استئناف التلقيح ضد الحصبة في سورية خلال أيام

استئناف التلقيح ضد الحصبة في سورية خلال أيام

20 سبتمبر 2014
سورية سجّلت 8300 إصابة بالحصبة خلال أشهر (Getty)
+ الخط -

توقّع مسؤول في فريق العمل لمكافحة مرض الحصبة في سورية، استئناف حملة التلقيح في مدينة دير الزور خلال الأيام القليلة المقبلة، قبل أن تُستأنَف أيضاً في محافظة إدلب عقب انتهاء لجان التحقيق من عملها في قرى المحافظة التي شهدت وفاة 15 طفلاً على أقل تقدير وإصابة العشرات، من جرّاء خطأ طبي أثناء عمليّة تلقيح الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السوريّة.

وقال رئيس اللجنة اللوجستيّة في فريق التلقيح، الدكتور خالد ميلاجي، لـ"العربي الجديد"، إن "خطر انتشار مرض الحصبة في سوريا كبير جداً، ويجب استئناف الحملة في أسرع وقت ممكن"، مضيفاً أن نسبة الوفيات نتيجة الإصابة بالمرض في حالات وبائيّة، كالتي تحصل في سورية، قد تصل إلى 30 في المئة.

واستبعد ميلاجي وجود أي فعل متعمّد خلف الحادثة، معيداً الأمر إلى إهمال مدير المركز الصحي في المنطقة. أضاف: "جرى تخصيص موظفَين اثنَين لكل براد من البرادات التي توضع فيها اللقاحات في جميع المراكز الصحيّة طيلة فترة الحملة. وهو إجراء غير متّبع في حملات التلقيح عالمياً، لكن الظروف الحاليّة في سورية دفعتنا إلى اتخاذ مثل هذا الإجراء. إلا أن إهمالاً وقع على ما يبدو من قبل مدير المركز الصحي والموظف المكلّف بمراقبة البراد، ما أدّى إلى وضع العبوة الخطأ في البراد".

وكانت الوفيات قد وقعت بعد قيام فريق التلقيح باستخدام مادة "الأتراكوريوم" المخدّرة بدلاً من المادة الخاصة لإذابة اللقاحات، وهي مواد متشابهة من حيث العبوة.

وعلم "العربي الجديد" أن المركز الصحي في بلدة سنجار يقع في داخل أحد المشافي في المنطقة، وأن المادة المخدّرة تُستخدَم عادة في غرف العمليات ولها براد خاص. وقد جرى وضعها عن طريق الخطأ في براد اللقاحات. كذلك أشارت تقارير طبيّة إلى أن الكميّة التي أعطيت للأطفال بلغت خمسة مليغرامات، وهي عشرة أضعاف الكميّة التي تعطى للمريض في أثناء العمل الجراحي.

اعتقال 4 أشخاص

حادثة وفاة الأطفال لم تمرّ من دون تبعات أمنيّة على الأرض، إذ قامت اللجان الأمنيّة التي تتبع عدداً من الكتائب المسلحة في ريف إدلب، بإيقاف أربعة أشخاص من فرق التلقيح الجوالة. وأوضح مصدر في فريق التلقيح، لـ"العربي الجديد"، أن إيقاف الملقّحين جاء عقب وفاة الأطفال بانتظار صدور نتائج التحقيق. إلا أن المصدر أشار في الوقت عينه، إلى أن توقيف الأشخاص الأربعة يشكّل حماية لهم من ردود فعل غاضبة من قبل أهالي الأطفال.

وفي سياق متصل، أصدر أهالي قرية سنجار، التي وقعت فيها الوفيات، بياناً اطلع "العربي الجديد" على مضمونه، طالبوا فيه بلجنة تحقيق محايدة لكشف ملابسات الحادثة وتجريم المسؤولين عن وفاة الأطفال وتعويض ذويهم، بالإضافة إلى "اعتبار اللقاح حق من حقوق أطفالنا لا نسمح بالتنازل عنه"، وأن تتمّ متابعة التلقيح بحضور فريق طبي مختص على أعلى المستويات.

لجنة تحقيق دوليّة

دولياً، أعربت منظمة الصحة العالميّة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، في بيان نشر على موقع "اليونيسيف"، عن "حزنهما العميق" لوفاة الأطفال، وشددتا في الوقت نفسه على أهميّة "استئناف حملات التلقيح ضد الحصبة ـ ذلك المرض الذي يعدّ قاتلاً رئيسياً للأطفال ـ بأسرع وقت ممكن في سورية".

كذلك شكلّت المنظمتان الدوليتان لجنة خاصة للتحقيق في ملابسات الوفيات، وعلم "العربي الجديد" أن فريق التحقيق الدولي التقى في تركيا عدداً من أعضاء فريق التلقيح. لكن مصدراً مطلعاً أشار إلى أن عمل اللجنة المذكورة ينحصر في الجانب الفني لأسباب حصول الوفاة.

يُشار إلى عدد الإصابات بمرض الحصبة التي سجّلت في سوريا خلال الأشهر الماضية بلغت 8300 حالة، وعادة ما تبلغ نسبة الوفيات عالمياً 10 في المئة من إجمالي الإصابات، لكنها قد ترتفع إلى معدلات أعلى في حالات الوباء ونتيجة لنقص التغذية وفيتامين "أيه".

ومن الجدير ذكره، أن المرحلة الأولى من حملة التلقيح ضد الحصبة كانت قد بدأت في شهر أغسطس/ آب الماضي، فيما بدأت المرحلة الثانية في 15 من شهر سبتمبر/ أيلول الجاري، وبلغ عدد الأطفال الذين تلقوا اللقاحات في الحملة نحو 47 ألف طفل قبل توقّف التلقيح. وكانت فرق طبيّة مماثلة قد أجرت خلال الأشهر السابقة حملات تلقيح متتالية ضد مرض شلل الأطفال، وتمكنت من تلقيح ما يزيد عن مليون طفل في كل مرّة من دون تسجيل أي حوادث أو إصابات.

المساهمون