الإريتريون مرفوضون في أوروبا

الإريتريون مرفوضون في أوروبا

28 ديسمبر 2014
مهاجرون في احد المخيمات في فرنسا (الأناضول)
+ الخط -
في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وبداية الألفية الثالثة، كانت الأضواء مسلطة على الصوماليين في دول أوروبية عديدة. فمعظم الصوماليين لم يشعروا أنّهم مقبولون أسوة بغيرهم من اللاجئين والمهاجرين، على الأقل في دول شمال أوروبا.

اليوم، جاء الدور على الإريتريين. فعام 2014 شهد تدفقاً للمهاجرين من البلد الأفريقي الصغير إلى دول أوروبا عبر بوابة التهريب البحري إلى إيطاليا. ولا يلقى هؤلاء سوى الرفض، باعتبارهم "لاجئي رفاهية" لا يستحقون الحماية، بالمفهوم السياسي الذي يحاول أن يقدم أعذاراً لرفض طلبات لجوئهم ومحاولة إعادتهم إلى بلدهم.

من جهتها، ترسل الدنمارك إشارات إلى بقية دول الاتحاد الأوروبي بأنها لن تمنح هؤلاء إقامات، بل "ستواجه تدفقهم وتوقفه"، بحسب وزيرة العدل الدنماركية السابقة كارين هيكروب. وهو التصريح الذي دفع دولاً أخرى إلى تجميد دراسة طلبات الإريتريين، ما أثار حفيظة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمات حقوقية أخرى.

كما استندت العديد من الدول الأوروبية إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق في دائرة الأجانب الدنماركية. وهو التقرير الذي شكل فضيحة سياسية وأخلاقية لما حمله من تزوير لاقتباسات أثارت حفيظة الأمم المتحدة والأستاذ في جامعة جنوب لندن، غايم كيبربياب، الذي أعلن أنّ كلامه الذي قاله للجنة، جرى تحريفه.

وكان التقرير قد خلص إلى أنّه يمكن إعادة الإريتريين من دون تعرضهم لمخاطر السجن والملاحقة في بلادهم، فهؤلاء لم يغادروا لأسباب سياسية بل اقتصادية وهرباً من خدمة العلم.
أصداء التقرير التقطتها دول أوروبية أخرى. ففي هولندا، التي شهدت تدفقاً للمهاجرين من إريتريا بمعدل ألف شخص شهرياً، جرى الاقتداء بموقف الدنمارك بالتوقف عن دراسة طلبات اللجوء. وباتت البلاد تنتظر ترحيلهم إلى أسمرة.

وفي هذا الإطار، تقول السلطات الهولندية إنّ قرارها بعدم منح الإريتريين اللجوء أدى إلى انخفاض أعداد الآتين إليها منهم بنسبة 80 بالمئة. وهو ما شكل ضغطاً على بلجيكا ودول شمال أوروبا، بخاصة الدول الإسكندنافية.

وبحسب أرقام مركز الإحصاء الأوروبي، فإنّ أعداد طالبي اللجوء الإريتريين انخفضت في دول، وارتفعت في أخرى. وشهدت ألمانيا في شهر يوليو/ تموز قدوم 2000 إريتري. بينما انخفض العدد في هولندا من 1800 في شهر مايو/ أيار، إلى أقل من 200 في شهر يوليو/ تموز.

وفي هذا الصدد، يقول الخبير النرويجي في الشؤون الإريترية والإثيوبية، كيتيل ترونفول، إنّ التباين في أعداد طالبي اللجوء الإريتريين "تعتمد على ما يصل إلى المهربين والمهاجرين من رسائل ومعلومات من سلطات الهجرة في البلدان المختلفة". ويشير في هذا الإطار، إلى أرقام بلاده، والتي تبيّن وصول 650 مهاجراً إريترياً في مايو/أيار الماضي، بينما انخفض العدد إلى 250 في سبتمبر/ أيلول، بعد أن صدرت تصريحات تقول إنّ النرويج سترفض منحهم الإقامات.

من جهتها، تقول الخبيرة الهولندية في شؤون اللاجئين الإريتريين في جامعة تيلبورغ، ميريام فان ريسين، إنّ "طالبي اللجوء الإريتريين يدفعون مبالغ لعبور حدود بلادهم، كرشى للجيش، ثم يدفعون لعبور المتوسط وينتظرون تهريبهم إلى أوروبا".

وتضيف فان ريسين أنّ الأمر يتعدى حدود تجارة البشر والتهريب، وتقول إنّ "الدولة الإريترية نفسها تمنح الأشخاص الإذن بالسفر. فهي تختار مَن تسمح له بعد أن يوقع على التزام بدفع 2 في المئة من راتبه المستقبلي للدولة".

كما تشير فان ريسين، من ناحية أخرى، إلى أنّ "هذه السياسة الرسمية بالسماح للإريتريين بالخروج كتجارة وقتية مربحة، ستكون مكلفة لإريتريا بالذات في المستقبل، لأنّ البلاد تشهد تفريغاً من اليد العاملة الشابة التي تحتاجها".