خصخصة الأمن في مصر: إزهاق للمال العام

خصخصة الأمن في مصر: إزهاق للمال العام

29 يوليو 2015
الأمن المصري (فرانس برس)
+ الخط -
قبل أسبوعين، نشرت الجريدة الرسمية قراراً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بإصدار أول قانون بشأن "تنظيم شركات حراسة المنشآت ونقل الأموال في مصر". القرار برمته أثار ردود أفعال متباينة للغاية ما بين تأييد واضح واستهجان كبير، كونه يرسخ قاعدة أساسية لمنح تراخيص لشركات أمنية خاصة تُجدد سنوياً من قبل وزارة الداخلية، فضلاً عن متابعة الوزارة لكفاءة أفراد الأمن بالشركات للتأكد من جودة التدريبات.

أما الشق الأكثر جدلاً في القرار فيتعلق بالسماح لوزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة التابعة لهما والمخابرات العامة بتأسيس شركات لحراسة المنشآت العامة ونقل الأموال. 
وهو ما يعني خصخصة القطاع الأمني من قبل الجهاز الأمني العام نفسه، أو بالأحرى صرف ملايين الدولارات من المال العام لإنشاء شركات تقدم خدمة مدفوعة، من المفترض أن تكون بديهية ومجانية بالنسبة إلى المواطن المصري، كونه يدفع الضرائب للدولة بحيث يُفترض أن يتم إنفاقها على الجهاز الأمني الذي من واجبه الحفاظ على أمن المنشآت وحماية المواطنين.
اللافت في هذا الموضوع، أن السيسي نفسه قد أعلن في مايو/أيار الماضي، انتقاده اللاذع لسياسات خصخصة الشركات الحكومية التي انتهجها الرئيس المخلوع حسني مبارك!

وعند استقراء موقف شركات الأمن والحراسة، فالقلق هو سيد الموقف حتى الآن. إذ إن وزارة الداخلية التي اكتسبت حق تأسيس شركات مُنافسة، ستكون لها اليد العليا في تجديد رخصة عمل شركات الحراسة وضمان كفاءة كوادرها. ويزداد هذا القلق في ضوء ظهور العديد من الشركات متوسطة وصغيرة الحجم دون الحصول على التراخيص تزامناً مع الاضطرابات الأمنية عقب الثورة. ما يعني أن الاتجاه ينحو صوب إغلاق هذه الشركات، وتعطيل الآلاف من الشباب عن العمل.

 اقرأ أيضاً: يريدون بيع مصر

ويقول رئيس شعبة الأمن والحراسة عادل عمارة في تصريحات صحفية، إن الشعبة بصدد عقد اجتماع عاجل لبحث تبعات تطبيق القانون وإعداد اللائحة التنفيذية الخاصة به، وتحديد وضع الشركات في المنظومة التشريعية الجديدة لاسيما أنه يشترط أن تندرج شركات الحراسة تحت مظلة الشركات المُساهمة المصرية.
ويضيف عمارة أن ما يهم الشركات الآن هو معرفة كيفية توفيق أوضاعها مع الشروط الجديدة التي تقضي بتجديد الرخصة سنويًا وإخضاع الفريق الأمني لإشراف وزارة الداخلية. ويؤكد أن القانون سيؤدي إلى إغلاق عدد من الشركات الحالية في حالة عدم تطابقها مع معايير الكفاءة والرسوم المالية التي ستُسدد نظير تجديد الرخصة.


وبحسب الشعبة فهناك شركات لديها مخاوف من الإغلاق لكونها لا تعمل تحت مظلة قانونية، إضافة إلى مواجهة مُنافسة شرسة من قبل الشركات التي من المرتقب تأسيسها من قبل وزارة الداخلية أو الأجهزة الأمنية الأخرى، إذ تتمكن هذه الشركات من تقديم عروض فنية ومالية أفضل من غيرها من الشركات.

اقرأ أيضاً: السباعي لا "يفتكس": اسكنوا في أقنان الدجاج!

ووسط التهافت على تأسيس شركات الحراسة من مُختلف الجهات في مصر، يعتبر الربح الهائل الذي تحققه الشركات إحدى كلمات السر الرئيسية في انتشارها. فبحسب الخبير الاقتصادي أحمد رأفت "فإن الانفلات الأمني الذي اجتاح البلاد، دفع الشركات والمصارف والمنشآت الخاصة، وكذلك العامة، إلى التعاقد مع شركات حراسات مُدربة لحماية أصولها وأموالها".
ويستشهد رأفت على الأرباح المرتفعة التي تحققها الشركات، بالعقد الذي وقعته وزارة التعليم العالي مع شركة فالكون للأمن لتأمين 12 جامعة حكومية مقابل 84 مليون جنيه خلال العام 2014.

وعلى النقيض تمامًا، يحظى القرار بتأييد واسع من قبل القيادات الأمنية السابقة، إذ يقول الخبير الأمني محمد مُحسن إن القانون لن يضر أية شركة مُلتزمة من حيث التراخيص وكفاءة الكوادر الأمنية، لافتاً إلى أن المخاوف تتسرب إلى الشركات التي يفتقر عناصر للتدريب اللازم، خاصة بعد تضخم عدد الشركات بوتيرة متسارعة خلال السنوات الأربع الماضية.

اقرأ أيضاً: هدر اقتصادي واحد في مصر:رأس مبارك على جسد السيسي

وبحسب إحصاء شعبة الأمن والحراسات الخاصة، يقدر عدد شركات الحراسة بنحو 250 شركة في القاهرة وحدها، بينما قدرتها وزارة العدل في بيان صادر عنها بـ 220 شركة. وحسب تقديرات أخرى منسوبة لوزارة الداخلية، فإن عدد شركات الحراسة الخاصة تجاوز 500 شركة على مستوى الجمهورية، منها 221 شركة تعمل دون مظلة قانونية.
وحظي القرار بمُباركة عدد من الأحزاب المصرية مثل حزب السادات الديمُقراطي والمصريين الأحرار باعتباره "سيشكل قوة مؤثرة في حرب الدولة على الإرهاب وتحديدًا بالمناطق المدنية".

اقرأ أيضاً: البزنس والسلطة في مصر: زواج كاثوليكي أقوى من الثورة 

المساهمون