الجزائر و"كان 2017".. خيبة رياضية وإخفاق سياسي

الجزائر و"كان 2017".. خيبة رياضية وإخفاق سياسي

16 ابريل 2015
+ الخط -
قبل سنوات، وقف الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، أمام الملأ ليقول، بلهجة الواثق، إن بلاده قادرة، بفضل منشآتها الرياضية، على احتضان دورتين من كأس العالم، وليس دورة واحدة فقط. وبالطبع، صفّق الجمع بحرارة زائدة، كما يُحبّ الرئيس ويشتهي، بينما كان كلامه في طريقه ليتحوّل إلى نكتة على مواقع التواصل الاجتماعي.

بعد خمس سنوات من ذلك، وبالتحديد في الثامن من أبريل/نيسان 2015، أفاق الرأي العام الوطني على وقع إقصاء الجزائر من سباق استضافة نهائيّات كأس الأمم الأفريقية لعام 2017. قرار الاتحاديّة الأفريقية لكرة القدم (الكاف) الذي أُعلن عنه في القاهرة، بحضور وفد رياضي جزائري رفيع المستوى، يعني أيضاً أن على الجزائر التي مضى ربع قرن على استضافتها آخر دورة من المنافسة القاريّة (1990)، انتظار عشر سنوات أُخَر لكي تتنافس على شرف استضافة الحدث الرياضي الأفريقي؛ بعد أن عاد تنظيم دورات 2019 و2021 و2023 إلى كلّ من الكاميرون وساحل العاج وغينيا، على الترتيب.

رغم ثقل الصدمة، لم يتساءل الجزائريّون: "كيف لدولة تُؤهّلها إمكاناتها لتنظيم دورتين من المونديال دفعة واحدةً أن تعجز عن استضافة بطولة قاريّة؟"، لأن أحداً لم يأخذ كلام الرئيس على محمل الجدّ. لكنّهم، بالمقابل، لم يستطيعوا إخفاء شعورهم بالخيبة والمرارة التي خلّفتها هزيمة البلد الأكبر في "القارّة السمراء" أمام بلد لا يعرفون عنه الكثير، سوى أنّه أصغر مساحة من عاصمة بلادهم، وأنّ إمكاناته لا تُذكر أمام ما تزخر به أرضهم من إمكانات وطاقات بشرية ومادية. ولعلّ مَن استنجدوا بمحرّكات البحث، بعد سماعهم باسم الغابون، اكتشفوا أيضاً أنه أحد البلدان الأفريقيّة الستّة عشر التي مسحت سلطتهم ديونها المقدّرة بنحو 1400 مليون دولار أميركي، قبل أشهر قليلة.

وبينما بدا وزير الرياضة مصدوماً بعد عودته الخائبة من القاهرة، فأطلق العنان لعواطفه للتعبير عن تلك الصدمة، معتبراً أن ما حدث "مهزلة" استهدفت بلاده، وأن أداء الهيئة الكروية الأفريقيّة يفتقر إلى المصداقية والشفافية، راح رجال الإعلام، وعلى مدار أيّام، يفتّشون عن أسباب الإقصاء المرير وخلفيّاته، ويستقرؤون دلالاته.

اختلفت القراءات، لكنّها التقت عند تحميل الاتحاديّة الأفريقيّة ورئيسها النصيب الأكبر من المسؤوليّة. هكذا قرّر الإعلام بأن اختيار الغابون دُبّر بليل وخضع لحسابات ليس لها علاقة بالمعايير الرياضية، وأن عيسى حياتو، انتقم من الجزائر التي خذلته في انتخابات الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عام 2002، وأعطت صوتها لجوزيف بلاتر. ولم تغفل بعض الأصوات التأثير السلبي لتفشّي ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية، والتي كان آخر ضحاياها اللاعب الكاميروني ألبير إيبوسي الذي لقي مصرعه، العام الماضي، داخل ملعب.

ولم تكن السياسة إلا لتلقي بظلّها على هذا الشأن الكروي: بعض الأصوات المعارضة للسلطة رأت في ما حدث إخفاقاً سياسياً وهزيمة دبلوماسيّة للجزائر، ومؤشّراً على تراجع سمعتها على الصعيد الأفريقي. وذهب بعضهم إلى القول إن حرمانها من تنظيم البطولة الأفريقية سيحرم السلطة من ادّعاء إنجازات وهمية. مذكّرة، هنا، بأن الرئيس الحالي لم ينجح في استضافة الحدث القاريّ منذ تولّيه السلطة عام 1999.

قد تكون الاتّهامات الموجّهة للاتّحاديّة الأفريقيّة بالفساد صحيحة، بحيث لن يتجشّم أحد مهمّة الدفاع عنها. لكن الصحيح أيضاً أن إخفاق الجزائر التي يصفها الوزير الأوّل عبد المالك سلال بالقوّة الإقليمية، يعكس حالة من الإخفاق العام الذي لا يقتصر على الرياضة، بل ينسحب على جميع المجالات، أقلّها المرافق الرياضيّة والسياحيّة المنعدمة أو الموجودة في وضع يُرثى له.. ويكفي التذكير بأن مباراة نهائيّ كأس الجمهورية المزمع تنظيمه بعد أسابيع قليلة، ما زالت تبحث عن ملعب يحتضنها.. في بلد بحجم قارّة.

 

(الجزائر)

المساهمون