ممنوعون من الحج

ممنوعون من الحج

20 اغسطس 2018
تمنع السعودية البعض من الالتزام بالآية (عامر هيلابي/فرانس برس)
+ الخط -
مع توافد ملايين الحجاج سنوياً إلى المملكة العربية السعودية لأداء شعيرتي الحج والعمرة في مكة المكرمة، وتصريحات السلطات السعودية والجهات المسؤولة عن الحج أنّها لا تمنع أيّ مسلم من الدخول إلى الحرم المكي أو المدني، فإنّ أعداداً كبيرة من المنتمين إلى أحزاب وتيارات إسلامية وغير إسلامية تصنّفها السعودية على أنّها تيارات "إرهابية" ما زالت ممنوعة من الحج والعمرة.

تمنع السلطات السعودية كثيراً من الأكاديميين الكويتيين المنتمين إلى الحركات الإسلامية في الكويت من دخول أراضيها، خصوصاً أولئك المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين أو حزب الأمة الإسلامي، أو المقربين من الحركات الإسلامية الأخرى التي تعمل في الكويت بكلّ حرية، ولديها ممثلون في البرلمان وفي التشكيل الحكومي.

أبرز هؤلاء الممنوعين هو الدكتور طارق السويدان، الذي يعد أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين في الكويت، والذي كان يدير قناة "الرسالة" الإسلامية المملوكة لرجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال، قبل أن يطرد منها لموقفه من الانقلاب ضد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي عام 2013. مُنع بعدها من الحج والعمرة ودخول الأراضي السعودية مطلقاً، في العام نفسه، بحسب إعلانه على موقع تويتر نتيجة لمواقفه السياسية.




تشمل قائمة الكويتيين الممنوعين من الحج أيضاً كلاً من الشيخ حجاج العجمي، والدكتور حامد عبد الله العلي، والدكتور حامد حمد العلي، والدكتور شافي العجمي، والدكتور نبيل العوضي، وجميع هؤلاء أساتذة في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي، التي تعد ثاني أكبر مؤسسة تعليمية في البلاد بعد جامعة الكويت.

من جهته، حاول حسين المطيري، وهو ابن أحد الإسلاميين الكويتيين المصنفين على قوائم الإرهاب في السعودية، الذهاب لأداء مراسم العمرة مع زوجته وابنيه، لكنّه فوجئ بتوقيف السلطات له على الحدود وترحيل زوجته وابنيه إلى الكويت واحتجازه لمدة شهر كامل، وأُخذ تعهّد عليه بعدم العودة إلى السعودية مطلقاً. يقول المطيري لـ"العربي الجديد": "اقتدت إلى سجن حدودي بالرغم من محاولة إفهامهم أنّني جئت للعمرة فقط، لكنّهم قالوا لي إنّني ممنوع من دخول البلاد مطلقاً، سواء كان ذلك للحج والعمرة أو لأيّ غرض آخر. تعرضت للضرب، وطُلب مني تمرير رسالة واضحة لأشقائي وأبي أنّنا ممنوعون من دخول السعودية إلى الأبد".

كذلك، فإنّ السلطات السعودية تمنع أعضاء حزب الأمة الإماراتي، المصنف كحزب إرهابي لديها ولدى حليفتها الإمارات، من دخول البلاد وأداء مراسم الحج والعمرة، إذ إنّ قادة الحزب، مثل المعارض الإماراتي حسن الدقي، يتخوفون من قيام السلطات السعودية بتسليمهم للإمارات حال وصولهم إلى الأراضي المقدسة.

في قائمة المنع، تتواجد أحزاب المعارضة البحرينية المنتمية للطائفة الشيعية، إذ إنّ قوائم الحجاج البحرينيين العاديين الآتين من بعثة الحج البحرينية تخضع للتدقيق من قبل السلطات السعودية والبحرينية في آن واحد. كما أنّ رموز المعارضة البحرينية التي تعيش في منافيها في أوروبا وأميركا وإيران والعراق، ممنوعة تماماً من دخول السعودية وأداء مراسم الحج. يقول معارض بحريني مقيم في لندن، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّه تقدم بطلب للحج وفقاً لجوازه البريطاني الذي تحصّل عليه نتيجة حصوله على اللجوء السياسي هناك، لكنّه تلقى نصيحة من السفارة السعودية بعدم الذهاب إلى الحج. يتابع: "لم يكن رفض سفري واضحاً، لكنّ التهديد المغلف برداء النصيحة كان واضحاً جداً بسبب نشاطاتي في إدانة تصرفات الحكومة البحرينية تجاه المواطنين ومساندة الحكومة السعودية لها في هذا القمع، على القنوات والصحف البريطانية".

في قائمة المنع، جماعة الإخوان المسلمين المصرية التي تعرضت لحملة قمع كبيرة بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الجيش المصري بمساندة السعودية والإمارات ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي المنتمي للجماعة نفسها. لا يستطيع قادة الجماعة أو كوادرها المقيمون في تركيا أو في دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا أداء مراسم الحج والعمرة؛ إذ يخشون من التغييب والسجن، أو تسليمهم للسلطات المصرية.

تملك السعودية سوابق في سجن المناوئين لها، حال قدومهم إلى الحج والعمرة، إذ سجنت عام 2012 المحامي أحمد الجيزاوي بعد مجيئه لأداء العمرة، واتهمته بتهريب حبوب محظورة في مطار جدة. لكنّ الجيزاوي كان أحد المعارضين للملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ورفع قضية ضده في المحاكم المصرية بتهمة إهانة المصريين وتعذيبهم والحط من كرامتهم. أدى الاعتقال إلى اشتعال التظاهرات في مصر أمام السفارة السعودية وقنصلياتها، مما حدا بالسلطات السعودية إلى استدعاء سفيرها في القاهرة آنذاك أحمد قطان للتشاور.




يقول المحامي الكويتي والخبير القانوني، مشاري الشمري، لـ"العربي الجديد": "هناك إشكالية في ملف منع المناوئين للسعودية أو المعارضين للحكم فيها والمصنفين في قوائم الإرهاب التي تصدرها السلطات السعودية ضد الأحزاب والتيارات الإسلامية، وذلك لأنّ الأجهزة الأمنية السعودية تخلط بين الدخول إلى أراضي البلد نفسه وبين الدخول إلى الأراضي المقدسة". يتابع: "هذه الإشكالية عائدة لعدم وجود قانون واضح وصريح يفصل بين الأراضي العادية الخاضعة للسعودية وبين الأراضي المقدسة، وهو أمر لا تريده الحكومة السعودية، لأنّه سيفقدها النفوذ السياسي والمالي على المكان المقدس الوحيد للمسلمين في العالم. لكن على المدى البعيد، فإنّ هذا الأمر لا يمكن له أن يستمر، لأنّه سيضرّ بصورة السعودية أمام العالم، وهو أمر أتمنى أن تلتفت إليه القيادة هناك بأسرع وقت".