"الأراجوز" والفنان [2- 3]

"الأراجوز" والفنان [2- 3]

02 يوليو 2015
كان يمكنه العودة للسخرية عن طريق اليوتيوب (مواقع التواصل)
+ الخط -
جزء من حوار متكرر.. من قال إن باسم يوسف بطل؟ 
هو حتماً ليس بطلاً، فالإعلامي الساخر سكت عندما أُسكت، واختار أن يظل صامتاً عندما أرادوا له ذلك. لكن ما الذي كان يجب عليه فعله في ظل دولة قمعية ووسائل إعلام تدار بتلفون عباس كامل؟

كان أقل ما يمكن فعله هو العودة للسخرية عن طريق اليوتيوب.. تماما كما كانت بدايته.
لكن باسم يوسف منع برنامجه وخرج من البلد، وليس له أن يعود، وهذا يعني أنه رافض لهذا النظام!.. رافض، قابل، هذا أمر لا يعنينا، لقد انتهى دوره عند النظام العسكري؟
انتهى الدور، لكن لم ينتهِ الحوار بخصوص أحد أبرز الظواهر الإعلامية في مصر، وهو حوار لا شك في أنه في المنطقة الرمادية.


فباسم يوسف لم يعد من المناضلين الأبطال بعدما انسحب في صمت من أمام الدبابة الحاكمة في مصر، على عكس ما صنع من قبل عندما كان يبعث إلينا "التغريدات" الساخرة وهو جالس على مقعد التحقيق أمام النائب العام -الذي وصفه باسم (بالملاكي)- وقت حكم الرئيس مرسي (الديكتاتور)!

لماذا كان مرسي ديكتاتورا؟..
يجيبك الدكتور الساخر: لأنه كان عازما على قمع الحريات لو استمر في الحكم!
ما الدليل على ذلك وقد أمطرت الرئيس سخريةً وأغرقته تهكماً؟
يجيب باسم يوسف: الرئيس مرسي قال في آخر خطاباته "سنة واحدة كفاية".. كفاية إذاً مرسي.. كفاية إخوان.. كفاية إذاً باسم.. كفاية إعلام.. ولنستمع إلى الفرمان..

لقد كان باسم مناضلاً أمام القضاء في عصر مرسي، فاراً من أمام عدالة الشامخ في انقلاب السيسي. كان ساخراً بارعاً مبدعاً مع نظام مرسي، منسحباً صامتاً مع دبابة السيسي.

لنعذر باسم إذاً أيها الرفاق فالناس طاقات.. نعم باسم لم يكن بطلاً، ولم يكن أيضاً شيطاناً ساحراً متآمراً.
هل سخر باسم؟.. نعم وهذه مِهنته.
هل دلس باسم؟.. أحياناً بحنكته.

لنُنُزِل الأمور منَازلها
ففي الحالة الديمقراطية ما قبل الثالث من يوليو/تموز 2013 من الطبيعي أن يكون وائل قنديل في جريدته يكتب مقالاً، وباسم يوسف في مسرحه يقدم عرضاً، ومنى الشاذلي في برنامجها تناقش شأناً، ومحمد البرادعي على تويتر يغرد.. حتى ولو كان خارج السرب، ومحمد مرسي في القصر يحكم فيصيب ويخطئ، والشعب يختار في الصناديق ويعبر في الميادين، والشرطة في مخافرها، والجيش في ثكناته، والكلاب تنبح على من شاءت، ولو كان المنبوح عليها أمّ المؤمنين.. فهذا عصر الحرية يا سيدي عند المصريين.

أما في عصر العساكر فكل هذا مقلوب مهدور منكوس.. صامت مقتول ممنوع أو محبوس.
إن الافتراء القائل إن باسم يوسف استُعمل من قبل العساكر مدحوض بتسريبات عباس كامل، التي أثبتت أن باسم أصر على أن يغرد خارج السرب العسكري.

إن الحقيقة هي أن العسكر استعملوا كل الإعلام بطرق غير مباشرة، بالكذب تارة والخداع أخرى، حتى بلغ الأمر توجيه الإعلام الداعم للرئيس محمد مرسي، وذلك عندما حوّلوه إلى منصات لإطلاق الصواريخ على رفاق الثورة وتخوينهم، وأمنوا مكر العسكر، وخونوا من نادى يسقط حكم العسكر حتى شاهدنا زميلا في برنامجه يردد الجيش نزل إلى الشارع ليحمي شرعية الرئيس مرسي.. فيما كانت الدبابات تقصف الديمقراطية بألسنة هؤلاء الحمقى الذين كانوا أخطر على الرئيس من مليون باسم يوسف.

الآن منع برنامج باسم يوسف ليس لأن باسم أدرك انتهاء دوره، ولكن لأن السلطة العسكرية المنقلبة قمعت كل معارض. الآن باسم يوسف خارج البلاد مهدد بالقضاء الشامخ، لم يستطع أن يعود ليحضر جنازة أبيه ولا يمكنه العودة إلى مصر لأن مصر أصبحت سجناً كبيرا. ولا تزال ألسنة الحمقى تهتف بما لا تعرف وتشمت وتشتت من دون وجود بديل لإعلام مهني ومعتدل.

اقرأ أيضاً: باسم يوسف والإخوان .. "الأراجوز" والفنان [1- 3]

(مصر)

المساهمون