مانشستر سيتي.. كيف نجح بليجريني في السقوط إلى الهاوية؟

مانشستر سيتي.. كيف نجح بليجريني في السقوط إلى الهاوية؟

08 ابريل 2015
+ الخط -


"فلسفتي مبنية على التعامل مع الكرة كأولوية، أحب امتلاك لاعبين لديهم قدرات تقنية كبيرة، ولا أعترف بالرقابة الفردية واللعب العنيف، لكن على الفريق الجيد أن يلعب كرة قدم ويعبر عن قدراته، لتكون الرسالة النهائية عبارة عن مزيج من الفن اللاتيني مع العقل الأوروبي". هكذا يؤكد مانويل بليجريني وجهة نظره حول كرة القدم، ومدى تعصبه لأفكاره الفنية.

مع بداية دخوله عالم التدريب، لم يكتف بليجريني بكرة القدم فقط بل قرر دراسة الهندسة المدنية ليقول عن هذا التنوع، إنه أراد ربط كرة القدم بمجال حيوي آخر؛ لأن اللعبة في النهاية حياتية بحتة، ويصفوه في شيلي والعالم بعد ذلك بالمهندس، ليس لفنه المعماري بل لتنظيمه التكتيكي.

الرهان على خطة 4-2-2-2 كانت أول الحلول بالنسبة لمانويل، 4-4-2 القديمة أو "الفور فور تو" الكلاسيكية اعتمدت على ثلاثة خطوط مباشرة وصريحة، رباعي دفاعي ثم رباعي في الوسط وأخيراً ثنائي هجومي، لكن 4-4-2 الحالية تتحول إلى ما يشبه 4-2-2-2 كما في حالة السيتي، ونجحت المنظومة في الموسم الأول، وفاز مانشستر سيتي بالدوري الإنجليزي، لكن الأمور تحولت سريعاً، من القمة إلى القاع، وفي أقل من عام.

التكتيك
خطة 4-2-2-2 التي يلعب بها السيتي معظم مبارياته، تعاني من مشاكل جمة على الصعيد الفني، وذلك بسبب وجود أكثر من عنصر متشابه في كل خط بالملعب. وإذا وضعنا محور ارتكاز السيتي تحت المجهر، فإن الفريق ككل يفتقد إلى لاعب دفاعي حقيقي يدعم الخط الأخير من الملعب، وبسبب هذا العيب الكبير، فإن دفاعات الفريق تتقدم كثيراً إلى الأمام، من أجل سد الفراغات في وبين الخطوط.

مدافع مثل كومباني يملك مقومات مميزة، في المطلق هو لاعب جيد، وقائد حقيقي بالخلف، لكن بسبب القصور التكتيكي لمنطقة الوسط، فإن البلجيكي يصعد إلى منطقة الارتكاز، وبسبب المساحات الشاسعة في هذه المنطقة، فإن المدافع يرتكب أخطاء قاتلة تتسبب في مزيد من الفرص والأهداف تجاه مرمى هارت.

هذا على مستوى الدفاع، لكن هجومياً هناك انتقادات واضحة أيضاً، بسبب الشق الدفاعي الضعيف للأجنحة الهجومية، فدافيد سيلفا لاعب رائع ومهاري، وأمامه نصري على الجانب الآخر، لكن الخطة الحالية لا تعطي أي توازن أثناء التحولات، بسبب دخول ثنائي الطرف كثيراً للعمق، مما يجعل منطقة الأطراف فارغة تماماً مع مرتدات الخصوم.

التشابه
يعاني مانشستر سيتي من سياسة "الوفرة" العددية، فرغم وجود أكثر من مهاجم داخل الفريق، فإن الجهاز الفني قرر التعاقد مع اسم جديد، العاجي بوني من سوانزي إلى مانشستر، ليبتعد يوفيتتش عن الصورة، ويحصل بليجريني على مهاجم إضافي مقابل التضحية بلاعب وسط متقدم، وهذه المعطيات تجعل الثلث الهجومي الأخير مزدحماً بعض الشيء.

يفضل أجويرو اللعب خلف مهاجم متقدم، ويعود الأرجنتيني كثيراً للخلف لبناء اللعب، وبالتالي يحدث تداخل واضح في المهام بينه وبين أكثر من لاعب آخر، خصوصاً حينما يدخل سيلفا في العمق، ويصعد توريه من الوسط إلى قلب الهجوم، ليصبح هناك ثلاثة لاعبين تقريباً في مركز واحد بالملعب، المركز 10 مغلق لدواعٍ تكتيكية.

ورغم كل هذه العيوب الواضحة، إلا أن الجهاز الفني استمر في نفس خطته، مع نفس العوامل والخطوات، رغم تغيّر الظروف وقدرات المنافسين، ليقع الفريق في فخ التكرار ويقع في معظم المواجهات المعقدة، سواء بالدوري المحلي أو عصبة الأبطال الأوروبية.

النجوم
يعتبر الايفواري يايا توريه النجم الأفضل على الإطلاق في تشكيلة سيتي، ويُضيف اللاعب الأفريقي إلى بليجريني الكثير من الحلول، سواء بالدفاع أو الهجوم، وتراجع مستواه يعني مزيداً من المشاكل على الصعيد الفني، لأن توريه ليس كأي لاعب آخر، بل يقوم بدور محوري في تنفيذ أفكار المدرب الحالي للسيتي.

يايا توريه وفيرناندينيو حالة خاصة جداً، بعد دي يونج وجاريث باري وأسماء أخرى، صار الارتكاز الدفاعي في مانشستر لاعباً وهمياً، وحينما يلعب الثنائي توريه وفرناندينيو، فإن التكامل في العلاقة بين الثنائي يكون ناقصاً، ومن البديهي تحديد أسباب تراجع اللاعب الكبير، بسبب عدم وجود مساند له بالخلف، مع عدم وضوح دوره الهجومي، في ظل وجود أكثر من لاعب حر في الثلث الأخير من المستطيل.

وبعيداً عن الذكاء والمهارة الخاصة للاعب، إلا أن مانشستر سيتي فشل بوضوح على الصعيدين الجماعي والفردي، من القصور التكتيكي للجهاز الفني والمعاون مروراً بانخفاض مستوى النجوم، نهاية بالنتائج السيئة التي عجّلت بموسم كارثي في كل المعتركات.

الفشل مستمر
في تقرير أعدته "جارديان" حول أسباب السقوط في مانشستر سيتي، تطرقت الصحيفة إلى دور المدير الرياضي للفريق، تشيكي بجرستين، المدير السابق لنادي برشلونة، والرجل الذي أنفق قرابة 120 مليون جنيه إسترليني من أجل التعاقد مع 11 لاعب، "ديمكليس وفرناندينيو" هما فقط من يلعبان بشكل مستمر في التشكيلة الأساسية.

كذلك الخبير الاقتصادي فران سوريانو، المسؤول عن المشكلة الإدارية الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي، والتي تسببت في كسر قواعد اللعب النظيف، وتقليص المبالغ المدفوعة على الصفقات القادمة للفريق الإنجليزي، ليستمر التأثير السلبي بالسنوات القادمة على المدى البعيد.

وبعد الفشل الفني للفريق كمدرب ولاعبين، جاء التراجع الإداري ليُلقي بظلاله على مستقبل حامل لقب "البريميرليج" خلال الفترة المقبلة، ويصبح مانشستر سيتي نموذجاً واضحاً في كيفية الصعود إلى الهاوية، بترك موقعه على القمة والاكتفاء بالمركز الرابع في ترتيب البطولة المحلية حتى هذه اللحظة، في انتظار قرار مصيري قريب، إما تمديد الثقة في بليجريني، أو إقالته.

المساهمون