الإعلام، وبين السيسي الذي اغتصب الإعلام؟


ما الفارق إذاً، لو سرنا وراء توجهاتكم الحمقاء، ثم عقدنا مقارنة بين مرسي المنتخب وعصره، وبين ما اتخذه المنقلب العسكري السيسي ليلة بيانه، بإغلاق كل القنوات التي ظن فيها المعارضة؟ فرقوا لي بين الانقلاب والديمقراطية في مثل هذه الحالة الكئيبة. ما هي التهم، التي ستوقفون بها، علي سبيل المثال، برنامج باسم يوسف؟

إهانة رئيس الجمهورية.. إسقاط هيبة الدولة... ازدراء الأديان! هي نسخة كربونية من نسخ نظام السيسي العسكري. هل حقا لا يزال بينكم من هو مقتنع بأن "أراجوزا" - كما أطلقتم عليه - يمكن أن يسقط رئيساً منتخباً بإرادة شعبية؟ هل حقا تؤمنون أن مواجهة الإعلام تكون بالقمع والمنع والإغلاق والسجن؟! إن القيم لا تتجزأ والحريات لا تباع بـ "القطاعي".
الحرية تحكمها مواثيق شرفية ملزمة، والإعلام يحكمه تنظيم مقنن يضبطه لا يحبسه، وما دون ذلك فهو قمع وانتهاك.

ومن العدل القول إن باسم يوسف اقترف جريرتين في حياته الإعلامية..
الأولى، دخوله مجال الإعلام بقلب ضعيف خائف، ليصل بقدر الله إلى أعلى مراتب الشهرة، وللأسف، هو في طريقه إلى إضاعة هذا كله بفعل الخوف، ليتحول من حالة ناجحة مستمرة إلى ظاهرة مختفية.
والثانية، ذلك الأوبريت الساقط الذي لا يزال الطبيب الساخر صامتا عن الاعتذار عنه بعد مذبحة رابعة العدوية.
يبقى السؤال.. هل "فشخ" السيسي يا باسم في ذلك البيان متظاهري الإخوان أم "فشخك" معهم أيضا؟

ليس عيبا أن تخرج فتعتذر عن خطأ أصاب مشاعر مكلومة بدماء ذويها وأبنائها، ولكن المصيبة الكبرى في الصمت.. وفي النهاية تخرج يا باسم من حلبة الإعلام باحثا عن مبررات واهية، لتبقى رغم منتقديك صاحب أكبر عدد من المتابعين على تويتر، وأعلى صفحات اليوتيوب مشاهدة، ومع ذلك صرت من أكثر الشخصيات المخوّنة من قبل أنصار التيار الإسلامي، ومناصري القوات المسلحة، وغامضا للكثيرين.
ختاما.. لقد أضحك باسم الكثير من الناس، لكن لم يبكِ على باسم المبعد، إلا قليل القليل من الناس.

نجح باسم في هذا المناخ الاستقطابي البغيض، في أن يكون جزءاً من معركة الإعلام، ليكون الأشهر، وأيضا المكروه.

لنضع باسم في حجمه الحقيقي.. ونقبل إبداعه الساخر، وننتقد تدليسه. وليقبل باسم النقد، وليتحمل أحيانا الشتائم منباسم يوسف والإخوان .. "الأراجوز" والفنان [1- 3] الجماهير اليائسة الغاضبة. وليعتذر باسم إن أخطأ، فالجماهير من السهل أن تصفق، كما من السهل أن ترجم.

إقرأ أيضاً: باسم يوسف والإخوان .. "الأراجوز" والفنان [1- 3]
إقرأ أيضاً: "الأراجوز" والفنان [2- 3]

(مصر)

المساهمون