إسرائيل تستولي على "قمر فلسطين"

20 سبتمبر 2014
يحافظ البدو على نمط حياتهم (سهير ذياب)
+ الخط -

على سفوح جبلية مترامية الأطراف جنوب شرق الضفة الغربية، يعيش نحو 4 آلاف فلسطيني، حياة الريف والبداوة.

لا يبالي هؤلاء بصعوبة الحياة التي اعتادوها، فجلّ ما يهمهم اليوم عذاب يومي يخضعهم الاحتلال الإسرائيلي له، في اعتداءات متكررة، ومخططات استيطانية لاقتلاعهم من أرضهم ومنازلهم.

وفي هذا الإطار، يؤكد مسؤول ملف الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية، محمد الياس لـ"العربي الجديد" أنّ مخططات الاحتلال تسارعت في الفترة الماضية. ورصدت الحكومة الإسرائيلية ميزانية تصل إلى 6.3 مليون دولار، قبل فترة، للاستيلاء على مساحة تزيد عن نصف مليون دونم من صحراء القدس وأريحا، ومنع وجود حدود فلسطينية - أردنية مشتركة.

ويضيف الياس، أنّ المخطط الإسرائيلي يهدف إلى طرد السكان الفلسطينيين البدو من تلك المناطق، وجمعهم في مناطق النويعيمة، والرشاويدة، وأبو ديس قرب مدينة القدس المحتلة.

مساومة سياسية يؤكد الياس أنّ خطوة الاحتلال تلك، ستقضي على "مدينة القمر" النموذجية، التي تتولى تنفيذها مجموعة "عمار" العقارية، التابعة لصندوق الاستثمار الفلسطيني في القطاع العقاري.

وكانت المجموعة قامت، حتى الآن، بشق الطرق للمرحلة الأولى من المدينة، التي تهدف إلى بيع حقوق تطوير الأراضي بشروط ميسرة، بعد فتح الشوارع وتعبيدها بهدف تسهيل عمليات البناء للفلسطينيين.

وتخطط مجموعة "عمار" إلى بناء 900 وحدة سكنية في "مدينة القمر" على مساحة 500 دونم، كمرحلة أولية، وإقامة منطقة سياحية ومركز تجاري ضخم يخدم سكان "المدينة المستقبلية".

ويؤكد الياس أنّ توقيت تنفيذ المشروع الاستيطاني في المنطقة، يحمل نفساً سياسياً. ويقول إنّ إسرائيل "تريد مساومة السلطة الفلسطينية، فقد أعلنت خلال وقت قصير، عن 3 مخططات استيطانية، أحدها مصادرة 1000 دونم من أراضي الخضر في بيت لحم، وكذلك 4000 دونم من أراضي الخليل، بالإضافة إلى مخطط العوجا".

محاولات اقتلاع ويتخذ الكثير من العائلات الفلسطينية، البداوة أسلوباً لحياته في المنطقة. ومن أبرز العائلات التي تتعرض اليوم لمحاولات اقتلاع وترحيل عرب الهذالين، والكنعانة، والنجادة، والصرايعة، والرشايدة، والحوامدة.

وتشكو هذه العائلات من قلة الاهتمام الشعبي والرسمي بقضيتها، وتطالب بتحرك فلسطيني عاجل لدعم وتعزيز صمودها.

وعن ذلك، يقول الشاب إبراهيم حوامدة الذي يعيش وأسرته في منطقة عوينا فوق: "لم يعد بإمكاننا ممارسة حياتنا الاعتيادية، فالاحتلال يطاردنا أينما ذهبنا، وهو يخطط للسيطرة على الأراضي التي نعيش بها. وانتقالنا من هنا إلى مكان آخر بحثًا عن الماء والكلأ، يعني سيطرتهم على المكان".

يضيف حوامدة: "ورثنا هذه الأرض عن أجدادنا منذ مئات السنين، فكيف تكون منطقة عسكرية مغلقة، ولماذا؟". ويستطرد قائلا: "حتى الحطب الذي يدخل ضمن أساسيات حياتنا ونستخدمه للطبخ، بات الحصول عليه مغامرة محفوفة بالمخاطر نتيجة اعتداءات المستوطنين وبناء جدار الفصل العنصري، الذي عزلنا عن الحرج الذي اعتدنا إحضار حاجتنا منه".

ويسكن بعض هؤلاء السكان الفلسطينيين في خيم متنقلة وكهوف، يبلغ عمق بعضها خمسة أمتار. ومن هذه الكهوف ما هو للعيش، وأخرى للطبخ، وثالثة للتخزين. وعلى مقربة منها، تتواجد خزانات وآبار مياه، بعضها مخصص لشرب السكان وقضاء حاجاتهم المنزلية، وأخرى للمواشي.

ويوضح حوامدة أن مصدر مياه الآبار الأساسي هو أمطار الشتاء، أما الخزانات، فيتم شراء مياهها بمبالغ باهظة. كما لا تتوافر في هذه المنطقة الممتدة عبر "الخط الأخضر" خدمات طبية بالشكل المطلوب. فيلجأ السكان، معظم الأحيان، لنقل المرضى إلى البلدات المجاورة على ظهر الدواب.

كما يتحمل السكان اعتداءات متكررة من المستوطنين على الكبار والصغار. في تلك الظروف يعيش السكان الفلسطينيون، ويتحضرون لمحاولات اقتلاعهم من أرضهم.

لكن وعلى بعد بضعة كيلومترات فقط من المكان، تتناقض الحياة تماماً في مستوطنة "شاني" الإسرائيلية. هناك يتمتع المستوطنون بالرفاهية، وينعمون ببرك السباحة، والشوارع المعبدة النظيفة، وشبكات الاتصالات والماء والكهرباء والمتنزهات والمشافي الصحية المجهزة بأحداث الأجهزة الطبية.

تناقض يدعو الحاج الستيني أبو سليم الذي عاش منذ الصغر في منطقة طوبا في المنطقة المهددة بالمصادرة، إلى التمسك أكثر بأرضه والقول: "هذا التراب لا يقدر بثمن، ومن العار بيعه أو تركه يذهب للاحتلال".