عقاب العراقيين: خفض الدينار بدلاً من وقف الفساد

عقاب العراقيين: خفض الدينار بدلاً من وقف الفساد

30 نوفمبر 2015
التوقعات تشير إلى ارتفاع نسب التضخم (بولا برونستن/ Getty)
+ الخط -
توالت على غرف صنع القرار الاقتصادي العراقي العديد من المقترحات للعبور باقتصاد البلد إلى بر الأمان من الأزمة الخانقة التي يتعرض لها حالياً نتيجة اعتماده بشكل شبه كلي على النفط، وكان أبرزها تخفيض قيمة الدينار أمام الدولار الذي لاقى ترحيباً من قبل صناع القرار لأنه يوفر للدولة أكثر من سبعة مليارات دولار خلال عام 2016، وهو الحل الأسهل، ولو على حساب الناس.
وكان محافظ البنك المركزي العراقي، قد قال إن الخيارات لخفض قيمة العملة المحلية تتمثل بخطوتين الأولى خفض بنسبة 10% مما يجعل سعر الصرف 1300 دينار مقابل الدولار الواحد، ويوفر للموازنة خمسة تريليونات دينار (4.1 مليارات دولار) والخيار الثاني خفض بنسبة 20% الذي سيوفر للموازنة تسعة تريليونات دينار أي ما يعادل (7.5 مليارات دولار).

اقرأ أيضاً:الغزو التجاري:البضائع الإيرانية تسيطر على العراق

وللعراق تاريخ مع تخفيض قيمة الدينار وذلك في تسعينيات القرن الماضي أثناء فترة الحصار الاقتصادي مما أوصل التضخم إلى نسبة كبيرة جداً وهي 492% حينها واجه الناس الهلاك نتيجة بيع كل ما يملكونه من ممتلكات لتوفير لقمة العيش.

سلسلة من الإجراءات

وقال الاقتصادي سجاد عواد لـ "العربي الجديد"، إن "تخفيض قيمة الدينار يجب أن تكون الخطوة الأخيرة في حال فشل سلسلة من المعالجات التي يجب أن يتم اتخاذها". وشرح أنه "بخفض قيمة الدينار ستحمل الدولة المواطنين أخطاءها التي ارتكبتها في سني البذخ غير المعقول على المشاريع الوهمية. وسداد العجز سيكون وفق الإجراءات القائمة حالياً عبر رفع أسعار البضائع في السوق"، مبيناً أن "السلع يستوردها السياسيون وبالتالي الضرر سيصيب المواطن فقط". وأكد أن "الحكومة في مأزق كبير جداً وتحتاج إلى أموال بسبب حجم النفقات الكبير، بينما لديها مردود مالي واحد وهو تصدير النفط، لأن هناك تهرباً كبيراً من دفع الضرائب"، مضيفاً أن "الحل الوحيد فرض الضرائب على الشركات التابعة للسياسيين ومصادرة الأموال من جميع الفاسدين، فهي ملك للشعب العراقي".
لكن للحكومة العراقية تبريراتها في تخفيض قيمة العملة المحلية، فمستشارها الاقتصادي عبد الحسين العنبكي قال لـ "العربي الجديد"، إن "اللجوء إلى تخفيض قيمة الدينار أمام الدولار سيفسح المجال لإعادة بريق الصناعة العراقية". وأضاف أن "سعر الصرف الحالي أدى إلى ضخ عدد كبير من الدولارات إلى السوق والبقاء عليه سيؤدي إلى تراجع الاحتياطي النقدي، بالرغم من أنه متغير ليس له قيمة مهمة في الاقتصاد العراقي حالياً"، متسائلاً: "ما قيمة الحفاظ على سعر صرف يخدم الاستيراد ويمنع القدرة التنافسية للمنتج المحلي ويعزز ريعية الاقتصاد"؟
وحول الأضرار الناتجة من تخفيض قيمة العملة المحلية، أكد أنه "سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار لفترة معينة، وبإمكاننا الحفاظ على مصالح الطبقة الفقيرة. لكن فوائد هذا الإجراء أكثر من أضراره لأنه سيدخل عناصر إنتاج إلى السوق ويفعل القطاع الخاص".
وعلى العكس من العنبكي، لا يفضل مقرر اللجنة المالية في البرلمان، أحمد حما اللجوء إلى هذا الخيار. وقال لـ "العربي الجديد"، إن "العراق حالياً أمام خيارين أحلاهما مر، الأول تخفيض قيمة الدينار مما يحمل نتائج عكسية على المواطن، فالبلد يعتمد بشكل أساسي على الاستيراد وهذا الإجراء سيؤدي إلى ارتفاع التضخم ما يعني تصاعد الأسعار في السوق، ولكن هذا الأمر يخدم الحكومة بالوقت الراهن لأنها تعاني من عجز في سد النفقات".
وأردف أن "الخيار الثاني البقاء على الوضع الحالي وبالتالي ستكون الحكومة عاجزة عن توفير الأموال لنفقاتها"، لافتاً إلى أن "تخفيض قيمة الدينار سيضطر البنك المركزي إلى إنفاق مليار دولار شهريا من الاحتياطي النقدي للسيطرة على السوق". وأضاف أن "البنك المركزي أصدر عملة جديدة قيمتها خمسة تريليونات دينار (4.1 مليارات دولار) من أجل تقليل العجز المالي".

اقرأ أيضاً:العراق في خطر:الإفلاس المالي قاب قوسين أو أدنى

المساهمون