باسم يوسف والإخوان .. "الأراجوز" والفنان [1- 3]

باسم يوسف والإخوان .. "الأراجوز" والفنان [1- 3]

25 يونيو 2015
هل أسقط باسم يوسف مرسي؟ (فرانس برس)
+ الخط -

إلى متى ستبقى أفكار معلبة وجمل مُكيّسة تباع في سوق الثورات والشعوب؟
إلى متى تبقى العبارات الخادعة تُردَّد بينما تندثر الحقائق مع عواطف الجماهير؟
وإلى متى ستبقى شماعة الإعلام المضلل معلقة في دواليب الفشل المرير؟
العبارات الآتية وما يماثلها، أُنتجت وعُلبت في -مصنع جماعة الإخوان المسلمين- لإنتاج التبرير للصف الإخواني والتيار الإسلامي. ومع أن تاريخ الإنتاج والتعليب بات منتهي الصلاحية، إلا أن كثيراً من أبناء الجماعة متمسكون بترديد نفس الجمل الجماهيرية الخاطئة:
"الإعلام ضلل الناس وأسقط الرئيس"، "باسم يوسف الأراجوز أسقط الرئيس"، "الثورة تتمايز بانفضاض المنافقين عنها".


وهكذا..

ومع أن جملاً معلبة أخرى باتت كاسدة بعد الانقلاب العسكري على سبيل المثال عبارة: 
"أخوانّا اللي فوق عارفين كل حاجة".

إلا أن من ينتج هذه العبارات لا يزال ينتج العديد منها مستغلاً حقيقة ما أثبته غوستاف لوبون في كتابه سيكولوجية الجماهير حينما قال: الجماهير مجنونة بطبيعتها.. فالجماهير التي تصفق بحماسة شديدة لمطربها المفضل أو لفريق كرة القدم الذي تؤيده -تعيش لحظة هلوسة وجنون-.. والجماهير التي تهجم على شخص لكي تذبحه من دون أن تتأكد أنه المذنب، مجنونة أيضاً.. فإذا ما أحبت الجماهير ديناً ما أو رجلاً ما تبعته حتى الموت.

وهنا يجب أن نعرف أن الجمهور الإخواني يختلف عن باقي الجماهير، وإن كان يتصف بكثير من صفاتها، فالإخوان المسلمون جماعة "تجنيدية" في المقام الأول، فروح الجندية المربّى عليها الصف في الجماعة عندما تتزامن مع روح الجمهور المتصف -وفق لوبون- بالجنون والهلوسة، تتحول لتكون طامة على من تعاديه، فهي تخسف به سابع أرض، مع أنها كانت قد رفعته من قبل إلى سابع سماء.

ولنبدأ من عند باسم يوسف الذي ضحك الإخوان عند بزوغه من مقاطعه على اليوتيوب ملء أشداقهم ليصفه شباب الجماعة بالفنان الساخر من مبارك.
وليصل الحال إلى طرح اسمه ليقدم برنامجاً ساخراً في قناة "مصر 25" المملوكة للإخوان بمبلغ زهيد آنذاك، إلا أن أعضاء الإدارة اختلفوا قبل العرض على باسم.

وبحكم أنني شاهد على هذه الواقعة، فقد كان المتحمسون لباسم يوسف يروجون له آنذاك على أنه قريب من الإخوان ومحب لهم تماماً كما كنا نسمع أن السيسي من الإخوان يصوم النهار ويقوم الليل.

وبمجرد أن بدأ باسم يوسف يسخر من الإخوان بدأت معه عبارات من شاكلة "كلب سويرس" و"الأراجوز" إلى أن وقع الانقلاب ومع الاستقطاب الحاد يتحول باسم يوسف إلى مجرم تلطخت يداه بدماء الشهداء، فقد كان السبب الرئيسي لإسقاط الرئيس ووقوع الانقلاب.

وهنا أقف عند هذه العبارة المعلبة منتهية الصلاحية، لأسأل..
أين كان هذا الرئيس النائم وباسم يوسف الذي كان تاريخه في الإعلام وقتها بضعة أشهر ليسقطه؟!

هنا طرحٌ من اثنين يمكن أن نصيغ بأحدهما هذه العبارة ونمررها..
الأول: هو أن الشعب المصري ساذج وأحمق، يسير وراء السخرية ويحملها محمل الجد ولا يثق في رئيسه الذي اختاره ولم يكمل عامه الأول لمجرد نكات باسم يوسف الصاعد حديثاً للإعلام.
فإن كان الأمر كذلك فلتواجهوا الشعب بحقيقته، قولوا له أنت شعب ساذج وأحمق!

والطرح الثاني: أن محمد مرسي ونظامه وجماعته التي قاربت على 90 عاماً من النضال والعمل في كل الميادين والتي انتشرت في كل بقاع العالم كأكبر تنظيم دولي هي جماعة ومؤسسة هشة ولا تحمل مشروعاً سياسياً ولا اجتماعياً وأن ما كان، كله سراب، أو بعبارة باسم يوسف (فنكوش).

إن استحضار عبارة باسم يوسف ضلل الشعب، أو الإعلام ضلل الشعب، مع عجزك عن تقديم إعلام يواجه هذا الإعلام المضلل، هو وحده كفيل بإعلانك فاشلاً لا تستحق أن تحكم.

إن تكرار هذه العبارة المعلبة بأن الشعب ضُلل وضُحك عليه وتأثر بالإعلام هو اعتراف بثورة الشعب وليس بانقلاب الدبابة، فدخول الشعب في أي معادلة تعني الإرادة التي يجب احترامها ولو كانت مُضللة -من وجهة نظرك- فهذا الشعب هو من وقف في طوابير الانتخابات ليختار الإخوان بنزاهة ومن دون إجبار ووقتها كان واعياً ومحترماً وعظيماً.

ليست الحقيقة والواقع أن الإعلام هو من صنع الانقلاب العسكري في مصر، بل هو أن إرادة الدبابة تحركت لتنزل إلى الشارع وسط حالة من المعارضة القوية، وعندما تحركت مستغلة ذلك أسقطت الرئيس، ولو ظل الإعلام المصري المحرض والمعارض على حد سواء ينتقد وينهش الرئيس ألف ألف عام، ما أسقط مرسي ما لم تتحرك الدبابة.

ولنتقبّل حقيقة أخرى وهي أن الإعلام بكل ما فيه من معارضة لم يخدع الرئيس، ولم يفعل كباقي المؤسسات في الدولة حينما زعمت ضعفاً وأعلنت طاعته، وأخفت مؤامرة وخدعت الرئيس حتى قال كلمته الشهيرة (عندنا رجاله زي الدهب).

بينما كان الإعلام هو المرآة الوحيدة للانقلاب، يحرض ويهاجم ويصرح بأن هناك انقلاباً ما قادماً لا محالة، حتى بلغ التصريح في كل وسائل الإعلام أن 30 من يونيو آخر أيام محمد مرسي في الحكم. فيما كان الرئيس واثقاً من السيسي قبل ساعات من انقلابه المشؤوم.

(مصر)

المساهمون