عائلات ضحايا عبّارة الموصل تنتظر أبناءها على ضفّتي دجلة

عائلات ضحايا عبّارة الموصل تنتظر جثث أبنائها على ضفّتي دجلة

28 ابريل 2019
ينثرنَ الأزهار في موقع الحادثة (زيد العبيدي/ فرانس برس)
+ الخط -

ما زال عشرات من أهالي مفقودي عبّارة الموصل المنكوبة يرابطون يومياً على ضفّتَي دجلة وفي مناطق مختلفة، في انتظار أن يفرج النهر عن جثث أبنائهم. وكان هؤلاء على متن العبّارة السياحية يحتفلون بالنوروز للمرّة الأولى منذ تحرير مدينتهم من تنظيم "داعش".

حتى هذا اليوم، الأحد 28 إبريل/ نيسان 2019، فإنّ 45 شخصاً ما زالوا في عداد المفقودين في الموصل، شمالي العراق، ويبحث عنهم نحو 100 متطوّع وأكثر من 30 زورقاً. ويخشى ذوو الضحايا من أن يصيب الملل هؤلاء المتطوّعين فيغادرون المكان من دون العثور على أبنائهم، لذا يحرصون على التودّد إليهم بطرق مختلفة لحثّهم على الاستمرار في بحثهم.

أحمد نعيم من هؤلاء، وهو فقد شقيقه في دجلة. يقول لـ"العربي الجديد": "والدتي تنتظره وأنا وعدتها بأن آتي به". يضيف أنّه "لا بدّ من العثور عليه، فالنهر لا يحوي أسماكاً مفترسة والمياه دفعت بجثّته إلى مكان محدد. لم نقطع الأمل". ويشير نعيم إلى أنّ شقيقه المفقود هو "أشبه بابن لي، فهو الصغير واهتممت به بعد وفاة والدنا. لذا فإنّه من غير الممكن وصف مصابي". ويرى أنّ "السلطات العراقية طوت صفحة الفاجعة وقد تحوّل الأمر إلى مادة للمناكدة السياسية لا أكثر".

من جهته، فقد مروان عبد القادر ابنه البالغ من العمر 21 عاماً في تلك الحادثة ولم يعثر على جثته حتى اليوم. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "ولدي كان يعمل في الجزيرة السياحية في الموصل"، مناشداً من وصفهم بـ"الخيّرين" العثور على "جثة ولدي المفقود".


في السياق، يتحدّث متطوّعون عن "غياب الحكومة عن هذه المأساة"، مشيرين إلى أنّهم مستمرون في محاولاتهم للعثور على جثث الغارقين كلها "بإمكانات بدائية". جاسم الجبوري من هؤلاء، فيقول لـ"العربي الجديد": "أحاول كمتطوّع مع بعض أصدقاء لي ممّن يجيدون السباحة، الغوص يومياً على أمل العثور على جثث ضحايا العبّارة، غير أنّ ذلك من دون جدوى كبيرة لأنّنا لا نملك عدد الغوص اللازمة".

يضيف: "يحزنني كثيراً منظر أهالي الضحايا وهم يرابطون عند جانبَي النهر يومياً وحتى ساعة متأخرة من الليل لمعرفة مصير أبنائهم المفقودين الذين ابتلعهم النهر". يُذكر أنّ غوّاصين من إقليم كردستان العراق وتركيا شاركوا في عمليات انتشال جثث الضحايا بعد غرق العبارة، لكنّ عشرات الجثث ما زالت مفقودة في النهر.

يشير الغوّاص مجيد الصميدعي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "ارتفاع منسوب المياه بسبب السيول والأمطار عقّد عمليات البحث عن المفقودين في النهر، فضلاً عن ضعف إمكانات الشرطة النهرية وعدم تخصيص الحكومة العراقية ما يكفي من المستلزمات والعدد الخاصة بالغوّاصين". يضيف: "لا شكّ في أنّ تيار المياه القوي قد جرف الجثث إلى مسافات بعيدة عن مكان غرق العبّارة، لذا فإنّ عملية البحث معقّدة وتحتاج إلى جهود حثيثة وعدد كبير من الغواصين لتغطية طول النهر".

تفيد مصادر أمنية من مدينة الموصل "العربي الجديد" بأنّ "فريق الغوّاصين العراقي - التركي المشترك ما زال مستمراً بعمليات البحث عن جثث المفقودين على مسافة تصل إلى 100 كيلومتر عن مكان غرق العبّارة، باستخدام أجهزة متطوّرة". وتشرح أنّ "الفريق التركي يتألّف من 20 غوّاصاً تابعين للبحرية التركية إلى جانب عدد من الغوّاصين العراقيين".

وكانت مفوضية حقوق الإنسان العراقية قد كشفت في بيان لها عن إنقاذ 33 شخصاً من ضحايا العبّارة وانتشال نحو 127 جثّة، في حين سجّلت فقدان 54 شخصاً آخرين. وقد هزّت كارثة غرق العبّارة الرأي العام المحلي، الأمر الذي استدعى اعتقال 11 شخصاً في المدينة من بينهم مالك العبارة، في حين أقيل محافظ الموصل نوفل العاكوب وصدرت مذكرة قبض بحقه. والكارثة وقعت في 21 مارس/ آذار الماضي في الجزيرة السياحية بمدينة الموصل، شمالي البلاد، وقد عدّها مراقبون واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في البلاد بعد نحو عامَين على تحرير المدينة من سيطرة تنظيم "داعش".