أولويات الأوروبيين قبيل انتخابات البرلمان: قضايا البيئة والهجرة

أولويات الأوروبيين قبيل انتخابات البرلمان: قضايا البيئة والهجرة

15 مايو 2019
قضايا البيئة تهم الكبار والصغار (ناصر السهلي)
+ الخط -


يتوجه الأوروبيون نحو صناديق الاقتراع، بين الـ23 والـ26 من الشهر الحالي، لاختيار ممثليهم في البرلمان الأوروبي، وتبدو مشاغلهم البيئية جذابة للمرشحين بعد أن اصبحت قضايا البيئة والتغيرات المناخية "مقلقة" حتى للصغار.

وشارك الأوروبيون آخر مرة في التصويت لانتخابات البرلمان الأوروبي قبل خمس سنوات، أي قبيل نشوء ما يسمى "أزمة اللجوء" في عام 2015. وبالتالي لم تكن لها الأولوية التي أصبحت عليها اليوم في عدد من دول القارة، وتحولت لدى بعضهم إلى عنوان يسمى "قضية الهجرة" لتحتل موقعاً متقدماً في انشغالات مواطني القارة، أو على الأصح مواطني الاتحاد الأوروبي.

وإذا تتبع المراقب سجالات مرشحي الأحزاب والتيارات السياسية في الإعلام وعبر حملاتهم وفي ندواتهم التلفزيونية والمحلية، بخصوص من يحق لهم التصويت، طلابا وعمالا ومتقاعدين، بل وحتى صغار السن، لزوم إظهار حرصهم كل 5 سنوات، يجد أن قضايا "البيئة" تتسلق ببطء سلم الأولويات، حتى ليظن المصوتون أن مرشحي يمين الوسط واليسار صاروا فجأة جميعا من الخضر والبيئيين.

وبالرغم من أن مراكز قياس الرأي الأوروبية تخرج بنتائج غير مبشرة عن أن نحو 51 في المائة في المتوسط هم من سيدلون بأصواتهم، وهي النسبة الأقل مقارنة بانتخابات البرلمانات الوطنية، إلا أن الاستطلاعات المتتالية تفيد أيضا ببعض المتغيرات في الأولويات التي تقلق وتخيف الشارع.

فالقضية البيئية لم تعد من اهتمام الأوروبيين الشماليين فحسب، كالسويديين والدنماركيين والنرويجيين رغم أنهم ليسوا في نادي الاتحاد الأوروبي، إذ جرت العادة على وضع الاسكندنافيين مع جيرانهم الألمان إلى حدّ ما في هذا الجانب من الاهتمامات.

البيئة تنافس قضايا الهجرة والبطالة في أوروبا حالياً (ناصر السهلي) 

ورغم أن مسألة البيئة وتأثيراتها على الشعوب ليست في المرتبة الأولى، إلا أنها تلحق هذه الأيام بالعناوين محور الاهتمام وهي: الهجرة والبطالة والمساواة الاجتماعية والجريمة.

ففي نتائج استطلاع حديث لمؤسسة "إيبسوس" لقياس الرأي يبدو أن اهتمام الألمان البيئي ارتفع من نحو 9 في المائة في 2017، إلى نحو 26 في المائة هذه الأيام. كما يدفع توسع الاهتمام الأوروبي بالبيئة الفرنسيين إلى زيادة نسبة اهتمامهم، التي كانت بنفس مستوى اهتمام الألمان، لتقفز الآن إلى 20 في المائة. وحتى البريطانيون، في ظل أزمة "بريكست"، يبدون اهتماما بقضايا البيئة بنسبة 16 في المائة بعد أن كانت النسبة 8 في المائة، كذلك يرى 13 في المائة من الإسبان أن قضايا البيئة لها الأولوية، بعد تسجيلهم نسبة 4 في المائة في 2017.

ويقول مدير التحليل في مؤسسة "إبسوس"، ماثيو غولارد: "نرى بشكل عام اتجاهاً تصاعدياً كبيراً عندما يتعلق الأمر بشواغل البيئة في معظم دول القارة".

الانشغال بالبيئة تصاعدي (ناصر السهلي) 



الاستطلاعات في ألمانيا تفيد بأن مرشحي حزب "الخضر" يحصدون اليوم تأييدا متعاظما برفع لواء البيئة والتغيرات المناخية واقتراح سياسات زراعية أوروبية جديدة. وفي فرنسا تتوالى اهتمامات المرشحين لانتخابات البرلمان الأوروبي، من يمين الوسط إلى اليسار، بقضايا البيئة.

وتذكر، في السياق، المفوضة الدنماركية البيئية السابقة، كوني هيدغورد، ورئيسة مجلس إدارة الفكر الأخضر "كونسيتو"، بأننا "أمام ظاهرة يبدي فيها المتشككون والمؤيدون للاتحاد الأوروبي اهتماما بالقضية البيئية والتغير المناخي كشاغل أوروبي مشترك".

حتى الأحزاب اليسارية، مثل حزب اللائحة الموحدة، الذي ظل حتى وقت قريب متشككا ومنتقدا للاتحاد الأوروبي بات الآن أكثر ميلاً إلى اعتبار أن الحلول للتحديات يجب أن تكون أوروبية مشتركة.

الاهتمام المشترك، بتحول القضايا البيئية إلى ما يشبه تياراً أوروبياً، ينطلق أيضا من فكرة أن هذا البرلمان الأوروبي الجامع صار له مع الوقت نفوذ وقدرة على إصدار تشريعات تؤثر في نتائجها على يوميات نحو 500 مليون إنسان في القارة.

القلق من الهجرة

لكن رغم تفاؤل البيئيين الأوروبيين بزيادة الاهتمام الشعبي والحزبي بالقضايا التي ظلوا يطرحونها لعقود، تبقى مسألة الهجرة متصدرة شواغل مواطني القارة، وبنسبة تصل في المتوسط إلى نحو 50 في المائة، وهي ترتفع وتنخفض بحسب البلد وظروفه.

فعلى سبيل المثال، تتراجع انشغالات الإيطاليين بالبيئة لمصلحة القلق من البطالة والأزمة الاقتصادية، وتنسحب أيضاً على اتهام ألمانيا ومستشارتها أنغيلا ميركل، وجيرانها الفرنسيين وغيرهم، تناغماً مع تيار يميني متشدد فتح النار بزعامة وزير الداخلية الإيطالي على كل ما يخص مسألة الهجرة.

ويبدو أنه بقدر ما يكون الحاكم أو الحزب الذي يقود ائتلافا حكوميا، متشددا في مسائل الهجرة، بقدر ما تكون تلك القضية هي الأولوية. ففي المجر لا يوجد لاجئون ومهاجرون بالحجم المماثل للسويد أو النمسا، ورغم ذلك يجعل رئيس وزرائها فيكتور أوربان تلك القضية على سلم المشاغل.

والملاحظ أيضاً أنه رغم اتساع مشاغل الدنماركيين بالقضايا البيئية والتغيرات المناخية بنسبة تتجاوز 40 في المائة إلا أن "تدفق اللاجئين والمهاجرين" احتل نسبة تصل إلى 53 في المائة من مشاغل ناخبي البرلمان الوطني يوم 5 يونيو/حزيران القادم، والأوروبي في 26 الجاري.​