عنصرية ترامب... قتل جماعي في شوارع أميركا

عنصرية ترامب... قتل جماعي في شوارع أميركا

04 اغسطس 2019
صلاة من أجل ضحايا إل باسو (ماريو تاما/ Getty)
+ الخط -

تتكرر الحوادث الدموية في الولايات المتحدة، خصوصاً تلك المرتبطة بجرائم كراهية يرتكبها بيض ضدّ أقليات مختلفة. ولعلّ وتيرة هذه الهجمات ازدادت في عهد الرئيس دونالد ترامب، المشهود له بالخطاب العنصري

العنصرية التي يزرعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ حملته الانتخابية، ضدّ المهاجرين وغيرهم، حصدت ضحايا عديدين في الولايات المتحدة بالذات، خصوصاً مع استمرار الجمهوريين في دعم انتشار السلاح في أيدي المدنيين. يوم السبت، وليلة السبت الأحد، كانت البلاد فيهما على موعد مع حدثين دمويين أدّيا إلى مقتل تسعة وعشرين شخصاً وإصابة عشرات آخرين.

في التفاصيل، قُتل 20 شخصاً السبت، في إطلاق نار، في أحد الفروع المكتظة من متاجر "وولمارت" بمدينة إل باسو، في ولاية تكساس. بعدها بساعات، قُتل تسعة أشخاص في ولاية أوهايو في حادث مماثل. وبينما تمكنت الشرطة من إلقاء القبض على المهاجم الأول، لقي مطلق النار الثاني حتفه.

"نهوض أميركا"
في إل باسو، أظهرت تسجيلات كاميرات الهواتف العديد من الجثث على أرض مرآب المتجر، فيما أظهرت تسجيلات أخرى متسوقين يفرون مذعورين من المحل بينما كان يُسمع دوي إطلاق النار.

في تعليقه على الحادث، قال حاكم تكساس، غريغ آبوت: "عشرون شخصاً أبرياء من إل باسو فقدوا حياتهم. نحن كولاية، نتكاتف في دعم هؤلاء الضحايا وأفراد أسرهم... ندعو كي يكون الله مع هؤلاء الذين تأذوا بأيّ طريقة وأن يداوي جراحهم".




من جهته، أشار قائد الشرطة في إل باسو، غريغ آلن، الى وجود 26 جريحاً. وذكرت تقارير مختلفة أنّ أعمار المصابين الذين يتلقون العلاج في المستشفيات تتراوح بما بين عامين و82 عاماً. وقالت الشرطة إنّ ما بين 1000 و3 آلاف متسوق كانوا في المتجر لدى إطلاق النار. وأكدت الشرطة أنّ المشتبه فيه الذي جرى اعتقاله "رجل أبيض يبلغ الحادية والعشرين" من مدينة آلين بولاية تكساس. وقالت وسائل إعلام أميركية إنّ اسمه باتريك كروزيوس. وقد سلّم نفسه إلى الشرطة على بعد مجمع من "وولمارت". وأضاف آلن: "لدينا بيانٌ من هذا الشخص يُشير، الى حدٍّ ما، إلى وجود ارتباط محتمل بجريمة كراهية". والبيان الذي تحدث عنه آلن، والذي يعتقد أن كروزيوس كتبه ونشر على الإنترنت، يتضمن فقرات تندد بـ"غزو ذوي الأصول الإسبانية" لتكساس، ويشير الكاتب بوضوح إلى أنه يتوقع أن يُقتل خلال هجومه. ومما اطلعت عليه "العربي الجديد" في البيان الخاص بالمهاجم، أنّ بعض الناس قد يعتبرون دوافعه المرتبطة بـ"الغزو الهسباني" أي الأميركي اللاتيني، نفاقاً بسبب إقدام أجداده الأوروبيين على غزو أميركا وإبادة السكان الأصليين، لكنّه في المقابل، يؤكد أنّ تلك النقطة تعزز رؤيته: "السكان الأصليون لم يأخذوا غزو الأوروبيين على محمل الجدّ، والآن لم يبق منهم غير ظلّ ما كانوا عليه". وختم بيانه: "كثيرون يعتبرون أنّ الحرب من أجل أميركا قد وصلت إلى الخسارة بالفعل. هم بالتأكيد مخطئون. هذه هي فقط بداية الدفاع عن أميركا وأوروبا. أتشرف بقيادة الحرب من أجل نهوض بلدي من الدمار".

دورية في إل باسو في أعقاب الحادث (جوناثان يتوراليس/ الأناضول) 












ومن الواضح أنّ بيان المهاجم يتغذى من مسار طويل من العنصرية التي تحكم خطاب الرئيس الأميركي ترامب، وصقور إدارته، خصوصاً في ما يتعلق بمعاداة المهاجرين واتخاذ إجراءات إدارية عديدة ضدهم وصلت إلى حدّ التهديدات بترحيل كثيرين، بالإضافة إلى إقفال الحدود في وجه مهاجري أميركا اللاتينية، وفصل الأبناء عن أهلهم في مئات الحالات.

مع ذلك، لم يتورّع ترامب عن إبداء أسفه لسقوط "الكثير من القتلى" في إطلاق النار "المروّع" الذي وقع السبت في مركز تجاري بمدينة إل باسو في ولاية تكساس. وقال ترامب في تغريدة على حسابه الشخصي في موقع "تويتر": "إطلاق نار مروّع في إل باسو. المعلومات الواردة سيئة للغاية، نتحدث عن الكثير من القتلى. لقد تحدّثت مع حاكم ولاية تكساس غريغ آبوت لكي أقدّم إليه دعم الحكومة الفدرالية" وأضاف: "ليست هناك أسباب أو أعذار تبرر قتل الأبرياء". تابع ترامب في تغريدة لاحقة: "نرسل أنا وميلانيا (زوجته ميلانيا ترامب) عواطفنا وصلواتنا إلى شعب تكساس العظيم".




بدورهم، قال شهود عيان إنّ المسلح قام على ما يبدو بإطلاق النار عشوائياً عند الساعة 10:30 صباحاً. وذكرت امرأة وقد عرّفت عن نفسها باسم فانيسا "توجهت إلى المَخرج. ورأيت رجلاً يرتدي قميصاً أسود وسروالاً مرقّطاً ويحمل ما بدا لي أنّها بندقية. كان يصوّبها على الناس ويطلق النار مباشرة عليهم. رأيت ثلاثة أو أربعة أشخاص يسقطون أرضاً". وروى متسوق آخر كيف تمكن من تجنب الرصاص بالاختباء مع والدته بين ماكينتي بيع خارج المتجر.

جاء هذا الهجوم بعد هجوم آخر قبله بأيام، وتحديداً الأحد، 28 يوليو/ تموز الماضي، قُتل فيه ثلاثة أشخاص، أحدهم صبي عمره ستة أعوام، برصاص شاب يبلغ من العمر 19 عاماً أطلق النار في مهرجان للطعام في غيلروي بولاية كاليفورنيا.

الموت في أوريغون
أما هجوم أوهايو الذي قتل فيه تسعة أشخاص، ليل السبت - الأحد، بمن فيهم المهاجم، فقد وقع في حيّ أوريغون، بمدينة دايتون، عند الساعة الواحدة صباحاً، لكنّ رجال الشرطة الذين كانوا على مقربة من مكان الحادث تمكنوا من "وضع نهاية له على وجه السرعة" بحسب ما ذكرت الشرطة، التي لم تكن سريعة كفاية في ما يبدو لمنع سقوط القتلى، ومعهم 16 جريحاً على الأقل جرى نقلهم إلى المستشفيات.

من موقع الحادث في أوريغون (ديريك مايرز/ فرانس برس) 












وأشار الضابط في الشرطة المحلية، مات كاربر، إلى أنّ الحيّ مكتظ بالحانات والملاهي الليلية، وأكد أنّ "مطلق النار قُتل متأثراً بجروح أصيب بها برصاص الشرطة التي كانت تردّ" على مصدر النيران، مشيراً إلى أن أي شرطي لم يصب بجروح. وأضاف أنّ المشتبه به فتح النار في الشارع مستخدماً "بندقية وعدة مخازن" ذخيرة. وتابع: "لحسن الحظ، كان لدينا العديد من عناصر الشرطة في الحيّ عندما بدأت العملية، لذلك كانت هناك حلقة قصيرة جداً من العنف، كنا محظوظين للغاية". واعتبر كاربر أنّه حادث مأساوي جداً وسنقوم بكلّ ما بوسعنا لمحاولة تحديد دوافع" مطلق النار. وأضاف: "بالطبع، سنستجوب عدداً كبيراً من الشهود بالإضافة إلى رجال شرطة لتحديد أيّ متورطين". وتعمل الشرطة على تحديد هوية المهاجم ويحضر عناصر مكتب التحقيقات الفدرالي "أف بي آي" في المكان لتقديم كلّ المساعدة اللازمة، وفق قوله. ولفت إلى أنّ حيّ أوريغون هو عادة "منطقة آمنة جداً في وسط مدينة" دايتون.

مجازر متلاحقة
وتشهد الولايات المتحدة عمليات إطلاق نار متكررة من هذا النوع. من بين هذه الحوادث ما جرى في فرجينيا بيتش، في 31 مايو/ أيار الماضي، إذ هاجم موظّف يعمل في المرافق العامة مجمّعاً حكوميّاً بالرصاص، ما أسفر عن مقتل 12 شخصاً، بالإضافة إلى مقتل المهاجم على يد الشرطة.

وفي كنيس يهودي في بيتسبرغ، في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، قُتل 11 شخصاً برصاص روبرت باورز "المعادي للسامية"، قبل اعتقاله.

وفي أنابوليس بولاية ماريلاند، قتل "ذكر أبيض" أوقفته الشرطة في أعقاب الحادث خمسة أشخاص على الأقل في 28 يونيو/ حزيران 2018 في قاعة تحرير صحيفة "ذا كابيتال".
وفي 18 مايو/ أيار 2018، قتل التلميذ ديميتريوس باغورتزيس (17 عاماً) شخصين بالغين وثمانية قاصرين في مدرسته الثانوية في تكساس، قبل اعتقاله.

وفي باركلاند، فلوريدا، في 14 فبراير/ شباط 2018، أطلق الشاب نيكولاس كروز (19 عاماً) النار في مدرسة، ما أدى إلى مقتل 17 شخصاً (14 تلميذاً و3 موظفين بالغين) قبل توقيفه.




وفي كنيسة ساذرلاند في تكساس، في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، قتل رجل 25 شخصاً خلال قداس، وأصاب عشرين شخصاً. وعثرت الشرطة على جثته في سيارته.
وفي لاس فيغاس، في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2017، فتح ستيفن بادوك (64 عاماً) النار من الطابق الثاني والثلاثين لفندق "ماندالاي باي" على حشد في أسفل المبنى كان يحضر حفلاً موسيقياً، ما أسفر عن سقوط 58 قتيلاً ونحو 500 جريح، وانتحار المهاجم.
وفي أورلاندو، في 12 يونيو/ حزيران 2016 قُتل أميركي من أصل أفغاني يدعى عمر متين، 49 شخصاً وأصاب 50 بجروح في ملهى ليلي لمثليي الجنس، قبل مقتله على يد الشرطة.

وفي سان برناردينو، كاليفورنيا، في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2015، فتح زوجان من أصل باكستاني النار خلال حفل بمناسبة عيد الميلاد، ما أوقع 14 قتيلاً و22 جريحاً، قبل مقتلهما على يد الشرطة.

المساهمون